نشرت صحيفة "التايمز" البريطانية تقريرا لمراسلها توم كنغتون في روما ومراسلتها بيل ترو في القاهرة، يقولان فيه إن
إيطاليا تحث
روسيا على أن تؤدي دورا رئيسا في تثبيت الاستقرار في
ليبيا.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن هذا تحرك فيه مخاطرة كبيرة لموسكو، لكنه يعطيها موطئ قدم في شمال أفريقيا، وسيطرة على تدفق المهاجرين، الذي تسعى أوروبا إلى وقفه.
ويبين الكاتبان أن إيطاليا لجأت لروسيا للمساعدة في أزمة اللاجئين، بالرغم من تحذيرات حلفائها الأوروبيين بخصوص دوافع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث قال وزير الخارجية الإيطالي ماريو جيرو: "كانت لإيطاليا دائما علاقات جيدة مع روسيا، والآن نريد ليبيا مسالمة وموحدة، يسرنا أن تكون روسيا تريد ذلك أيضا".
وتكشف الصحيفة عن أن رئيس الوزراء الإيطالي باولو جينتولوني، سيضغط على رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي لتأييد دور أكبر لروسيا في ليبيا، عندما يلتقيان في لندن اليوم، مشيرة إلى أن بريطانيا كانت أقرب حلفاء إيطاليا في الجهود لتحقيق الاستقرار في ليبيا، وإيقاف مرور المهاجرين إلى أوروبا، حيث وصل إليها أكثر من 180 ألف مهاجر العام الماضي.
ويلفت التقرير إلى أن رئيس وزراء ليبيا
فايز السراج زار بروكسل وروما الأسبوع الماضي؛ لعقد صفقات لمنع الأفارقة من استخدام ليبيا ممرا إلى أوروبا، مستدركا بأن السراج لا يملك سوى القليل من النفوذ خارج طرابلس؛ وذلك بسبب منافسه القوي الجنرال خليفة
حفتر، الذي تدعمه حكومة منافسة في طبرق في شرق ليبيا، بالإضافة إلى أنه يتمتع أيضا بدعم كل من مصر والإمارات والآن روسيا.
ويذكر الكاتبان أن رئيس الوزراء المالطي جوزيف موسكات حذر الأسبوع الماضي من أن "الوضع أصبح معقدا" مع تدخل روسيا بجانب الجنرال حفتر، وحذر وزير الخارجية المالطي جورج فيلا من دوافع روسيا، وقال: "كلنا نعلم أن روسيا كانت تحلم بوجود قواعد لها في البحر الأبيض المتوسط"، لافتين إلى أن وزارة الدفاع الروسية كذبت تقارير على التلفزيون الإيطالي تشير إلى أن المحادثات بين الجنرال حفتر ووزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، أدت إلى اتفاق حول إقامة قاعدتين عسكريتين روسيتين في شرق ليبيا.
وتفيد الصحيفة بأن هناك مؤشرات بأن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب تتحرك نحو دعم الجنرال حفتر، وذلك جزئيا بسبب الخوف من أن حكومة السراج تعتمد على دعم المليشيات الإسلامية، مشيرة إلى أن مصدرا حكوميا إيطاليا أعرب عن مخاوف إيطالية من أن علاقات روسيا المتنامية مع الجنرال حفتر قد تقوض جهودها للعمل مع طرابلس، وقال: "مهم أن تعمل إدارة ترامب الجديدة الآن معنا في موضوع ليبيا، ونعتقد أنها ستفعل ذلك".
وينوه التقرير إلى أن تسعة آلاف مهاجر غامروا بركوب البحر من الشواطئ الليبية خلال العواصف الشتوية هذا العام، و"عادة ما يكره المهاجرون على ركوب قوارب صغيرة مكتظة تحت تهديد سلاح المهربين الذين يسيطرون على الشاطئ"، لافتا إلى أن عدد من وصلوا إلى الشواطئ الإيطالية عام 2016 من اللاجئين وصل إلى 181 ألف لاجئ، وهو رقم قياسي، وكذلك كان عدد المفقودين، حيث غرق 4500 شخص خلال محاولتهم الوصول إلى الشواطئ الأوروبية.
ويورد الكاتبان أن تمويل حرس الشواطئ الليبي له مخاطر، حيث أظهر فيديو لتلفزيون "سكاي" أمس رجالا مسلحين، يستخدمون أنابيب بلاستيكية يضربون بها اللاجئين، الذين أخرجوهم من مياه البحر الأبيض بالقرب من صبارتا في غرب ليبيا.
وبحسب الصحيفة، فإن المسؤولين الإيطاليين يعترفون بأن الاعتماد على السراج مخاطرة؛ لأن حملات الجنرال حفتر حدت من نفوذه، خاصة بعد أن وجد حفتر أصدقاء جدد في روسيا، بعد عمر من العلاقات مع أمريكا، فبعد أن قاد محاولة انقلاب فاشلة على القذافي عام 1987، يعتقد أن وكالة الاستخبارات المركزية كانت وراءها، عاش الجنرال في فرجينيا قبل العودة إلى ليبيا بعد مقتل القذافي خلال الثورة عام 2011.
وينقل التقرير عن أكرم بوحلايقة، أحد مساعدي الجنرال، قوله إن موسكو تدعم الجنرال حفتر، وستحاول الضغط على الأمم المتحدة؛ لإلغاء حظر الأسلحة المفروض على ليبيا، لتستطيع تسليح حفتر الذي يثقون به، وأضاف بوحلايقة من قاعدة الجنرال حفتر من بنغازي: "يعرفون أن مسيرته جيدة، ويرون كم هو ناجح في حربه على تنظيم الدولة والإرهاب، وفي الوقت ذاته فإن الحكومة التي تدعمها الأمم المتحدة ضعيفة جدا، ورئيسها ليست له شعبية".
ويقول الكاتبان إن وزارة الخارجية الروسية تنكر دعم جانب دون آخر، وقالت إن الكرملين يعمل مع الطرفين في ليبيا، ومن المقرر أن يزور السراج موسكو هذا الشهر.
وتورد الصحيفة نقلا عن مدير الأبحاث في معهد الأبحاث الاستراتيجية التابع لوزارة الدفاع الفرنسية بيير رازوكس، قوله: "تحاول روسيا أن تقوي من قبضتها وشرعيتها في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وتؤدي دورا في المفاوضات حول مستقبل قبرص، وواضح أنهم يرغبون بوجود قاعدة بحرية وجوية لهم على الجزيرة، وهذا سيكون مشكلة بالنسبة للقاعدة العسكرية البريطانية".
ويضيف رازوكس: "تريد روسيا أن تصل الى الغاز الموجود في البحر الأبيض، ولعلاقات جيدة مع الزعيم المصري عبد الفتاح السيسي، الذي يدعم الجنرال حفتر، بالإضافة إلى أنها تتحدث مع الجزائر عن إنشاء قاعدة لها هناك"، وكانت الجزائر اشترت طائرات ودبابات وطوافات من روسيا، التي استخدمت حملتها في سوريا لعمل الدعاية لصناعاتها الحربية، بحسب المحللين.
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول الزميل في "أتلانتك كاونسل" في واشنطن كريم مزران: "ستدعو إيطاليا روسيا لتشجيع حفتر لأن يصل إلى صفقة مع السراج، وتدفع الأخير في الاتجاه ذاته، أي شيء لتجنب سوريا ثانية".