نشرت صحيفة "فزغلياد" الروسية تقريرا؛ تحدثت فيه عن آخر التطورات على الساحة الليبية، والدعم المسلح الذي تقدمه موسكو للواء خليفة لحفتر.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن وسائل الإعلام الغربية نشرت مؤخرا خبر تلقي
حفتر شحنات كبيرة من الأسلحة الروسية، ما يؤكد فعلا توطد العلاقات بينه وبين موسكو. وعموما، أثار التقارب بين حفتر وموسكو مخاوف الدول الغربية التي ترى في حفتر دكتاتورا مستقبليا في
ليبيا سيهدد بلا شك مصالحها في المنطقة.
وذكرت الصحيفة أنه في حين كانت وسائل الإعلام العالمية تتناقل آخر مستجدات الشأن السوري في الأسبوع الماضي، حقق "الجيش الوطني الليبي" بقيادة حفتر انتصارا ساحقا على الجماعات المتطرفة شرق ليبيا، وتمكن من "تحرير" بنغازي، ثاني أكبر مدينة في ليبيا، بالكامل.
وأوردت الصحيفة أن قوات حفتر قد انتقلت إلى جنوب البلاد، حيث اشتبكت مع القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني؛ التي لا يقر حفتر بشرعيتها. وقد أدى هذا الاشتباك إلى انتشار حالة من الخوف لدى الأمم المتحدة والبلدان الغربية، نظرا لأنها تساند
حكومة الوفاق؛ التي تعارض بشدة خليفة حفتر، وتعتبره رمزا للديكتاتورية العسكرية.
وبيّنت الصحيفة أن
روسيا تعتزم فتح باب الحوار مع جميع الأطراف الفاعلة في الصراع السياسي الليبي. وفي هذا السياق، قال نائب رئيس الوزراء الليبي، أحمد معيتيق إن "ليبيا مستعدة لقبول أي مبادرة روسية ممكنة لإقامة حوار سياسي في البلاد"، وأن "موسكو لديها مواقف متزنة وعلاقات جيدة مع كل الأطراف".
وأوضحت الصحيفة أن وسائل الإعلام الغربية قد أشارت في العديد من المناسبات إلى ميل روسيا لدعم حفتر؛ الذي يسيطر على مساحات واسعة من شرق ليبيا الغني بالنفط، وذلك بغية الاستفادة من الموارد النفطية التي تخضع لسيطرة حفتر. علاوة على ذلك، بينت الصحف الإيطالية أن روسيا على استعداد لتمويل حفتر، وبالتالي تجديد الاتفاق الذي أبرم مع القذافي في سنة 2008.
ولفتت الصحيفة إلى أن القائد حفتر قد أفصح عدة مرات عن الاتصالات التي أجراها مع موسكو، بالإضافة إلى أنه لم يخف زياراته المتكررة للكرملين. واستقبل حفتر على متن حاملة الطائرات الروسية "الأميرال كوزنيتسوف" المتمركزة في البحر الأبيض المتوسط، في 11 كانون الثاني/ يناير، والتقى بقائد الحاملة الأميرال فيكتور سيكولوف.
وأوضحت الصحيفة أن تواجد حاملة الطائرات قبالة السواحل الليبية ليس من قبيل الصدفة، فضلا عن أن لقاء حفتر مع بعض القادة العسكريين الروس في ليبيا يؤكد مخططاته للترويج لفكرة مفادها أنه على استعداد تام للتعاون مع روسيا، حتى يثير حالة من القلق لدى خصومه.
وتطرقت الصحيفة للحديث عن تاريخ حفتر، كأحد أبرز قدامى العسكريين المؤثرين في السياسة الليبية، حيث شارك أيام شبابه في الانقلاب الذي قاده العقيد معمر القذافي؛ للإطاحة بالملك إدريس السنوسي. وقد كان حفتر من المقربين من القذافي، إلا أن الأمور اختلفت فيما بعد، ففي سنة 1987، ونتيجة للصراع بين ليبيا وتشاد انشق حفتر عن معمر القذافي برفقة العديد من ضباطه.
وأضافت الصحيفة أن حفتر قد قضى 20 سنة من حياته في الولايات المتحدة. وخلال تلك الفترة، حُكم عليه بالإعدام غيابيا من قبل المحكمة العسكرية الليبية. وفي الأثناء، كان حفتر ينتظر اللحظة المناسبة ليستأنف اللعبة السياسية من جديد من خلال قيادة انقلاب ضد القذافي، إلا أن محاولة انقلابه في سنة 1996 باءت بالفشل.
وقالت الصحيفة إنه بفضل علاقاته القديمة بالولايات المتحدة، تمكن حفتر من التغلغل بسرعة في التحركات الثورية، إبان ثورة 2011، وأصبح ثالث أهم شخص في "جيش التحرير الوطني في ليبيا"، إلا أنه لم يحظ بثقة المجلس الوطني الانتقالي الليبي، ما أجبره على اتباع مسار خاص به. وفي النهاية، تمكن حفتر من الحصول على منصب "الجيش الوطني الليبي" عبر مجلس النواب؛ وارتفع حجم تأييده تدريجيا.
وقالت الصحيفة إن مؤيدي حفتر مستعدون للوقوف إلى جانب "قائد ديكتاتوري" يسعى إلى محاربة تنظيم الدولة وتوحيد ليبيا، خاصة وأنه قد ينجح في تجاوز حالة الفوضى التي تعيشها ليبيا منذ سقوط القذافي، حيث تحكمها ثلاث حكومات كل منها معارضة للأخرى.
وأكدت الصحيفة أن خليفة حفتر يبذل كل جهوده بهدف الحصول على اعتراف دولي. وفي هذا السياق، تعتبر روسيا واحدة من أبرز الأطراف القادرين على مساعدته في تحقيق ذلك. ومن اللافت للنظر أن روسيا لم تكتف بدعم حفتر عسكريا، بل سعت أيضا لمد جسور التعاون بينه وبين مصر في عهد عبد الفتاح السيسي، وفق الصحيفة.
وأشارت الصحيفة إلى أن "الصوملة" التي تلت سقوط حكم القذافي، أثّرت إلى حد كبير على المصالح المصرية، خاصة وأن مقاتلي تنظيم الدولة تسببوا في خسائر جسيمة لمصر، من خلال تورطهم في شبه جزيرة سيناء التي تحولت نقطة عبور لإمدادات الأسلحة غير المشروعة.
وفي المقابل، قام حفتر بعدة زيارات إلى مصر، وأصبح من الممكن بالنسبة له الاعتماد على القاهرة كشريك استراتيجي في الصراع ضد خصومه في ليبيا.
وأكدت الصحيفة أن حفتر يواجه العديد من التحديات والرهانات، وفي الوقت نفسه، يحاول حفتر التركيز على أولوياته التي تتمثل بالأساس في محاربة مجموعات "فجر ليبيا"، علاوة على أنه يطمح لإلغاء حكومة الوفاق الوطني والسيطرة على طرابلس.
ونوّهت الصحيفة إلى أن أهم خطوة بالنسبة لحفتر في الوقت الراهن، تتمثل في إيجاد شركاء استراتيجيين كفيلين بتقديم الدعم اللازم للحكومة المستقبلية للجمهورية الليبية الموحدة بقيادته، التي من المتوقع أن تواجه العديد من التحديات داخليا وخارجيا.