صحافة دولية

ذي نيشين: هل تجر "إسرائيل" الولايات المتحدة إلى حرب مدمرة أخرى؟

هل تنجر واشنطن إلى حرب مع إيران وحلفائها - جيتي

نشرت مجلة "ذي نيشن" مقالا لنائب مدير معهد كوينسي للحوكمة المسؤولة، تريتا بارسي، قال فيه؛ إن مصالح أمريكا ودولة الاحتلال لم تكن متطابقة بشكل كامل فيما يتعلق بغزة.

ولكن مع استمرار العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ ما يقرب من 100 يوم، فإن حكومة نتنياهو تتحول في اتجاه يهدد بشكل مباشر الأهداف المعلنة لإدارة بايدن؛ تريد تل أبيب توسيع الحرب إلى لبنان ويبدو أنها ترحب بحرب مفتوحة ضد ما يسمى بمحور المقاومة؛ حزب الله في لبنان، والحوثيون في اليمن، وإيران.

ويجعل اغتيال نائب زعيم حماس صالح العاروري في بيروت يوم الثلاثاء ذلك الأمر جليا. حتى الآن، رفض الرئيس جو بايدن الخطوة الوحيدة التي يمكن أن تمنع هذا التصعيد، وانجرار الولايات المتحدة إلى حرب أخرى في الشرق الأوسط، التي هي وقف إطلاق النار في غزة.



منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، كان الافتراض في استراتيجية البيت الأبيض، أنه من أجل الحصول على مصداقية مع الاحتلال، يجب على بايدن أولا إظهار الدعم غير المشروط. وحينها فقط، كما يقول المنطق، سيكون لديه النفوذ لكبح جماح تل أبيب.

ويتيح هذا المنطق إمكانية أن يكون بايدن يريد وقف إطلاق النار، ولكن كان عليه أن يكتسب المصداقية قبل أن يتمكن من الضغط على دولة الاحتلال. وبالطبع لن تتم ممارسة هذا الضغط إلا بشكل خاص. أمام الكاميرات، لن يكون هناك خلاف بين بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ولكن مع تقدم الحرب وارتقاء أكثر من 22 ألف فلسطيني -نصفهم تقريبا من الأطفال- بالأسلحة التي قدمها بايدن، ظهرت صورة رئيس أمريكي يريد وقف إطلاق النار، لكنه يتعثر في العثور على النفوذ لفرض نهاية للحرب.




وقد شحن بايدن أكثر من 10,000 طن من الأسلحة والذخيرة إلى الاحتلال، وتجاوز مرتين إشراف الكونغرس لتسريع عمليات نقل الأسلحة، واستخدم حق النقض مرتين ضد قرارات في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي دعت إلى وقف إطلاق النار، بل ودرس كيفية نقل 2.3 مليون فلسطيني بشكل دائم من غزة إلى صحراء سيناء.

وبينما أدان بايدن وزراء الحكومة الإسرائيلية عندما تحدثوا علنا عن خططهم للتطهير العرقي، فقد أصبح من الواضح بشكل متزايد أنه لم يرغب أبدا في وقف إطلاق النار؛ لأنه وافق على جدوى وشرعية هدف تل أبيب الأقصى من الحرب؛ التدمير العسكري الكامل لحماس مهما حدث. يريد بايدن أن تفعل إسرائيل بحماس ما لم تستطع الولايات المتحدة أن تفعله بحركة طالبان.

وبطبيعة الحال، لم تكن هناك حاجة على الإطلاق لبناء المصداقية للضغط على نتنياهو.

فكانت الولايات المتحدة تتمتع بالفعل بمصداقية هائلة لدى الاحتلال، خاصة بعد أن فكر بايدن علانية في عرض اتفاق دفاعي على السعودية، وإمكانية الوصول إلى دورة الوقود النووي إذا قامت بتطبيع العلاقات مع "إسرائيل".

ولم يسبق لأي رئيس أمريكي آخر أن قدم مثل هذه التنازلات لخصوم الاحتلال العرب لتأمين اتفاق لتل أبيب. وحتى ترامب، الذي بدأ حملة التطبيع التي سعت صراحة إلى "تجاوز القضية الفلسطينية"، لم يعرض قط اتفاقيات دفاعية على الدول العربية الأربع التي أدخلها في ما يسمى باتفاقيات أبراهام.



أما الأسطورة الأخرى التي روجتها مؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن لتبرير تقاعس بايدن في مواجهة ما تؤكد حكومة جنوب أفريقيا بشكل مقنع على أنه إبادة جماعية، فإنها تتفكك أيضا عند إلقاء نظرة فاحصة؛ فالولايات المتحدة، كما يجادل بعض المحللين في العاصمة، ببساطة لا تملك نفوذا لوقف الاحتلال. التاريخ يشير إلى خلاف ذلك.

في عام 1982، شعر الرئيس رونالد ريغان "بالاشمئزاز" من القصف الإسرائيلي للبنان.

وأوقف نقل الذخائر العنقودية إلى دولة الاحتلال، وأخبر رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن في مكالمة هاتفية أن "هذه محرقة". وطالب ريغان إسرائيل بسحب قواتها من لبنان. خضع بيغين، وبعد عشرين دقيقة من مكالمتهما الهاتفية، أمر بيغن بوقف الهجمات.

في الواقع، من السخافة الادعاء بأن بايدن لا يملك أي نفوذ، خاصة في ضوء الكميات الهائلة من الأسلحة التي شحنها إلى الاحتلال الإسرائيلي. وفي الواقع، يعترف المسؤولون الإسرائيليون بذلك علانية.



واعترف الميجر جنرال الإسرائيلي المتقاعد يتسحاق بريك في تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي قائلا: "كل صواريخنا، والذخائر، والقنابل الموجهة بدقة، وجميع الطائرات والقنابل، كلها من الولايات المتحدة. في اللحظة التي يغلقون فيها الصنبور، لا يمكنك الاستمرار في القتال. ليست هناك القدرة... الجميع يدرك أننا لا نستطيع خوض هذه الحرب دون الولايات المتحدة، وانتهى".

ولكن تل أبيب غير قادرة على تدمير حماس عسكريا، تماما كما لم يكن بوسع الولايات المتحدة أن تعتمد على الحلول العسكرية فقط لإلحاق الهزيمة بحركة طالبان في أفغانستان.


وقد اعترف رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت بذلك في الشهر الماضي فقط. وكتب في صحيفة "هآرتس" في نهاية كانون الأول/ ديسمبر؛ "إن احتمالات تحقيق القضاء التام على حماس كانت معدومة منذ اللحظة التي أعلن فيها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن هذا هو الهدف الرئيسي للحرب".

وبدلا من ذلك، يبدو أن دولة الاحتلال تستغل احترام بايدن شبه الكامل لنتنياهو للقيام بما منع الرؤساء الأمريكيون السابقون الاحتلال من فعله، وهو جر الولايات المتحدة إلى حرب إقليمية مع إيران وحلفائها.

وقال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي السابق أيضا، نفتالي بينيت، في صحيفة "وول ستريت جورنال" قبل أسبوع واحد فقط؛ إن "الولايات المتحدة وإسرائيل بحاجة إلى مواجهة إيران بشكل مباشر".

ليس هناك شك في أن الحرب مع إيران وحزب الله والحوثيين ستكون مدمرة للمنطقة والولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن بايدن يعارض توسيع نطاق الحرب، إلا أنه كان غير مبال بشأن خطر التصعيد.

وتوجد هذه المخاطر على أربع جبهات: بين الاحتلال وحزب الله اللبناني، وفي سوريا والعراق بسبب الهجمات على القوات الأمريكية من قبل المليشيات المتحالفة مع إيران، والبحر الأحمر بين الحوثيين والبحرية الأمريكية، وبين الاحتلال وإيران بعد اغتيال لواء إيراني في سوريا، وتفجيرات كرمان في ذكرى اغتيال اللواء قاسم سليماني، التي تسببت بمقتل أكثر من مئة شخص.

وترتبط الهجمات المتزايدة على القوات الأمريكية بشكل مباشر بالحرب الإسرائيلية في غزة.

وفي الفترة بين كانون الثاني/ يناير 2021 وآذار/ مارس 2023، استهدفت المليشيات العراقية أفرادا أمريكيين حوالي 80 مرة. ولكن منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تم تنفيذ أكثر من 100 هجوم من هذا القبيل.

وبينما سعى بايدن إلى ردع إيران وحلفائها من خلال نقل المزيد من القوات والسفن الأمريكية إلى المنطقة، فقد رفض اتباع الطريقة الأكثر وضوحا وفعالية لتهدئة التوترات، وإبعاد القوات الأمريكية عن طريق الأذى؛ وقف إطلاق النار في غزة.

والحقيقة أنه خلال الأيام الستة التي شهدت سريان وقف إطلاق النار في تشرين الثاني/ نوفمبر، توقفت الهجمات التي تشنها الجماعات العراقية على القوات الأمريكية.



وقبل يوم واحد فقط من وقف إطلاق النار، استهدفت الجماعات الولايات المتحدة في ست هجمات منفصلة. كما خفف الحوثيون بشكل كبير من استهدافهم للسفن في البحر الأحمر خلال وقف إطلاق النار.

ومع ذلك، يرفض بايدن التزحزح. إذا كان السؤال السابق هو كم عدد الفلسطينيين الأبرياء الذين يجب أن يموتوا قبل أن يعود بايدن إلى رشده، ويطالب أخيرا بوقف إطلاق النار؟ فقد يصبح السؤال قريبا: كم عدد الأمريكيين الذين يجب أن يموتوا قبل أن يستجمع الشجاعة ليقول لا لتل أبيب؟

الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع