لم تتأخر صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية عن ممارسة السخرية الممزوجة
بروح الشماتة من ضحايا
زلزال تركيا وسوريا؛ برسم كاريكاتيري يظهر الدمار الذي تسبب
فيه الزلزال، مرفقا بتعليق استفزازي "لا يوجد حاجة لإرسال الدبابات".
لم يقتصر الأمر على تشارلي إيبدو؛ فالإعلام
الغربي غارق في البحث عن
الصور والمشاهد والأصوات المنتقدة لأداء الحكومة التركية ورئيس الدولة طيب رجب أردوغان؛
يتضح ذلك من البحث المتواصل لفضائيات أوروبية وأمريكية باجتهاد عن أصوات غاضبة في
الشارع التركي لتأخر فرق الإغاثة بحسب زعمها دون جدوى.
لتكتفي بعد ذلك بما ينقله ويدعيه المراسلون الذين تجاهلوا جولة
الرئيس التركي أردوغان في المناطق العشر المنكوبة؛ والتي تعد فضائية (يورو نيوز)
الممولة من الاتحاد الأوروبي واحدة منها؛ فالحديث عن تأخر فرق الإنقاذ كان أبرز
انتقاداتها إن لم يكن الوحيد.. أمر لم تقدم عليه إثباتات حتى من شهود أتراك على الأرض.
الصحافة الأوروبية لم تخل من المقالات والتحليلات التي تناولت
التداعيات السياسية للزلزال على تركيا وسوريا كصحيفة (لو فيغارو) الفرنسية؛ وصحيفة
(لاتروبين دي جنيف) السويسرية؛ التي أوردت ذكرها فضائية فرانس24 الناطقة بالعربية
ضمن برنامج (الصحف اليوم) تحت عنوان (مخاوف من استغلال أردوغان والأسد الزلزال
سياسيا)؛ عنوان بدا مضللا لمحتوى بعض المقالات التي تم عرض مضامينها في قناة فرانس
24.
في المقابل ناقشت وسائل الإعلام الأمريكية كارثة الزلزال من زاوية
المعارضة التركية وعلى رأسها زعيم (حزب الشعب الجمهوري) التركي المعارض (كمال
كيليتشدار أوغلو) بطرح تساؤلات حول ضريبة الزلزال أين ذهبت؛ وقول مراسلة صحفية من
على شبكة (abc) الأمريكية إن الزلزال كان متوقعا؛ وإن
الحكومة لم تكن مستعدة له؛ ونقلها تساؤلات عن مواطنين لم يظهروا أمام الشاشة وإنما
تنقل عنهم من مواقع التواصل الاجتماعي أثناء تواجدها في الشارع؛ حول انهيار مبان دون الأخرى؛ ملمحة إلى وجود شبه فساد؛ فضلا عن قولها إن الحكومة ترفض التعاون مع
بعض رؤساء البلديات المنتخبين من المعارضة؛ وهو نقاش أمكن رصده كنموذج للمعالجات
الإخبارية والعناوين المتصدرة؛ التي يمكن أن تجد صدى أكبر في مواقع التواصل
الاجتماعي قريبا.
الحملة الإعلامية الغربية يتوقع أن تتعاظم في الأيام المقبلة محاولة
لإسناد خصوم الرئيس التركي وبتوفير مواد ومنابر إعلامية لإطلاق حملة انتخابية
مبكرة لرئيس المعارضة الذي عجز ائتلاف الأحزاب الست التوافق على شخصه حتى اللحظة.
من الواضح أن بعض المؤسسات الإعلامية والجهات السياسية في أوروبا وأمريكا
تعتبر الزلزال فرصة لتقويض مكانة الرئيس التركي؛ وهي توجهات ممزوجة بمخاوف من
ارتفاع شعبيته خصوصا أن أردوغان يبرز في المواقف الصعبة بكاريزما استثنائية تقلق
خصومه؛ إذ سارع لطمأنة الأتراك بتحمل الحكومة مسؤولية توفير المساكن للعائلات
المتضررة وتعويضهم عن خسائرهم الاقتصادية؛ متنقلا بين المحافظات العشر المنكوبة
كما تفاعلت الحكومة ومؤسسات الإغاثة المدنية المقربة من حزب العدالة والتنمية دون
تأخير.
الحملة الإعلامية الغربية يتوقع أن تتعاظم في الأيام المقبلة محاولة لإسناد خصوم الرئيس التركي وبتوفير مواد ومنابر إعلامية لإطلاق حملة انتخابية مبكرة لرئيس المعارضة الذي عجز ائتلاف الأحزاب الست التوافق على شخصة حتى اللحظة.
في مقابل ذلك اكتفت بعض أجنحة المعارضة التركية بانتقاد الحكومة
وتحميل عجزها وتقصيرها وغيابها عن الشارع وجهود الإغاثة للحكومة؛ بحجة إقصائها عن
العمل في الشارع؛ أو الامتناع عن التنسيق معها عبر رؤساء البلديات المقربين منها أي
المعارضة.
الغرب حدد بوصلته للتعامل مع زلازال تركيا بإطلاق حملة يرجح أن
تتصاعد في الأيام والأسابيع القليلة القادمة في كافة المنابر ومن ضمنها مواقع
التواصل الاجتماعي (السوشال ميديا).
ختاما.. فالقلق من كاريزما أردوغان وفاعلية حكومته للتعامل مع
الزلزال تؤرق المعارضة والقوى الغربية التي عولت على إضعاف أردوغان أو على الأقل إضعاف
حزبه (العدالة التنمية) في الانتخابات المقبلة؛ وهي وإن كانت ترى في الزلزال فرصة
لا تعوض؛ فإنها تفعل ذلك بتهور؛ كتهور صحيفة (شارلي إيبدو)؛ فالإخراج حتى اللحظة
لهذه الحملة يبدو بائسا وفاشلا يشبه كاريكاتير ورسوم صحيفة (شارلي إيبدو) الاستفزازية التي قلبت
الطاولة رأسا على عقب برقصها وسخريتها من جراح الضحايا دافعة الأتراك للالتفاف حول
العلم .
hazem ayyad
@hma36