يمكن القول إن حوار إيمانويل ماكرون مع جو بايدن في قمة G7 المنعقدة في مقاطعة بافاريا الألمانية بمثابة الاعتراف بفشل الجهود الأوروبية والأمريكية لزيادة إنتاج النفط ووارداته من منطقة الخليج العربي؛ تعويضا للنقص الناشئ عن العقوبات الأوروبية الأمريكية على روسيا.
حديث الرئيس الفرنسي ماكرون الجانبي مع العجوز الأمريكي بايدن على مسمع من وسائل الإعلام أثار لغطا حول دوافعه وغاياته الاستعراضية في إحراج بايدن الذي أنفق جزءا مهما من وقت إدارته في محاولة إقناع السعودية والإمارات وقطر تعويض النقص الحاصل في الأسواق الأوروبية.
جهود يتوقع أن يتوجها بايدن بلقاء قادة دول مجلس التعاون الخليجي (إلى جانب الأردن والعراق ومصر) في جدة؛ إلا أنها بحسب ماكرون لم تعد كافية أو مجدية بعد اتصاله الهاتفي مع محمد بن زايد رئيس دولة الإمارات.
لغط أثار جدلا حول حوار ماكرون-بايدن البافاراي؛ فهل حديث ماكرون كان بمثابة شكوى فرنسية ضد دول الخليج المتهمة بمحاولة إعاقة الوصول لاتفاق نووي مع طهران بالتعاون مع الكيان الإسرائيلي؛ أو إعلان رسمي بفشل الجهود الأوروبية لمكافحة التضخم عبر إمدادت النفط والغاز الرخيص القادم من الخليج العربي.
ماكرون أبلغ بايدن (بمكر) أن الإمارات العربية أبلغته بعدم قدرتها على زيادة إنتاجها بعد أن بلغت الحد الأقصى؛ وأن السعودية لن تتمكن أيضا من إضافة المزيد من البراميل.
التحدي الاقتصادي المتمثل بالتضخم لن يعالج في المدى المنظور بتوفير إمدادات الطاقة من الخليج العربي؛ ما يفتح الباب لحلول اقتصادية تقليدية ممثلة برفع الفائدة على اليورو؛ وأخرى سياسية بإطلاق مفاوضات بين أوكرانيا وروسيا تنهي النزاع في القارة الأوروبية وتخفيف العقوبات على موسكو ونفطها؛ أو مع إيران بمعالجة ملفها النووي ورفع العقوبات عن نفطها وغازها؛ وهي حلول أوروبية وفرنسية مقترحة ومتداولة.
رسالة ماكرون مزدوجة؛ ففرنسا ترغب في الوصول إلى حل سياسي تفاوضي بين روسيا وأوكرنيا؛ في حين يرى حلفاء آخرون في أوروبا أن الاتفاق النووي مع إيران مخرج يحفظ لأوروبا وحلف الناتو وحدته وتماسكه وماء وجهه أمام أوكرانيا والحلفاء في شرق أوروبا؛ فبدل الانحراط في جدل التنازل لروسيا والخضوع لبوتين فإن التفاهم مع إيران يمثل خيارا مقبولا داخل الاتحاد الأوروبي ولو مؤقتا؛ يفسر مفاوضات الدوحة غير المباشرة بين إيران وواشنطن بالتوازي مع لقاءات G7 ولقاءات قادة الناتو في إسبانيا.
الرغبة بالحفاظ على وحدة الناتو وتماسكه في مواجهة روسيا تحولت إلى هدف ترجم اقتصاديا وسياسيا برفع أسعار الفائدة ليتحول إلى كلف جديدة سياسات مالية واقتصادية تقود إلى مزيد من الاستنزاف والضغوط على أوروبا وأمريكا والنظام الاقتصادي الدولي الذي أنشأته بعد الحرب العالمية الثانية وهذه مفارقة ستقود إلى ذات النتيجة التي تحاول أوروبا وأمريكا الهروب منها وهي تعميق الانقسامات في الناتو والقارة الأوروبية.
الرسالة الثانية للجمهور الأوروبي أن الوقت قد حان لعلاج التضخم عبر رفع أسعار الفائدة على اليورو؛ الأمر الذي أعلن مساء أمس الأربعاء على لسان مديرة البنك المركزي الأوروبي كريستينا لاغارد برفع الفائدة على اليورو ربع نقطة تموز/ يوليو المقبل و50 نقطة في أيلول/ سبتمبر.
خطوة المركزي الأوروبي جاءت طارئة ومستعجلة بعد التعثر المعلن في مفاوضات الدوحة غير المباشرة بين طهران وواشنطن؛ وبعد تراجع فرص توفير المزيد من إمدادات النفط؛ وانسداد أفق الحل التفاوضي مع موسكو بعد قرارت فرض عقوبات على الذهب الروسي وقرارات الناتو المتشددة في إسبانيا بزيادة الدعم المقدم لأوكرانيا لمواصلة القتال.
خطوة المركزي الأوروربي أدخلت الاتحاد الأوروبي معترك الرفع المتسلسل لأسعار الفائدة في محاولة لإبطاء التضحم وليس لخفضه؛ ورقة أخيرة لكبح جماح التضخم؛ مخاطرة كبيرة من الممكن أن تقود إلى ركود تضخمي وتراجع في معدلات النمو وارتفاع في معدل البطالة.
فقمة السبع الكبار في ألمانيا لم تقدم الحلول للقارة الأوروبية وللنظام الاقتصادي العالمي؛ ومدير الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي انضم من جهته لأوروبا بالإعلان عن وجبة جديدة لرفع الفائدة الشهر المقبل بمقدار ثلاثة أرباع النقطة (75%)؛ ما دفع كثيرا من الرأسمالين في أمريكا للتحذير من أزمة اقتصادية وانهيار كبير؛ وانضم للمتشائمين من استخدام الفائدة كأداة لمعالجة التضخم بنك التسويات الدولية (BIS) في مدينة بازل السويسرية؛ الذي يوصف بأنه "أبو البنوك المركزية في العالم".
ختاما.. أوروبا دخلت معترك الفائدة مكرهة بعد قمة G7 واجتماع الناتو؛ فبعد معارضة مديرة البنك المركزي الأوروبي (لاغارد) رفع الفائدة على اليوور؛ ودعوتها لمعالجة التضخم عبر توفير الطاقة الرخيصة والغذاء باعتباره السبب الحقيقي للتضخم وبنسبة 50%؛ عادت لاستخدام الأداة الأكثر تهديدا للنمو في القارة الأوروبية؛ فالرغبة بالحفاظ على وحدة الناتو وتماسكه في مواجهة روسيا تحولت إلى هدف ترجم اقتصاديا وسياسيا برفع أسعار الفائدة ليتحول إلى كلف جديدة وسياسات مالية واقتصادية تقود إلى مزيد من الاستنزاف والضغوط على أوروبا وأمريكا والنظام الاقتصادي الدولي الذي أنشأته بعد الحرب العالمية الثانية وهذه مفارقة ستقود إلى ذات النتيجة التي تحاول أوروبا وأمريكا الهروب منها وهي تعميق الانقسامات في الناتو والقارة الأوروبية.
hazem ayyad
@hma36
وساطة خير وسلام قطرية بين إيران والغرب
إملاءات الحوار الوطني وتخبط السلطة في مصر
لهذه الأسباب فشلت العقوبات الغربية ضد روسيا