صحافة تركية

هل تسهم "بشرى أردوغان" بوقف الاعتماد على الغاز المستورد؟

أردوغان قال إن "الفاتح" اكتشفت 320 مليار متر مكعب من احتياطيات الغاز الطبيعي في بئر "تونا-1"- الأناضول

أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الجمعة، اكتشاف أكبر حقل للغاز الطبيعي بتاريخ البلاد في البحر الأسود، ما يفتح التساؤلات عن مدى مساهمة ذلك بالحد من اعتماد تركيا على واردات الطاقة من الدول الأخرى.

وقال الرئيس التركي، إن سفينة التنقيب "الفاتح" اكتشفت 320 مليار متر مكعب من احتياطيات الغاز الطبيعي في بئر "تونا-1" ضمن حقل غاز صقاريا.

وأكد أن المؤشرات الأولية لاكتشاف هذا الحقل تشير إلى احتمال كبير لوجود حقول أخرى في نفس المنطقة، مضيفا: "نهدف لوضع غاز البحر الأسود في خدمة أمتنا بحلول 2023 (..) اليوم سنترك إرثا مهما للأجيال القادمة".

وقالت صحيفة "خبر ترك"، إن تركيا تهدف للحد من الاعتماد على الدول الأجنبية والموردين، لا سيما روسيا والولايات المتحدة وإيران من خلال إنتاج الغاز في البحر الأسود.

وأشارت في تقرير ترجمته "عربي21"، إلى أن تركيا تستورد ما يتراوح بين 45 و50 مليار لتر مكعب من الغاز سنويا لتلبية الاستهلاك المحلي، وتلبي كافة احتياجاتها النفطية تقريبا من خلال الواردات، حيث يتم تحويل مليارات الدولارات (50 مليار دولار) إلى الخارج، ما يؤثر على التوازنات الاقتصادية بالبلاد بشكل كبير.

 

فاتح وأعمال الحفر

ولفتت إلى أن تركيا بدأت التنقيب عن الغاز الطبيعي في الدانوب-1 على بعد 145 كيلومترا من زونغولداك في البحر الأسود في 20 تموز/ يوليو 2020، مشيرة إلى أن سفينة الفاتح بدأت بأعمال الحفر على عمق آلاف الأمتار في عرض البحر.

وأوضحت، أن هذا الحقل (تونا-1) يقع قريبا جدا من تقاطع المنطقة الاقتصادية الخالصة لتركيا ورومانيا وبلغاريا، لكنه يقع ضمن المنطقة الخاصة بتركيا.

 

اقرأ أيضا: قراءة في تكهنات "بشرى أردوغان" وتداعياتها على تركيا

وأضافت أن مؤسسة البترول التركية "TPAO"، أجرت دراسات سيزمية لتحديد ما إذا كان هناك غاز قبل البدء بعمليات الحفر.

ولفتت إلى أن رومانيا اكتشفت عام 2012 غازا في حقل دومينو في منطقة نبتون القريبة من "تونا- 1"، وسط مزاعم أن هناك ما يقارب 80 مليار متر مكعب من الغاز، ولكن لم يتم استثمار هذا الحقل بشراكة شركتي "OMV " النمساوية، و"Exxon Mobil" الأمريكية.

وأشارت إلى أن شركة البترول التركية "TPAO" بدأت أعمال الحفر في أول بئر بالقرب من منطقة نبتون، ومن المتوقع أن يتم الحفر في ثلاث آبار أخرى في تلك المنطقة، وبالتالي سيتم تحديد المنطقة ومعرفة البيانات الدقيقة لكمية الانتاج.

ونوهت إلى أن ذلك يحتاج نحو 18 شهرا، وإذا كان الغاز المكتشف "اقتصاديا" سيتم تجهيز الحقل للإنتاج، ولتحقيق ذلك يلزم القيام باستثمارات كبيرة، وهذه العملية ستحتاج ما بين 5- 6 سنوات.

ما هي كمية الغاز المستهلكة في تركيا؟.. من أين تستورد؟

وذكرت الصحيفة، أنه بهذه الخطوة تهدف تركيا إلى الحد من اعتمادها الخارجي من الغاز، حيث يتم استهلاك من 45- 50 مليار متر مكعب سنويا يتم تلبية غالبيتها عن طريق الاستيراد من الخارج، وتتبع تركيا طريقتين في الاستيراد.

وأوضحت أنه يتم شراء الغاز الطبيعي من روسيا وإيران وأذربيجان من خلال أنابيب بموجب عقود طويلة الأجل.

ولفتت إلى أن تركيا تستورد بموجب العقد 30 مليار مكعب سنويا من روسيا ومن أذربيجان من خطي أنابيب 6.6 و2.6، ومن إيران 9.6 مليارات متر مكعب.

أما الطريقة الثانية، فتقوم شركة بوتاش التابعة لـ"TPAO"، باستيراد الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة وقطر والجزائر ونيجيريا.

وأوضحت، أنه يتم شراء الغاز الطبيعي المسال من خلال عقود مع قطر والجزائر، أو من خلال السوق مباشرة مع الولايات المتحدة.

 

اقرأ أيضا: أردوغان يعلن مفاجأته: حقل يضم 320 مليار متر مكعب من الغاز

ولفتت إلى أنه ووفقا للعقود، يتم إعادة حساب سعر الغاز على أساس ربع سنوي استنادا إلى حركة النفط ومشتقاته.

وأضافت، أن التحركات في سعر نفط برنت تؤثر على عقود استيراد الغاز، حيث تنخفض الأسعار أو ترتفع، كما لسعر صرف الدولار تأثير على ذلك.

وأشار إلى أن شركة بوتاش تستورد بالدولار، لكنها تبيع الغاز في السوق المحلي بالليرة التركية، وعلى سبيل المثال لا تزال الشركة تبيع كل 1000 متر مكعب من الغاز للمساكن بسعر 251 ليرة (34.33 دولارا أمريكيا)، ولمحطات الصناعة والطاقة بـ 1400 ليرة تركية (191.50 دولارا أمريكيا).

وأوضحت، أنه لذلك كلما زاد سعر صرف الدولار أمام الليرة التركية، تزيد تكاليف بوتاش والشركات المستوردة للغاز، وهذا يفرض عليهم القيام بزيادة أسعار الغاز.

ماذا يعني 320 مليار متر مكعب من الغاز؟

وقال خبير اقتصادات الطاقة ليفنت آيدن، إن تركيا تستهلك ما يقارب 50 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا، وحتى الآن تم اكتشاف احتياطي يعادل من 6 إلى 7 أعوام من الاستهلاك.

وأضاف في تقرير لصحيفة "حرييت" وترجمته "عربي21"، أن المخزون تحت الماء يبدأ باحتياطي مبدئي وتتوالى بعده الاكتشافات، وتشير التجارب إلى أن الاكتشاف الأولي سيقود للمزيد منها.

 

وأشار إلى أن البحر الأسود لم يتم استغلاله بشكل جيد في اكتشاف الغاز الطبيعي، لذلك من المرجح وجود احتياطي سيتبين بعد ذلك.

من جانبه قال أخصائي موارد الطاقة المتجددة، جلال توشدوغان، إن هذا الاكتشاف سيوفر مليارات الدولارات على تركيا من الإيرادات والعملات الأجنبية.

 

اقرأ أيضا: تركيا تكتشف مصدرا للغاز الطبيعي في البحر الأسود.. تفاصيل

وشدد على أن الاكتشاف يعد تطورا بالغ الأهمية، نتيجة لما سيترتب عليه في البلاد، كما أنه سيسهم في تقليل تكاليف إنتاج الكهرباء، وله تأثيراته بكافة القطاعات بالبلاد.

ماذا عن النفط؟

وذكرت صحيفة خبر ترك، أن مجموع استهلاك تركيا السنوي من النفط يبلغ حوالي 50 مليون طن، وفقا لبيانات عام 2019، موزعة على 25 مليون طن من الديزل، و5 ملايين طن من وقود الطائرات، و2.3 مليون طن من البنزين، و4.5 ملايين طن من غاز البترول المسال، والباقي من الذي يتكون من أنواع الوقود الأخرى.

وأضافت، أنه كما هو الحال بالنسبة للغاز الطبيعي، تلبي تركيا الجزء الهام من احتياجاتها النفطية من خلال الواردات، والإنتاج اليومي لها حوالي 3 ملايين طن.

وأشارت إلى أن "TPAO" تعمل أيضا في البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط من أجل النفط، وتجري عمليات الحفر والبحوث الزلزالية.