سياسة عربية

تطور جديد بموقف القاهرة من عملية رفح.. تغير في السياسة أم تنفيس عن الغضب الشعبي؟

تثير انتقادات الشخصيات البارزة في الإعلام المصري لعمليات الاحتلال في رفح تساؤلات بشأن تبني القاهرة مواقف أكثر جرأة وصراحة- الأناضول
تثير انتقادات الشخصيات البارزة في الإعلام المصري لعمليات الاحتلال في رفح تساؤلات بشأن تبني القاهرة مواقف أكثر جرأة وصراحة- الأناضول
في تطور جديد لموقف مصر من العملية العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وفشل جهود التوصل إلى هدنة، استدعى النظام آلته الإعلامية لانتقاد العملية العسكرية، وحشد آلاف المواطنين في عدد من الميادين احتجاجا على الحرب على قطاع غزة.

وتثير الانتقادات من قبل بعض الشخصيات البارزة في الإعلام المصري للعمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح تساؤلات بشأن تبني القاهرة مواقف أكثر جرأة وصراحة، وإذا ما كانت جزءا من استراتيجية أوسع تتضمن استخدام الشارع والإعلام كأدوات لمقاومة الضغوط الإسرائيلية.

أو محاولة دفع الحرج عن النظام المصري بعد اقتحام محور فيلادلفيا ومعبر رفح الفلسطيني الذي وضعها في موقف لا تحسد عليه بعد اتهامات للاحتلال بخرق بنود اتفاقية السلام ومراوحة مفاوضات وقف إطلاق النار مكانها رغم الإعلان أكثر من مرة عن قرب التوصل لهدنة.

وقال أديب في برنامجه "الحكاية" الذي يبث على قناة "إم بي سي مصر" المملوكة سعوديا، إن "تصدير القوة والغضب في هذه الأوقات مهم"، منتقدا كل من يرفض التدخل المصري في رفض العملية العسكرية وأضاف: "محدش يقول لي ملناش دعوة، أومال مين اللي ليه دعوة؟ طبعا لينا دعوة".

اظهار أخبار متعلقة



عودة بطعم الغياب
في غضون ذلك، عادت بشكل مفاجئ المظاهرات، إلى ميادين عدة محافظات مصرية، بثها التلفزيون الحكومي والقنوات الخاصة التابعة للنظام، تأييدا لفلسطين وللقيادة السياسية وجهود رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، في القضية الفلسطينية.

ورفع المتظاهرون أعلام مصر وفلسطين، مرددين هتافات من قبيل "تسقط تسقط إسرائيل"، و"بالروح بالدم نفديك يا فلسطين"، وسط مشاركة أئمة ورجال دين مسيحيين، بحسب ما نقلت وكالة الأناضول.


كانت دولة الاحتلال تجاهلت كل التحذيرات الدولية من اقتحام مدينة رفح المكتظة بالسكان وسيطرت على معبر رفح الواقع على "محور فيلادلفيا"، الثلاثاء، ما أدى إلى توقف المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح ونزوح أكثر من مئة وخمسين ألف فلسطيني مجددا.

وأدانت مصر والمجتمع الدولي بأشد العبارات العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح، وما أسفرت عنه من سيطرة على الجانب الفلسطيني من المعبر.

نظام السيسي في موقف لا يحسد عليه
استدعاء الإعلام والشارع المصري بدا أقل بكثير من ما أعلنه مسؤول أمني، منتصف شهر كانون الثاني/ يناير الماضي عن أن مصر لن تسمح لـ"إسرائيل" بالسيطرة على محور صلاح الدين الحدودي بين مصر وقطاع غزة، وفق ما نقلت وكالة أنباء العالم العربي.

وأضاف المسؤول حينها أن ضبط الحدود مع غزة مسؤولية مصر، "ولا نسمح بأي أنشطة غير قانونية"، لافتا إلى أن اتفاقية السلام تمنع قيام "إسرائيل" بأي تحركات عسكرية في محور صلاح الدين.

ونقلت "قناة الإخبارية" عن مصدر رفيع المستوى، أن "مصر رفضت التنسيق مع "إسرائيل" في دخول المساعدات من معبر رفح بسبب التصعيد الإسرائيلي غير المقبول، وحملتها مسؤولية تدهور الأوضاع في قطاع غزة أمام كافة الأطراف".



تواطؤ أو استسلام
أعرب الخبير العسكري وعضو هيئة تفتيش القوات المسلحة المصرية سابقا، العميد عادل الشريف، عن اعتقاده بأن "تواجد قوات الاحتلال الإسرائيلي في "محور فيلادلفيا" وسيطرتها على معبر رفح الفلسطيني، والسيطرة لا تكون على جانب واحد وإنما على الجانبين، يؤكد أن هذا الأمر ما كان ليحدث دون التنسيق مع النظام المصري، ولطالما أكد الاحتلال على أنه لن يقدم على أي عملية في تلك المنطقة التي تخضع لملاحق أمنية مكملة لاتفاقية السلام بين البلدين، كما أن اتفاقية السلام لا تسمح بما حدث".

اظهار أخبار متعلقة


وبناء على ما سبق يرى الشريف في حديثه لـ"عربي21" أن "الموقف المصري الأخير هو لذر الرماد في العيون، وما كان ينبغي فعله طوال نحو 7 شهور من العدوان على قطاع غزة لا يمكن تصور فعله الآن، بل إن تراجع دور مصر التاريخي في القضية الفلسطينية منح الاحتلال فرصة الاستمرار في العدوان واقتحام شرق مدينة رفح والسيطرة على المعبر الحدودي الذي يمثل شريان حياة للفلسطينيين وتجاوز كل الخطوط الحمر".

وأشار الخبير الاستراتيجي إلى أن "مصر تحاول الهروب إلى الأمام، والتملص من أمرين، أولهما التنسيق مع الاحتلال في دخول محور فيلادلفيا والتجول فيه واحتلال معبر رفح وإغلاقه، وثانيهما، عجزها عن اتخاذ أي رد فعل قوي إزاء خرق بنود الملحق الأمني ومحاولة تنفيس الغضب الشعبي، خاصة بعد عملية مقتل رجل الأعمال الإسرائيلي في الإسكندرية ووجود مخاوف من أن تتسع دائرة التوتر داخليا وسط الأزمات التي تموج بها البلاد".

وختم حديثه بالقول: "ما حدث من قبل الاحتلال إما هو خرق لاتفاقية السلام بين البلدين كما قال البرلمان المصري الحالي، وبالتالي كان يجب أن يرد النظام بشكل حاسم وبإجراءات قوية ولكنه لم يفعل وهذا يدينه، أو أن الأمر حدث بالتنسيق مع ’تل أبيب’ وهو تواطؤ جديد يضاف إلى سلسلة من أعمال التواطؤ منذ بدء الحرب في قطاع غزة".

نظام السيسي والتفاهمات مع الاحتلال
في تقديره يقول الناشط السيناوي، أبو الفاتح الأخرسي، إن "استخدام النظام المصري للإعلام والشارع هو نوع من أنواع تنفيس الغضب الشعبي خاصة بعد أن تجاوز الاحتلال الخطوط الحمر، أي الأمن القومي المصري ودخول قواته إلى محور فيلادلفيا وإغلاق معبر رفح بما يتناقض مع البنود المكملة لاتفاقية السلام بل إنه الانتهاك الواضح لها، وعدم قدرة النظام على تبرير صمته إزاء هذه الانتهاكات المتكررة منذء بدء العدوان على قطاع غزة".

اظهار أخبار متعلقة


ورأى في تصريحات لـ"عربي21" أنه "في ظل المعالجة السيئة لملف العدوان على قطاع غزة وانهيار صورة مصر الإقليمية والتشكيك في قدرتها على فرض القوانين الدولية والإنسانية أمام همجية الاحتلال وعمليات الإبادة الجماعية، وفي ظل تقصيرها الواضح في إدخال المساعدات وخروج الجرحى والحالات الإنسانية من القطاع واتهام النظام بالتخلي عن بوابة مصر الشرقية والتفريط في تأمين حدودها بما يشكل تهديدا صريحا للأمن القومي المصري، فإنه يمكن فهم هذا السلوك وليس التغير".

وأشار الأخرسي إلى أن "النظام الذي كان يراهن على القوات المسلحة والقدرة على نشر الجيش في مصر كلها في 6 ساعات أصبح في حرج شديد داخليا إزاء وقوفه صامتا أو عاجزا أمام الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة على المعبر طوال الشهور الماضية، خاصة في ظل ما يتردد إعلاميا عن التنسيق بينه وبين الاحتلال في ما يخص التواجد العسكري في محور صلاح الدين فيلادلفيا، ولا أعتقد أنه ورقة ضغط ضد الاحتلال لأنه يعرف أن الشارع والإعلام لا يتحركان إلا بأمر النظام".
التعليقات (0)