قال مستشرق
إسرائيلي إن "
الشرق الأوسط مع اقتراب دخول العام الجديد 2019 يبدو مثيرا، مع سلسلة
تطورات متلاحقة، تبدأ بالهزة التاريخية التي يشهدها السودان، مرورا بالورطة التي يجد فيها ولي العهد السعودي نفسه في اليمن، وصولا إلى حرب الشيعة ضد الشيعة في العراق".
وأضاف يارون فريدمان في
مقاله التحليلي بصحيفة يديعوت أحرونوت، وترجمته "
عربي21" أن "الوضع الإسرائيلي وجه أنظاره بصورة كافية في الآونة الأخيرة نحو الجبهة الجنوبية مع قطاع
غزة، حيث حاولت حماس تصعيد الوضع الأمني على الحدود من خلال مسيرات العودة، لكنها تجد نفسها في وضع لا تحسد عليه، وهي ترى القطاع تحت سيطرة إسرائيل ومصر بأدوار مختلفة، مع وضع اقتصادي كارثي".
وأشار فريدمان، الباحث بالشؤون الإسلامية بمعهد التخنيون بجامعة حيفا، إلى أن "مصطلح
التهديد الوجودي على إسرائيل لن يأتي في هذه المرحلة من الجبهتين الجنوبية مع غزة والشرقية مع الضفة الغربية أو الأردن، لأن استقرار المملكة قائم، والتنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية متواصل، مع أن القطيعة القائمة بين الإدارة الأمريكية والسلطة الفلسطينية أضعفت الأخيرة، وحجبت عنها مساعدات اقتصادية، وجعلتها أكثر ارتهانا بإسرائيل".
وأكد أن "الجبهة الشمالية تشكل تهديدا استراتيجيا جوهريا على إسرائيل مصدره
حزب الله، الذي أرسل جزءا من قواته إلى سوريا للقتال بجانب الأسد، واليوم مع قرب انتهاء الحرب، يبدأ الحزب بإعادة قواته إلى لبنان، ويعيد تمركزه الأساسي باتجاه إسرائيل، لكن الحزب يحتاج إلى فترة من التعافي بعد أن تلقى خسائر وانتكاسات كبيرة في سوريا، وفقد 1500 من مقاتليه، وتضررت موازنته المالية كثيرا بسبب الأزمة الاقتصادية في إيران".
وأوضح أنه "رغم أن مقاتلي الحزب استفادوا كثيرا من عمليات القتال في سوريا خلال السنوات الماضية، ولديهم القابلية العالية للدخول في مواجهة مع إسرائيل، لكن قيادة الحزب المتحصنة في الضاحية الجنوبية ببيروت، تنظر بعين الحسرة إلى العملية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في هذه الآونة المسماة "درع الشمال" ضد أنفاق الحزب، التي كان يدخرها في المواجهة العسكرية المقبلة مع إسرائيل".
وأشار فريدمان، مؤلف كتاب "العلويون: التاريخ والدين والهوية"، أن "الأسد في سوريا في الطريق لينهي حربه الأخيرة بمساعدة واضحة من إيران وحزب الله والطائرات الروسية، حيث أقصى كل المنظمات المعارضة له، ولم يتبق سوى معقلين فقط تتحصن فيهما المجموعات المسلحة، واحد برعاية أمريكية بجانب القاعدة العسكرية التنف، في مثلث الحدود السورية الإيرانية العراقية، والثاني في إقليم إدلب برعاية تركيا".
وأكد فريدمان، خريج جامعة السوربون الفرنسية، أنه "من المتوقع أن يشهد العام 2019 الحرب الأخيرة للجيش السوري هناك، لأن القرار الأمريكي بالانسحاب من سوريا بدد كل آمال للمعارضة السورية بالاستمرار في هذين المعقلين".
ينتقل الكاتب للحديث عن مصر، قائلا إن "الرئيس عبد الفتاح السيسي يدخل سنته الخامسة في منصب الرئاسة، ورغم المشاريع الاقتصادية الكبيرة، والحرب الشرسة ضد المجموعات المسلحة في سيناء، ومع بدء عودة أفواج السياح لمصر، فإن الشعور السائد بين المصريين أن أجواء ثورة يناير 2011 لم تغادرهم بعد، وأن السيسي نسخة محسنة من مبارك".
وأوضح أن "المصريين ما زالوا يعانون من ارتفاع الأسعار وانخفاض الأجور، لكن حجم الإحباط الذي يشعرون به لا يخرجهم للشوارع للاحتجاج، لأنهم ما زالوا يعانون من آثار الثورة الأولى، وما رافقها من تدهور أمني، وتراجع اقتصادي، ويخشون من الفوضى العامة".
وأشار الكاتب إلى أنه "فيما نحيي الذكرى السنوية الثامنة لاندلاع الربيع العربي، فإننا نشهد جولة جديدة من هذا الربيع في دول عرفته وأخرى لم تعرفه في الجولة الأولى، فتونس التي فجرت الربيع العربي تشهد مجددا مظاهرات احتجاجية ضد البطالة والوضع الاقتصادي، والسودان يعيش هذه الأيام موجة جارفة من المظاهرات العارمة ضد الفساد والوضع المعيشي، ورغم وعود البشير بتحسينات اقتصادية، فإن هناك شكوكا في أن يثق به أحد من السودانيين".
في تركيا، يقول الكاتب إن "هناك بوادر لتباطؤ اقتصادي وبطالة متزايدة ومعدلات التضخم وتراجع بثقة الرئيس أردوغان، رغم أنه حقق للدولة في السنوات الأخيرة ازدهارا اقتصاديا، في حين أن لبنان يعيش اقتصاده فشلا ذريعا، وشهد مظاهرات احتجاجية، لكن القاسم المشترك لمختلف أنحاء الشرق الأوسط أن التراجعات المريعة في أسعار البورصة قد تزيد الوضع خطورة، وتصعد الاحتجاجات الغاضبة في غالبية دول المنطقة على المدى البعيد".
عند العراق، يقول الكاتب إن "الخلاف التقليدي السني-الشيعي انتقل إلى توترات داخل الطائفة الشيعية ذاتها، فالزعيم الشيعي البارز مقتدى الصدر يخوض كفاحا اجتماعيا ضد الفساد، ونظم مظاهرات عارمة بداية العام الذي سينصرم قريبا ضد الحكومة في جنوب البلاد، ونشأ صراع بين الشيعة الفقراء الذين يعانون ظروف الحياة ضد الشيعة الأغنياء الموالين لإيران، ويسكنون في بغداد، ويمسكون بزمام الأمور في الدولة".
وأوضح أنها "المرة الأولى التي تخرج فيها مظاهرة ضد إيران في أوساط عراقيين كانوا تقليديا مؤيدين لها، وتم إحراق صور الخميني، وأطلقت هتافات ضد طهران، ما يعني فقدان الاستقرار في الدولة المقسمة لثلاث مناطق: السنة في الغرب، والشيعة في الشرق، والأكراد في الشمال".
وختم بالقول إن "السعودية تواصل تنفيذ تفجيراتها وقصفها ضد الحوثيين في اليمن المدعومين من إيران، لكنهم حافظوا على قوتهم، وهم مثل حزب الله يواصلون حيازة صواريخ متطورة، ويسيطرون على العاصمة صنعاء، وفي ظل الورطة السعودية في المستنقع اليمني الذي تحول مع مرور الوقت لما يشبه فيتنام بالنسبة للولايات المتحدة، فإن الرياض وولي عهدها محمد بن سلمان يبدوان متورطين وعالقين في قضية قتل الصحفي جمال خاشقجي، التي مست بصورة سلبية بعلاقات المملكة مع الغرب".