تثبيت مقر الحكومة والتعبئة له ليس هو مربط الفرس والغاية الأساسية من الاجتماع، فالغرض الأساسي هو بعث الروح في الحكومة التي لم تلق حماسا وتأييدا حتى في مناطق سيطرة البرلمان والجيش التابع له، الذي أعلن الناطق باسمه دعم الحكومة بعد ساعات فقط من منحها الثقة.
تخبط الساسة في الجبهتين الغربية والشرقية والموقف الشعبي الساخط ضدهم قد يكون من بين دوافع تحرك القوى العسكرية الفاعلة، خاصة في الجبهة الغربية، للبحث في سبل احتواء النزاع بين الغرب والشرق، وعدم رهن المصير والخيارات بأيدي من فقدوا التأييد الشعبي..
لقد قاد النزاع بين حكومة ادبيبة وحكومة باشاغا إلى زيادة الاحتقان والانسداد والذي كانت نتيجته قفل مواني وحقول النفط ثم وقف تدفق إيرادات الخام الليبي إلى المصرف المركزي وما يترتب عنه من مراكمة الضغوط على كاهل المواطن المطحون..
لم يكن قرار عودة تصدير النفط بإرادة ليبية خالصة، ذلك أن جبهة طبرق ـ الرجمة ترغب في أن توظف أوراقها بكفاءة في المنعطف الذي تمر به البلاد اليوم، وورقة النفط هي الورقة الرابحة بالنسبة لعقيلة صالح وخليفة حفتر..
حكومة باشاغا قد لا تختلف كثيرا عن حكومة الثني في شرعيتها وسلطتها، إلا أن شرعية وسلطة ادبيبة لن تكون بمستوى الاعتراف والتأييد الدولي الذي حظيت به حكومة الوفاق..
يمكن القول إن جلسة مجلس الأمن حول الملف الليبي بالأمس كانت عاصفة، وإن التوتر ساد الاجتماع بسبب تشدد الدول الكبرى في مواقفها والتي لم تخلُ من كيل الاتهامات، الأمر الذي قاد إلى تبني قرار بتمديد أجل البعثة الأممية الخاصة بليبيا إلى ثلاثة أشهر فحسب..
هناك الكثير مما يمكن قوله بخصوص أول اجتماع للحكومة الليبية برئاسة باشاغا، إلا أن الأهم هو الخطاب الذي يبدو أنه معتمد لديها وهو اتهام ادبيبة وحكومته بالتورط في الإرهاب ودعم الإرهابيين، ولهذا دلالته أيضا..
تشهد القاهرة جولة جديدة من المفاوضات بين وفدي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، ويبدو أنها ستكون جولة صعبة، أولا من جهة أنها تقع في جمهورية مصر، الضالعة في الأزمة الليبية بقوة منذ العام 2014م..
عوَّدنا المصرف المركزي على درجة من المهنية في إدارته للبيانات والمعلومات التي تصدر عنه، وبدا لي أن تقريره الأخير غامض ويفرض تساؤلات عدة ضمَّنّا بعضها في هذه السانحة رجاء أن تلقى توضيحا وأن تكون التقارير اللاحقة أكثر وضوحا للمواطن المعني الأول بهذه البيانات..
مدينة مصراتة لها تأثير وازن في الأزمات السياسية التي تأخذ منعرجا أمنيا وعسكريا، ومن الواضح أن الثقل السياسي والاجتماعي وحتى العسكري للمدينة متحفظ على قرارات البرلمان وعلى التغيير في الحكومة..
إعلان البرلمان قبول المشاركة في اجتماعات تونس لم يخل من غموض، فتصريحات العديد من أعضائه تتحدث عن الشروع في تنفيذ التعديل الدستوري رقم 12 الذي أقره البرلمان الشهر المنصرم، ولا يعتبرون اختيار الفريق الذي يمثلهم استجابة لمبادرة ستيفاني ويليامز..
ما تزال الأنظار معلقة على البرلمان، أو بالأحرى، رئيسه عقيلة صالح، انتظارا للرد النهائي على مبادرة مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفاني ويليامز، وذلك بعد نشر مذكرة ممهورة بتوقيع عشرات البرلمانيين يعلنون من خلالها رفضهم للمبادرة..
العقل والمنطق يحتّمان الحوار لاحتواء الأزمة الجديدة، وقد واجهت مبادرة مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفاني ويليامز، رفضا من البرلمان، وانتقلت الجهود لمنع الانزلاق إلى تأزيم أكبر إلى الولايات المتحدة ممثلة في سفيرها، ودخلت تركيا على الخط..
نحن اليوم أمام انقسام يتمترس خلفه كل طرف بحجة قانونية وسند سياسي وعسكري، مما يعني العودة بنا إلى المربع الأول في النزاع، وليس أمام الطرفين إلا التفاوض والتوافق، أما العناد واللجوء إلى قوة السلاح فلن تعضده حجة ولن يوصل صاحبه إلا إلى ما وصل إليه حفتر بعدوانه على العاصمة.
رحجان كفة أحد الطرفين (الحكومتين) على الآخر سيعتمد على حيازة سلطة المال، أي قبول المصرف المركزي به كحكومة شرعية، ومن تجارب سابقة، فإن محافظ المصرف المركزي يميل إلى حيث تميل الأطراف الدولية الفاعلة، خاصة الولايات المتحدة.
أزمة تغيير الحكومة التي أصر عليها البرلمان ما تزال قائمة، ومظاهر تأزمها أكثر تتجلى كل يوم، وهي أزمة بعدة أوجه، وجه دستوري قانوني، ووجه سياسي، وآخر اجتماعي، ذلك أنها تنشب بين كتلتين يقودهما رأسان من مدينة مصراتة..