كل النصائح التي يتلقاها رئيس الحكومة المكلّف، سعد الحريري، في العدول عن قرار الاعتذار المتّخذ لديه واستكمال مسار تأليف الحكومة، يتجاهلها أو يتصرّف تجاهها كشروط غير ملزمة، وتاليا الاعتذار على الأبواب.
تبدو مبادرة بري هي الوحيدة على الطاولة برغم تشظيها في الصميم. فهل تكون مشاهد الفوضى الذي يكثر الحديث عنها والتي بدأت مطالعها مساء الخميس؛ مدخلا لإحياء مبادرة الرئيس بري وتفعيلها، أم مقدمة لبلورة حكومة انتخابات تجدد المشهد السياسي المغلق
وفي ظل هذا الجو الاقتصادي والاجتماعي الضاغط، تذكر المعنيون من النواب قانون الكابيتال كونترول؛ الذي كان لا بد من إقراره منذ اليوم الأول لثورة تشرين؛ حماية للمودعين ومنعا لإقفال المصارف وسياسة الاستنسابية المتبعة، فهل عندما وصلنا إلى حافة الاحتياطي القانوني الإلزامي تذكرتم الكابيتال كونترول؟!
منذ انفجار المرفأ وسقوط حكومة حسان دياب ثم سقوط المبادرات واحدة تلة الأخرى انهيار كل شيء، ولا أدل على ذلك من تقرير البنك الدولي الذي حذر بلغة دقيقة من أن لبنان غارق في انهيار اقتصادي قد يضعه ضمن أسوأ عشر أزمات عالمية منذ منتصف القرن التاسع عشر، في غياب لأي أفق حل يخرجه من واقع مترد يفاقمه شلل سياسي.
المحصلة تقول إنه لا حل حكوميا إلا بتجاوز مشاكل بالجملة؛ تبدأ من الداخل المعقد إلى الشخصنة المتداخلة وصولا إلى الإقليم المنتظر، ولا تنتهي بالإرادة الدولية في بلورة حل أمريكي- إيراني، وإن كان الكل يرغب في مخرج حكومي في لبنان، حيث "استوى" الناس على جمر الغلاء والبلاء المستطير
الأجدى اليوم هي طاولة حوار صريحة لإنتاج حكومة إنقاذ تتألف من القادرين على انتشال لبنان من أزماته المتلاحقة، في انتظار إما تغيير في الظروف الإقليمية والدولية، أو إجراء الانتخابات النيابية التي ليس من المؤكد أنها ستحمل التغيير، حيث لا زالت المنظومة الحاكمة قادرة على تجديد شبابها مع القانون الانتخابي
من الواضح تردد الحريري وفريقه أمام هذه التطورات، مما دفعه إلى إعادة حساباته والتمعن في خلفيات ونتائج ما يجري، والذي سيكون أغلبه في غير مصلحته، فبدأت أوساطه تروّج للاعتذار عن تشكيل الحكومة، ولو من باب المناورة السياسية
من هنا جاء الحديث عن الواسطة التي يقودها السيد الكاظمي لبلورة آلية تلاقٍ سعودي- إيراني، قد يكون اللبنة الأساسية للحلحلة في المنطقة، خاصة أن الأمريكي يحتاج إلى الرضى السعودي مبدئيا قبل أي اتفاق جديد.
الحلول الترقيعية لا تجدي، والحل أولا وأخيرا يبدأ لبنانيا بالسياسة ويتبلور إقليميا بالاتفاق، ويتجلى دوليا بالدعم من الدول الكبرى وصندوق النقد والاشقاء العرب الذي ينعكس اقتصاديا وماليا في نسب النمو الاقتصادي الحقيقي، بدلا من منصة دولار تشتري الوقت وتتأجل من هنا وكرتونة إعاشة من فريق سياسي من هناك
المؤشّرات التي تجعل المراهنين على العوامل الخارجية يعتقدون أنّ "الانفراج" على خطّ العلاقات الأمريكيّة- الإيرانيّة يشكّل "كلمة السّرّ" في "حلحلة" قضيّة الحكومة اللبنانية والقضية اليمنية
الآن وقد تأكد دور روسيا في البلوكات الموجودة في سوريا، فعليه ومنطقيا ستكون هناك مصلحة روسية لترسيم الحدود البحرية. ومن هنا يمكن التأكيد بأنه سيكون لروسيا دور إيجابي ومحوري لتسريع هذه المهمة في الحدود الشمالية اللبنانية