كتاب عربي 21

هل تورط بشار في دماء الفرنسيين؟

1300x600
بعد أن اهتز قلب العاصمة الفرنسية باريس بسلسلة الهجمات الارهابية التى أودت بحياة مئات الأبرياء عاد الحديث مجددا عن ضرورة التكاتف العالمى للحرب على الإرهاب لتعود نفس الأسئلة المتكررة حول تعريف الإرهاب وتحديد أسبابه ودوافعه، ودائما ما نسهب جميعا فى الحديث عن دور التطرف الدينى فى صناعة الإرهاب دون أن نتحدث عن مقابله الأساسى وهو تأثير الأنظمة السلطوية وكونها شريكة أساسية فى صناعة جذور الإرهاب.

بادىء ذى بدء إدانة الإرهاب واجبة و غير مشروطة والتعاطف مع الأبرياء والضحايا لا يحتاج لقيد ولا ظرف ولا استثناء لكن الحرب الحقيقية على الإرهاب يجب أن تكون حربا منهجية تعنى بالمسببات والجذور الحقيقية  ، لذلك من الحماقة أن نعتقد أن العالم سينتصر على داعش وأخواتها بينما يحمى ويبقى على بشار الأسد وأمثاله من المستبدين و القتلة لشعوبهم. 

إن القضاء على داعش لن يتحقق فى وجود القاتل بشار فى سدة الحكم ، نظام  بشار هو الظهير لداعش والحاضنة الأساسية لتمدده ووجوده مثلما كان نظام المالكى الطائفى فى العراق فكلاهما مهد الطريق لظهور هذه العصابات الاجرامية التى تنتحل ثوب الدين وتبرر به جرائمها بينما تظهر الأحداث أنهم مجموعة من اللصوص وقطاع الطريق والباحثين عن الشهوات والمطامع الإنسانية الرخيصة والمتدنية
يخرج علينا بشار قبل عدة أيام ليقول أن من "حقه" الترشح لدورة رئاسية جديدة، مشيراً إلى أنه "من المبكر جداً القول، سأترشح أو لا أترشح ". ، كما أثنى على الدعم الروسى العسكرى الذى كان سببا فى تقدم قواته على كل الجبهات على حد قوله ! ، وأخيرا أعلن الرئيس الأمريكى المتردد أوباما صراحة أن الغارات الروسية في سوريا ساعدت تنظيم داعش باستهداف فصائل بالمعارضة السورية يقوم التنظيم بقتالهم أيضا!

على الجانب الأخر تبدو أحاديث روسيا عن محاربة الإرهاب كفكاهة سخيفة وهى تدعم الإرهابى العالمى بشار وتقاتل من يقاومه تحت زعم محاربة داعش، وهناك أيضا علامات استفهام كثيرة حول الموقف الأمريكى والأوروبى من بقاء بشار الأسد خاصة مع حالة الميوعة السياسية التى تم التعامل بها مع التدخل العسكرى الروسى الذى منح قبلة الحياة لنظام بشار الذى كان على وشك السقوط بأيدى المعارضة الوطنية التى كانت  تدق أبواب دمشق. 

منح بشار قبلة الحياة يعنى مزيدا من التمدد الداعشى ومضاعفة المبررات لتجنيد إرهابيين جدد من مختلف بلاد العالم لتحقيق اسطورة الخلافة المنشودة فى نفس الوقت الذى يتم فيه كسر عظام المقاومة الوطنية السورية المسلحة التى لها إطار سياسى يمكن التعامل معه كبديل فى ترتيبات ما بعد رحيل بشار. 

على الغرب أن يفهم أن سكوته أو دعمه أوتواطؤه مع أنظمة استبدادية هو قنبلة موقوتة ستنفجر فى وجهه عاجلا أم آجلا ، هذه الأنظمة الاستبدادية تقوم بتفريخ أجيال من المتطرفين والارهابيين الذين يتشبعون بالكراهية وينطلقون فى كل مكان بالعالم يحملون الموت للأبرياء. 

لا يمكن اعتبار أن داعش وحدها هى المسئولة عن تفجيرات باريس بل يقتضى الإنصاف أن يتحمل المسئولية كل طاغية أجهض حلم الديموقراطية فى بلاده وخلق للتطرف والارهاب مناخا يعيش فيه ويزدهر، المقارنات التافهة التى تدعى أن غياب الديموقراطية ليس أحد أهم أسباب الإرهاب بدعوى انضمام بعض أبناء الدول الأوروبية الى داعش رغم أن مجتمعاتهم تحققت فيها الديموقراطية هونوع من التدليس، فهنا فى منطقة الشرق الأوسط ترقد خميرة التطرف والارهاب التى غذتها ورعتها هذه الأنظمة الشمولية المتعفنة ومن هنا خرجت الأطروحات الفكرية العنيفة والمتوحشة التى جمعت غير الأسوياء من كل أنحاء العالم ليلتحقوا بجيش الخلافة  الداعشى المزعوم وما تنظيم القاعدة عنا ببعيد !

لا يعنى هذا أن التطرف يأتى من بلادنا فقط ، ففى كل ديانة وكل بلد نجد بعض المتطرفين لكن هذا لا ينفى أن حال بلادنا وأقطارنا العربية يشجع بشكل متزايد على نمو التطرف والارهاب ، المرحلة القادمة سيخرج علينا جيل جديد من الارهابيين المرتزقة بمعنى الكلمة الذين لا يحملون فكرا عقائديا ولا اتجاها ايدلوجيا وإنما جمعهم الفقروالقهر وألهب رغبات انتقامهم التى ستنعكس فى موجات جديدة من الارهاب تزيد من قوة المتطرفين دينيا وتخلق لهم روافد جديدة لضم مزيد من الأنصار. 

لن ينتصر العالم على الارهاب وهو يدعم ارهابيين لا يختبئون فى المغارات والجبال بل يقيمون فى قصور رئاسية ويحكمون شعوبا مغلوبة على أمرها بقوة النار والسلاح ، من يريد الانتصار على الارهاب فليتوقف عن دعم الاستبداد !!