قضايا وآراء

سيبقى الغاصب عدوا، والمتعاون خائنا!!

1300x600
لا الدَّخان، ولا التّزويق اللفظي، ولا الطّلاء المزركش، يمكنه أنه يُغير حقائق الأشياء، أو يُخرجها عن طبيعتها التي هي عليها، ويعرفها الناس بها!!

في كل لغات الدنيا.. في عالم البشر، وفي بيئة الدواب والحيوانات، ومنطق سُكّان البحار من ذوات الحراشف، وفي أعراف القرود حتى!! يُعتبر المعتدى على الحق - سواء كان هذا الحق أرضا، أو عرضا، أو مالا، أو نفسا، أو شعورا وإحساسا - يُعتبر عدوا غاصبا قبيحا، ينبغي دفعه، ومنع شره، وتأديبه على عدوانه، بل وإعانة المظلوم على الانتصاف منه، وإشفاء غليله من دمه، وتدفيعه ثمن جرأته على الآمنين، وغصب حقوق المسالمين.

منذ وُلِدنا وَوَعَيْنا نَعرف أن فلسطين أرضنا، فتحها عمر، وحرّرها صلاح الدين، وأضاعها أشباه رجال فارغين.

منذ وَعَينا نعرف أن الأقصى قبلتنا الأولى، وأنه بُقعة المسرى، ومعراج الأرض إلى السما، ومنبع البركة والهدى، وسورة في كتاب الله تُتلى، ووعد الآخرة للمؤمنين، والبُشرى!!

منذ وَعَينا قالوا لنا في كلِّ أقطارنا: نحن وُلِدنا أسياداً... وُلِدنا قادةً... وُلِدنا أبطالاً... وُلِدنا عقولاً راجحةً، وبصرا نافذاً، ومعرفة في إدارة شؤون الحكم، ونملك مَنطقاً يُذهِل، وقولا يُقنع، ويَسيلُ دبلوماسية، فأسلموا لنا زِمامكم، وأغمضوا عيونكم، واتبعونا... 

ما عليكم إلا الهتافُ لنا، والتّسحيجُ من حولنا، ونحن نخوض عنكم المعركة، ونأتي لكم بالذئب من ذيلة !!!

قالوا لنا، وَدَرَّسُونا في المدراس: أن فلسطين شرفنا، والدفاع عنها واجبنا، والشهادة على أرضها أمنيتنا، وأن أهلها إخواننا وعِزوتنا، وأن دعمهم واجبٌ!!

ودارت الدنيا دورتها، وأتتنا بِدُوَارها ونكبتها، وانقلبتْ بوجهنا معاييرُها، فلم تعد فلسطين لنا شرفا، بل صار الشرف في سلام السلامة، ولم يعد الدفاع عنها واجبا، بل غدا الواجب الدّفاع عن أمن غاصبها، ورفع الملامة، ولم تعد الشهادة أمنية، بل غدت جنونا وإحباطا وعبطا، وليس أهلها أخوة، بل بلوةٌ ينبغي التخلص من قذاها، ولم يعد دعمهم واجبا، بل صار تُهمة تفتحُ باب النّحس، وتقصفُ العمر، وتعدِمُ النفس، وتُورِثُ الاعتقالَ والحبس.!!

لم تعد إسرائيل غارةً، بل هي صديقة وجارة، تَقرأ في الكَفّ، وتبشّر بالحضارة، وهي شريكةٌ في الدار والبيت والعمارة، وخبيرة في الأمن واستقرار الحكم لأهل الصدارة ، وبارعة التربية والتعليم، ونفهم قصدها بلغة الإشارة، وتَزرع أرضنا، وتعصر زيتنا، وتأكل خبزنا، وتعقدُ علينا نكاحا صحيحا، وليس دعارة، وتملك مسجدنا.. مفتاحه والسوق، وتؤقت للصلاة، وتؤذّن بالتجارة!!

فلا يُسمح بتهريب السلاح لكبحها أو لجمها، ومَن يجرؤ، فمأخوذ بتهمة الإرهاب والظُلمة الضلالة، ولو كان ذكياً فهرّب لها الحُبَّ والودَّ والولاء والطاعة، لكان آية في الطيبِ والحسن والطهارة!!
لم أرد للحديث أن يذهب بهذا المسلك، فلستُ الهمذانيَّ وطرائفَه في الكُدية والشحاذَة ، ولا الحريريَّ في مقاماته وبدائعه،وما فيها من سُخرية وبذاذة، ولكنها لحظة الطرافة في السياسة، والصدمة في الحال، والانتكاسة.

يُعتقل العشرات زورا بتهمةٍ، هي الشَّرف لصاحبها لو صدقت، والأُمنية لطلبها لو فُقِدت، تَزعمُ أنهم ينوون تهريب السلاح للمقاومين في الضفة الغربية والقدس، ليُشعلوا انتفاضة ثالثة، تُدافع عن شرفٍ وعرض، ودينٍ وعقيدة، شطبتها الأنظمة من سيرتها الذاتية، وحفرتها الذاكرة النظيفة السليمة، في عقول وقلوب أحرار ٍ، أفلحوا في الحفاظ على وَعْيهم من أن تخطفه يد التآمر ، ويمحوه إعلام التخاذل، ويأسره منطق العجز، ويبتزّه عَرض القراصنة واللصوص!!!

الدخان ينقشع، والتزويق يبهت لونه، والطلاء ينكشف، وتثبت الحقائق، وترسخ العقائد، وتَسقط أمامها السواتر والأقنعة!!!

تضييعٌ للوقت، ومحضُ عبثٍ، تلك المحاولات، والتمثيليات والمهازل، التي تُمارَسُ ضدَّ مجاهدي الأمة وأحرارها. وتَستهدفُ وَعَي الناس؛ لتُصدِّقَ سياسةَ الكذب العاملة منذ (70) سنة، وتكذِّبَ وعيَ السياسة الراسخة منذ 1463هـ، في عقول مليارٍ ونصف مليارِ مسلم، يرجع صداها في جوانحهم وعقولهم وقلوبهم كل ثانية: 

{سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى}

{وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدنَّ في الأرض مرتين ولتعلنَّ علوا كبيرا}

{فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا }

{يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء، بعضهم أولياء بعض، ومن يتولهم منكم فإنه منهم}

{يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون}.

سيبقى في وَعي الأمة جمعاء، أن الغاصبَ المعتديَ عدوٌّ، وأن المعترضَ المقاومَ مجاهدٌ، وأن المتعاونَ الخادم خائنٌ.

فاختاروا لأنفسكم، وتطهروا، فالحَدَث الأكبرُ  يُزَال بالغُسلِ!!