من الخطأ التعميم في الحكم على المواقف والأشخاص لكن أستطيع أن أقول أن غالبية من تصدروا المشهد الثوري منذ 25 يناير وحتى من تبقى منهم الآن من وجهة نظري أغبياء حيث تصوروا أن بإمكانهم وحدهم دون غيرهم خلع الثورية على من يشاؤون ونزعها عمن يشاؤون على أساس احتكار المنطق الثوري والعقلية الثورية وتخوين الفصائل الثورية الأخرى من شركاء الميدان لمجرد بعض الاجتهادات في الممارسة السياسية التي قد تخطئ وتصيب رغم إخلاص ونقاء بعض هذه القوى ورؤيتها الصائبة لخطورة المشهد منذ البداية.
اتهم
نشطاء حركة شباب 6 إبريل جماعة الإخوان المسلمين (رغم أخطاءها الفادحة التي لا ننكرها) بالخيانة والتواطؤ مع العسكر إبان حكم المجلس العسكري للبلاد بعد 11 فبراير2011 وهذا الاتهام له وجاهته ولا يمكن إنكاره بالكلية ربما لتفضيل الإخوان وقتها عدم الصدام المباشر مع العسكر ومحاولة ترويضهم كما توهموا عبر الإصلاح الذى ثبت عدم جدواه فيما بعد وليس بالحسم الثوري والمواجهة الخشنة، لكن العجيب أن حركة 6 إبريل وقطاع من الاشتراكيين الثوريين رغم كراهيتهم للعسكر ورفضهم لحكمه وسياساته تعاونوا معه وقاموا بالتنسيق مع أجهزته للقضاء على العدو المشترك وهو الرئيس محمد مرسى وجماعة الإخوان المسلمين خلال الأشهر التي سبقت ما يسمى بثورة 30 يونيو وما تلاها من انقلاب 3 يوليو وسكتوا عن انتهاكات حقوق الإنسان والقبضة الأمنية الشرسة على حرية وإرادة المواطنين لا لشيء سوى أنهم ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين أو يتعاطفون معهم إلا على استحياء شديد لنكتشف أن مصطلحات الحرية وحقوق الإنسان مجرد حبر على ورق عندما تتعلق بالخصوم السياسيين في إطار حملة الاستئصال التي تقودها سلطة 3 يوليو وحتى الآن.
ولأن الانقلاب لا يعمل إلا لحسابه الشخصي مع مجموعة من أتباعه المكفوفين ولا يحب (وجع الدماغ) ومع أول اعتراض من رباعي الغباء (أحمد ماهر وأحمد دومة ومحمد عادل وعلاء عبد الفتاح) ومن والاهم على قانون التظاهر في حكومة حازم الببلاوي العسكرية من منطلق حرصهم على مطلبهم الشخصي في استمرار تظاهراتهم فقط ولم تتمعّر وجوههم غضباً على ضحايا مظاهرات جماعة الإخوان والتيارات الأخرى المؤيدة لمطالبهم الرافضة للانقلاب العسكري رغم أن قانون التظاهر صدر بالأساس مفصلاً ضد جماعة الإخوان المسلمين، فانقلب السحر على الساحر وذاق رباعي الغباء من كأس التنكيل والسجن لخروجهم على بنود اللعبة المتفق عليها وللأمانة كان أكثر الأغبياء وعياً إلى حد ما هم أحمد ماهر الذى اعترف من داخل محبسه الشهر الماضي أنه كان يعرف بالانقلاب و التواطؤ على أول تجربة ديمقراطية وكذلك محمد عادل وعلاء عبد الفتاح في لحظات الاتساق مع الذات حيث إنكارهما لسياسات العسكر وانعدام الثقة تماماً في عقلية العسكر على وجه عموم.
ما زال يمارس شباب 6 إبريل والاشتراكيين الثوريين الابتزاز بحق الثورة وكأنهم أصحاب الحق الحصري الرسمي لرسم حاضرها ومستقبلها حيث ترفض 6 إبريل مطلب ملايين من الثوار في الشوارع بعودة الشرعية الدستورية والسياسية والديمقراطية الضامنة الرئيسية لعودة المسار الديمقراطي الذى داسته الدبابة في تمثيلية 30 يونيو المتفق عليها مع رفضهم لحكم العسكر في نفس الوقت دون وضع إطار ثوري مؤسسي للحاضر واضح يمكن البناء عليه مستقبلاً بعد إسقاط الانقلاب مما سيخلق فراغاً مخيفاً يسمح لبيئة وشبكة النفوذ العسكري أن تعود سريعاً أقوى مما كانت عليه، فقط مصطلحات حنجورية زاعقة خاوية من المضمون الذى يضمن تثبيت أركان الثورة وعدم تكرار أخطاء الماضي لمجرد الكيد لفصيل إسلامي حاز على ثقة الجماهير ورغم أخطاءه التي اعترف بها إلا أنه لازال الأقدر على الحشد في الشارع بينما هم لا يستطيعون الحشد إلا عبر الشاشات وفضاء الإنترنت والدليل انقسام حركة 6 إبريل إلى 3 جبهات أي أن البيت الواحد مصاب بالتشقق والتصدع و ليس بمقدوره التوحد على رؤية واحدة للأزمة السياسية، ومن ثم فهذه التيارات والحركات ساقطة في الشارع ولم يكن لها أي حضور جماهيري اللهم إلا في بعض الفعاليات والبيانات التنسيقية مع كافة حركات الثورة وفى القلب منها جماعة الإخوان المسلمين حيث المطالب الشعبية التي لا يختلف عليها أحد من الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية التي لا خلاف عليها في أي مجتمع في العالم.
يريد هؤلاء الأغبياء أن يجرونا مرة أخرى إلى المربع صفر والصراع الطويل على أهداف بعيدة رغم عجزهم وعدم قدرتهم على الحشد في الشارع ويقع البعض من أنصار الشرعية في ذات أخطاء الماضي من محاولة استرضاءهم على حساب القضية الرئيسية تحت زعم التوافق الوهمي الذى لن يتحقق وتوحيد الصف الثوري وهو من قبيل الحق الذى يُراد به الباطل ولو تم الرضوخ لإرادة ومطالب هؤلاء النشطاء والحركات لوقعنا في نفس الحفرة دون أن نتوافق في النهاية وسيحتدم الصراع على وهم سلطة وأطلال دولة يتنازعها أصحاب الهوى لتصبح لقمة سائغة يلتقطها أصحاب الأجندات ووكلاؤهم وأسيادهم في المجلس العسكري القابع في الظل متحيناً الفرصة للانقضاض مع أي خلاف أو تناحر وترجع ريما لعادتها القديمة من تكرار الأخطاء الصبيانية، قد يعتقد بعض القراء أنى أتهم 6 إبريل والاشتراكيين الثوريين بالخيانة والعمالة، الأمر ليس كذلك حيث أتهمهم بالغباء الذى أدى إلى نتائج خدمت الأعداء ربما أكثر فائدة من العمالة الصريحة والخيانة لصالح العدو سواء في الداخل أو في الخارج، فلتكف الأصوات الداعية لاستجداء ومحاولات استرضاء أمثال هؤلاء الذين يرفضون في السر والعلن عبر بيانات صحفية مستمرة مجرد أن يضعوا أيديهم في أيدى جماعة الإخوان بينما هم الأضعف تنظيمياً وعددياً والأعجز عن الفعل الثوري سواء في الشارع أو مدى التأثير على قرار السلطة العسكرية الآن فالأحرار التي تمتلئ بهم شوارع وميادين الحرية والكرامة هم الأقدر على الفعل وتكبيد الانقلاب خسائر تجبرهم على التراجع وتسبب لهم الفزع والرعب الذى يقض مضجعهم، ذلك أن هؤلاء الأغبياء تعميهم كراهيتهم للإخوان والإسلام السياسي على وجه العموم عن إدراك معنى عودة الشرعية متمثلةً في الرئيس محمد مرسى شهوراً معدودة أو لساعة واحدة يدعو فيها لانتخابات رئاسية مبكرة أو يخول صلاحياته لرئيس مجلس الشورى المنتخب والمنقلب عليه حيث أن هذه الخطوة هي الضامن الوحيد لمنع تكرار تجربة الانقلاب على إرادة الشعب تحت زعم الفشل التقديري على أيدى حفنة من كبار الضباط سولت لهم أنفسهم العبث بمقدرات وشرعية شعب للحفاظ على مصالحهم الشخصية فقط وهناك آليات متعددة متعارف عليها ديمقراطية في كيفية ردع أي سلطة عن المضي في طريق الفشل والاستبداد عبر إجراءات سحب الثقة من الحكومة وانتزاع أغلبية برلمانية بانتخابات ديمقراطية تستطيع تشكيل حكومة تستطيع الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة دون أن يهتز البنيان الشرعي للدولة، وبالتالي يعود المسار الديمقراطي الذى ارتضاه الشعب بعد 25 يناير، وتحضرني في هذا المقام مقولة العلاّمة الراحل الشيخ محمد الغزالي في أمثال هؤلاء المراهقين " ليس بالضرورة أن تكون عميلاً كي تخدم عدوك، يكفيك أن تكون غبياً".