قضايا وآراء

خالعات الحجاب والنقاب.. في معرض الكتاب

1300x600
"خالعات الحجاب والنقاب.. الثورة الصامتة".. عنوان لكتاب جديد سيظهر في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2019 لكاتبة تدعى دينا أنور، أثارت الجدل مؤخراً بعدما أطلقت مبادرة نسائية بعنوان "البسي فستانك"، دعت فيها النساء إلى العودة لارتداء الفساتين مرة أخرى، والنزول إلى الشارع والتحرر من كل القيود الدينية والاجتماعية.

وتزعم الكاتبة المغمورة وقوع المرأة فريسة للقهر والجبر المجتمعي لإجبارها على الحجاب كلباس، والاحتجاب عن الحياة تحت دعاوى دينية وتقاليد بالية، كاشفة كم الازدواجية والعنف التي تعاني منها الكثير من السيدات والفتيات في خوف وصمت، تحت مظلة القهر والإرهاب الأسري والمجتمعي، على حد زعمها، ساخرةً ومُنتقصةً من مكانة الحجاب.

الكتاب يتضمن فصلين، كما تم التقديم له في صحف ومواقع رسمية وخاصة، أبرزها بوابة الأهرام المملوكة للشعب، الأول: من وراء حجاب، والثاني: ما وراء النقاب. والفصل الأول مكون من 20 باباً، حول أشكال الحجاب الجبري الذي خضعت له الفتيات والنساء في المجتمع، على شكل حكايا تحقيقية وتحليلات واقعية، كما تزعم الكاتبة في معالجاتها، ذلك أنه من الواضح أن الكاتبة لا ترفض النقاب فقط، والذي اختلف حوله العلماء بين والوجوب والسنة دون أن ينكروه أو يرفضوه، بل تعلن رفضها للحجاب كلباس إسلامي عامةً، والذي هو محل اتفاق بين جمهور العلماء والفقهاء القدامى والمحدثين، دون الخوض في الناحية الفقهية والشرعية للموضوع، فلسنا أهلاً لهذا الأمر، وإنما نتناول الموضوع من الناحية السياسية.

لا يُخفي الكتاب من عنوانه فضلاً عن مضمونه، انحياز الكاتبة الواضح والمسبق لوجهة نظر إقصائية لشريحة كبيرة من المجتمع المصري تتجاوز الـ80 في المئة من نساء مصر، ممن يرتدين الحجاب أو النقاب، ذلك أن خلفية الكاتبة الفكرية العلمانية تنال من مصداقية الكتاب، ونزاهة الكاتبة في الطرح والتحليل والمعالجة لقضية هي بالأساس شرعية وقُتلت بحثا وشرحاً وتفسيراً وتفصيلاً بين يدي علماء الفقه قديماً وحديثاً، حيث اتفقوا جميعاً بما لا يدع مجالاً للشك في فرضية الحجاب، بينما كان الاختلاف بين الوجوب وسنة النقاب بين الأئمة الأربعة وأهل العلم.

ثم انتقلت الكاتبة للحديث عن حجاب التمييز الديني، الذي كان الهدف الرئيسي له هو فضح استخدام جماعة الإخوان المسلمين للحجاب كأيديولوجية مجتمعية، كما تزعم، لفرض توغلها وسيطرتها على الشارع، بحيث يتم تمييز المسلمة عن المسيحية، وتمييز المسلمات أنفسهن دينياً، وممارسة ضغط نفسي على غير المحجبة، وهو الطرح الذي بمثابة جواز مرور لأي كتاب بإجازة النشر والتوزيع بعد عملية 30 حزيران/ يونيو، حيث العداء المبرمج للإخوان المسلمين، طمعاً في رضى السلطة الحاكمة التي تغذي هذا العداء وتقتات على تقسيم المصريين، وشرذمة الصف الوطني بين مؤيد ومعارض.

الحملة على كل ما هو إسلامي تتم بشكل ممنهج ولا تنقطع، ومحاولات التشكيك في الثوابت الدينية الإسلامية دون غيرها بطبيعة الحال مستمرة، وبشكل خبيث ومتسارع، لا سيما بعد 30 حزيران/ يونيو 2013، حيث يتم إفساح المجال لكل ناعق ومتهجم على رموز وثوابت الأمة، وكأنّ المُستهدف من هذا العبث هو رأس هذا الدين، عقيدة وشريعة، عبر تسييس خبيث للأمر. فليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة بطبيعة الحال، فقد صدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة في معرض الكتاب من العام الماضي (2018) كتاب بعنوان "مصر تخلع النقاب"، لكاتب مغمور يدعى أحمد محمد عبده، أنفقت عليه وزارة الثقافة من قوت الشعب لإفساد عقله، ويتناول أحداث ثورة 25 يناير، وكيف أن الإخوان اختطفوا الوطن واستولوا على الحكم، وكأن لسان حال الكاتب يقول إن مصر خلعت النقاب عندما تمت الإطاحة بحكم جماعة الإخوان المسلمين في 30 حزيران/ يونيو 2013.