صحافة عربية

عاموس هرئيل: "إسرائيل" تستعد للمرحلة الثالثة لكن نتنياهو لديه خطط أخرى

وصف الكاتب الإسرائيلي دعم الولايات المتحدة وتفهمها لتأخير الاحتلال الانتقال لمرحلة جديدة بـ"المدهش"- الأناضول
نشرت صحيفة "هآرتس" العبرية، مقالا للمحلل العسكري الإسرائيلي عاموس هرئيل، أشار فيه إلى أن جهاز الأمن في دولة الاحتلال يستعد للتحول إلى مرحلة جديدة من العدوان على قطاع غزة حسب توصيات الولايات المتحدة.

وقال هرئيل، إنه "على المستوى السياسي الإسرائيلي وفي جهاز الأمن يتبلور الفهم بأن الحرب في قطاع غزة يتوقع أن تنتقل إلى المرحلة الثالثة، بعد مرحلة القصف الجوي ومرحلة العملية البرية، خلال الشهر القادم".

وأضاف أنه "حسب توصية الولايات المتحدة فإن تغيير طبيعة القتال يمكن أن يشمل الانتقال إلى إقامة منطقة عازلة على حدود القطاع، وربما أيضا بين شمال القطاع وجنوبه. وتقليص عدد قوات الاحتياط والانتقال إلى صيغة الاقتحامات اللوائية، بدلا من الفرق الأربعة التي تقوم الآن بعملية برية واسعة، بطيئة وفتاكة، في جزء كبير من أراضي القطاع".

وأشار إلى أن "النقاشات في إسرائيل تتركز على مسألة متى يكون الموعد الصحيح للانتقال إلى هذا التغيير، هل في منتصف كانون الثاني /يناير أم في نهايته. ولكن هناك عائق أساسي واحد أمام هذا الانتقال وهو الوضع السياسي لرئيس الحكومة الذي يخشى من انهيار الائتلاف تحت ضغط اليمين".

وشدد على أن "الإدارة الأمريكية توصي إسرائيل بتغيير طبيعة العملية منذ فترة طويلة. ولكن الأمريكيين لا يقفون ومعهم ساعة توقيت صلبة. هم يظهرون التفهم الخارج عن المألوف لعدالة الحرب الإسرائيلية إزاء مذبحة حماس في الغلاف، ويعطوننا الدعم العسكري والسياسي الكبير ويحافظون على طول النفس المدهش، إذا أخذنا في الحسبان الاستفزازات المستمرة لنتنياهو وبعض أعضاء الجناح اليميني المتطرف في حكومته".

وذكر هرئيل أن "الإدارة الأمريكية قلقة أيضا من عمليات القتل الكثيفة للمدنيين في القطاع. ومثلما أشار الرئيس الأمريكي جو بايدن في الأسبوع الماضي فإنهم في الولايات المتحدة يتوقعون من إسرائيل تقليص هجماتها الجوية من أجل تقليل عدد المدنيين الذين يصابون في القطاع".

وبعيدا عن الولايات المتحدة، أشار المحلل الإسرائيلي إلى وجود "عائق آخر يواجه إسرائيل يتعلق بالعبء غير المسبوق على نظام الاحتياط وتأثيره بعيد المدى على الاقتصاد". وأضاف أن "مئات الآلاف من الجنود بقوا في الخدمة لمدة شهرين متواصلين تقريبا. وأصبحت العواقب المترتبة على ذلك بالنسبة للعائلات والشركات والتعليم مرهقة أكثر فأكثر. ويبدو أنه سيكون من الضروري أخذ هذا في الاعتبار وإجراء تغييرات في التحضيرات في شهر كانون الثاني".

وبحسب كاتب المقال، فإن "الولايات المتحدة لا تتحفظ من مجرد رغبة إسرائيل في تعميق العملية في خانيونس، التي قال وزير الدفاع يوآف غالنت أمس عنها بأن الهدف الرئيسي لها هو المس بقيادة حماس". وأوضح أن "النشاطات هناك تتقدم بشكل بطيء وحذر، بسبب الخوف من المزيد من المصابين في صفوف الجيش الإسرائيلي، ومن أجل تجنب المس بالمزيد من المخطوفين، الذين تفترض إسرائيل أن حماس تفضل الحفاظ عليهم كبوليصة تأمين قرب قادتها".

وأشار إلى تصريحات رئيس أركان جيش الاحتلال، هرتسي هليفي، التي قالها في جلسة كابينت الحرب يوم الاثنين، مشير إلى استغراق الولايات المتحدة عشر سنوات من أجل تصفية أسامة بن لادن رئيس القاعدة، بعد أحداث الحادي عشر من أيلول في 2001.

وأضاف: "هليفي قال للوزراء بأن قتل يحيى السنوار، رئيس حماس في قطاع غزة، سيستغرق وقتا أقل. ولكن كانت هناك رسالة خفية في ذلك وهي أنه يمكن أن تنهار العملية وتغير صورتها قبل أن تحقق أهدافها. هذه لم تكن الرسالة التي فرح من سماعها الكثير من الأعضاء في الكابينت الأمني، خلافا لكابينت الحرب. وليس بالصدفة أن انقض ايتمار بن غفير وميري ريغف وضباط كبار في الجيش تم استدعاؤهم للمشاركة في الجلسة بالانتقاد على هليفي بسبب قرار الجيش تعليق قتال جنود الاحتياط الذين قاموا بالاستيلاء على الميكروفون في المسجد في جنين من أجل استفزاز سكان المكان".

وبيّن هرئيل أن "رد رئيس الأركان الحاد يدل على أنه سئم من القيام بدور المنبر المريح للعلاقات العامة لوزراء عديمي الجدوى. ولكن عدم الرضا في الكابينت يعكس أمرا أكبر وهو الخوف المتزايد في اليمين من أن حجم القتال في القطاع سيتقلص دون أن يتم تحقيق أهداف الحرب المعلنة، وهي تدمير حماس (الجيش الأكثر حذرا يتحدث عن تدمير قدراتها) وإعادة المخطوفين وخلق وضع أمني جديد يمكن سكان بلدات الغلاف من العودة إلى بيوتهم".

كما أشار إلى أن "على رأس سلم أولويات نتنياهو يقف بقاؤه في الحكم. لذلك، ربما يختار إدارة مواجهة مصطنعة مع الأمريكيين كي يحافظ على أحزاب اليمين معه. في هذه الحالة الكرة ستنتقل إلى وزراء المعسكر الرسمي، بني غانتس وغادي ايزنكوت، اللذين سيضطران إلى اتخاذ قرار حول متى وعلى أي صراع يجب عليهما حل الائتلاف الذي وافقا على الانضمام إليه إزاء الهجوم الإرهابي من الأسبوع الأول للحرب".

وتطرق الكاتب إلى لقاءات أوسلو التي جرت في بداية الأسبوع بهدف تحريك المفاوضات مجددا للتوصل إلى صفقة تبادل الأسرى، مشيرا إلى أن الرئيس الأمريكي، بواسطة رئيس الـ "سي.آي.ايه"، وليام برانس، يريد حث إسرائيل والوسيطة قطر أيضا كي ينقذ المزيد من المخطوفين الإسرائيليين الأحياء. ولكن اختراقة في المفاوضات تبدو في هذه المرة أصعب على الوصول مقارنة مع الصفقة التي كانت في نهاية تشرين الثاني".

وأشار إلى أن "كبار قادة حماس في الخارج يبثون في هذه الأثناء خطا واحدا: الصفقة ستتم فقط إذا أوقفت إسرائيل القتال وانسحبت من القطاع. فقط عندها سيكون بالإمكان مناقشة تسوية أخرى التي حسب طلباتهم ستشمل إطلاق سراح عدد كبير من السجناء. هذا يبدو موقفا سيكون من الصعب تزحزح حماس عنه. ولكن إسرائيل أيضا تبث الآن أقوالا فارغة عن تأييدها لإطلاق سراح جميع المخطوفين"، بحسب تعبيره.


واختتم الكاتب الإسرائيلي مقاله بالإشارة لجبهة جنوب لبنان، موضحا أن "أي نقاش حول استمرار الحرب في القطاع يتعلق مباشرة بما يحدث على الجبهة اللبنانية. حتى أثناء زيارة وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، أول أمس إلى إسرائيل تم عرض موقف قاطع لواشنطن. الحل للتوتر في الشمال هو سياسي فقط. الولايات المتحدة ستحاول بلورة اتفاق يتضمن إبعاد قوة الرضوان إلى خلف نهر الليطاني. ولكنه سيضطر إلى التعامل أيضا مع النزاعات على الحدود التي لم يتم حلها بين إسرائيل ولبنان. إسرائيل بقيت متشككة بخصوص احتمالية نجاح هذه المبادرة، ولكنها ستعطي لهذه المبادرة الوقت".

وأضاف أن "حزب الله يستمر في هذه الأثناء في إطلاق الصواريخ والقذائف المضادة للدروع والمسيرات على طول الحدود، حيث أنه في كل يوم تسجل 5 إلى 10 أحداث. إسرائيل تجبي ثمنا غير قليل، عدد القتلى الرسمي لحزب الله في الشهرين والنصف الأخيرين بلغ 115 قتيلا. ولكن النجاح العملياتي هذا للجيش الإسرائيلي لا يردع حزب الله عن الاستمرار في إطلاق النار ولا يقنع عشرات آلاف السكان الذين اضطروا إلى ترك بيوتهم في البلدات القريبة من الجدار بأنه يمكن أن تكون هناك عودة آمنة لهم إلى بيوتهم في الفترة القريبة".

أما حول هجمات جماعة الحوثي في اليمن، فقد ذكر الكاتب الإسرائيلي أنه "مر شهر منذ أن اختطف الحوثيون طاقم سفينة كانت تبحر في البحر الأحمر، بالذريعة الضعيفة أنها مرتبطة بإسرائيل"، حسب زعمه.

وتابع أنه "منذ ذلك الحين اتسعت كثيرا العملية الحوثية لتشويش الملاحة في مضائق باب المندب، الأمر الذي تحول إلى مشكلة اقتصادية وسياسية عالمية. الولايات المتحدة قامت في هذا الأسبوع بتشكيل تحالف دولي يهدف إلى تأمين الملاحة، لكن في هذه الأثناء هي تكتفي باعتراض الصواريخ والمسيرات التي تطلق من اليمن، ولا تقوم باتخاذ أي سياسة هجومية".