نشرت صحيفة "
لوفيغارو" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن التوترات والتحديات التي تواجه التجارة العالمية بسبب الهجمات التي يشنّها
الحوثيون في منطقة البحر الأحمر.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن السفن الحربية الغربية أسقطت عدة صواريخ وطائرات مسيرة أطلقها الحوثيون المدعومون من قبل إيران. وقد أظهرت المبادرة الأمريكية لتشكيل تحالف دولي للتصدّي لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر مدى خطورة التهديد الذي يتربص بالتجارة الدولية.
وحسب الباحث في معهد الدراسات الجيوسياسية التطبيقية توفيق هامل: "بهذه الطريقة، تقول واشنطن للجهات المعنية بالأمن والاقتصاد في المنطقة والمستثمرين إن الولايات المتحدة ستبذل كل ما في وسعها لحماية مصالحهم وتسعى إلى طمأنة الأسواق".
الحرب بين حماس و"إسرائيل" في الخلفية
بلغ التوتر ذروته في البحر الأحمر، الذي يمر منه 12 بالمئة من التجارة العالمية وفقا لغرفة الشحن الدولية. وقد حذّرت الجماعة اليمنية من أنها ستستهدف السفن التي لها علاقات مع إسرائيل قبالة سواحل اليمن، وذلك ردًا على الحرب بين الكيان الصهيوني وحماس.
وبيّنت الصحيفة أن بعض السفن التجارية تأثّرت بهذه العملية، مثل سفينة الحاويات التابعة لشركة البحر الأبيض المتوسط للملاحة الرائدة عالميا في النقل البحري "بالاتيوم 3" التي تعرّضت لهجوم بصاروخ باليستي ليتم إخراجها من الخدمة منذ ذلك الحين. وبعد سلسلة من الهجمات، أعلنت شركات النقل البحري الرئيسية، الواحدة تلو الأخرى، تعليق مرور سفنها عبر البحر الأحمر، "الطريق البحري السريع"، الذي يربط البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الهندي مرورا بقناة السويس، وبالتالي أوروبا بآسيا.
وأضافت الصحيفة أن شركة "ميرسك" الدنماركية التي تسيطر على نحو 15 بالمئة من حركة الحاويات، كانت أول من أمر أسطولها بوقف جميع الرحلات عبر مضيق باب المندب - وهو الشريان الرئيسي لشحنات النفط العالمية والممر الحاسم إلى قناة السويس. وحذرت الشركة من أن "الهجمات الأخيرة على السفن التجارية مثيرة للقلق للغاية، حيث يعرض الوضع الحالي حياة البحارة للخطر ويهدد التجارة العالمية".
عمالقة الشحن البحري ينهارون
أوردت الصحيفة أن شركات النقل البحري الأخرى، على غرار شركة "هاباج لويد" الألمانية، وشركة "سي إم ايه - سي جي أم" الفرنسية لنقل الحاويات والشحن، وشركة البحر الأبيض المتوسط للملاحة الإيطالية السويسرية، وشركة "بريتيش بتروليوم" (عملاق الهيدروكربون الإنجليزي) قامت بتعليق جميع عمليات النقل في البحر الأحمر.
ويوم السبت، أكدت شركة البحر الأبيض المتوسط للملاحة أنها "أعادت توجيه بعض الخدمات" للمرور عبر رأس الرجاء الصالح في أقصى جنوب أفريقيا، وطلبت من عملائها "إظهار التفهم في هذه الظروف الخطيرة". وفي المجمل، تسيطر الشركات التي تجنبت قناة السويس على نصف السوق العالمية.
وأوضح توفيق هامل أن "هذا القرار يكتسي أهمية كبيرة بالنسبة للتجارة العالمية". يؤدي الانعطاف نحو جنوب أفريقيا إلى إطالة الرحلة بشكل كبير بنسبة 40 بالمئة بالنسبة لنقاط الربط في روتردام وسنغافورة. واعتمادا على الطرق والسفن، زادت مدة الرحلة بين آسيا وأوروبا ما بين ستة إلى اثني عشر يوما.
وأكد الباحث أن "ذلك سيؤدي إلى زيادة أسعار التأمين ويمكن أن يعطل سلاسل التوريد العالمية، مما سيؤثر على أسعار النفط والغذاء والمواد الخام. ويوم الإثنين، أدى القلق على أمن البحر الأحمر، الطريق الأساسي لتجارة الذهب الأسود، إلى رفع سعر برميل خام برنت بنحو 3 بالمئة ليصل إلى 79 دولارا، وفقا للصحيفة.
العرض تحت التهديد
حسب تقديرات توفيق هامل، في كل سنة "تعجز حوالي 30 ألف سفينة عن تجنب الحوثيين في منطقة باب المندب". ووفقا للغرفة الدولية للشحن، التي تصف الوضع بأنه "تهديد خطير للغاية للتجارة الدولية"، فإن 30 بالمئة من حركة الحاويات الدولية تمرّ عبر قناة السويس.
وأشارت الصحيفة إلى أن الكثير من شركات النقل تطالب بعلاوات مخاطر إضافية للرحلات داخل المنطقة، مما يزيد بشكل كبير من أسعار الشحن. وحسب وكالة ستاندرد آند بورز "ستخضع الآن الحاوية المتجهة إلى الشرق الأوسط لرسوم إضافية تتعلق بمخاطر الحرب بقيمة 100 دولار لكل حاوية على البضائع الجافة والمبردة".
وذكرت أن التوتر المتجدد في البحر الأحمر يعد خبرا سيئا للغاية بالنسبة لمصر، التي تعاني أزمة اقتصادية كبيرة، ذلك أن قناة السويس تدر عليها عائدات تمثل حوالي 2 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي. وإذا استمر الوضع على هذا النحو، فقد يمثل ذلك خسارة ضارة للعملة الأجنبية بالنسبة للدولة المثقلة بالديون، حيث يبلغ معدل التضخم حاليا 36.4 بالمئة، وفقدت العملة الوطنية نصف قيمتها، وترتفع أسعار بعض المواد الغذائية الأساسية أسبوعيا.