نشر موقع "
يورونيوز" تقريرا حول ردود فعل الشركات على
الحرب بين حماس وإسرائيل، وما ترتب عليها من استجابة متباينة من المستهلكين من
خلال حركات
المقاطعة.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه بعد
الهجوم الذي شنته حركة حماس الفلسطينية المسلحة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، أصدرت
عدد من الشركات بيانات إدانة.
وأوضح الموقع أن شركة "والت ديزني" تبرّعت بمبلغ مليوني
دولار للمنظمات الإنسانية في المنطقة، وأعربت عن غضبها إزاء "الهجمات
المروعة". وقال آندي جاسي، الرئيس التنفيذي لشركة أمازون، على
تويتر، إن العنف ضد المدنيين كان "صادمًا ومؤلمًا للمشاهدة". وكتب ألبرت
بورلا، الرئيس التنفيذي لشركة فايزر، على موقع لينكد، أنه "مفطور القلب بسبب
الفظائع".
وفي حين كانت تعبيرات التعزية هذه طبيعية بالنسبة للبعض، إلا أن مؤيدي
الفلسطينيين لم يكونوا متأكدين من ذلك. بينما كانت الشركات تتعاطف مع الإسرائيليين،
كان هناك محو للمعاناة الفلسطينية في السرد، وهي معاناة مرت دون أن يلاحظها أحد
نسبيًا مقارنة بالهجوم الذي حدث في 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
وأفاد الموقع بأنه سرعان ما تورطت ستاربكس وماكدونالدز في جدل
الشركات، فعندما بدأت إسرائيل ضرباتها الانتقامية على
غزة، أعلنت سلسلة الوجبات
السريعة أنها تقدم آلاف الوجبات المجانية لأفراد قوات الدفاع الإسرائيلية. وقد
زعمت الجماعات المؤيدة لفلسطين أنه من خلال تقديم هذه الوجبات المجانية، تواطأت
ماكدونالدز في
دعم التطهير العرقي للفلسطينيين.
أما بالنسبة لستاربكس، فقد دخلت المعركة عندما نشرت نقابة عمالهم
رسالة على موقع "إكس" يعلنون فيها تضامنهم مع فلسطين. وبعد هذا المنشور،
كان هناك رد فعل سريع من عدة مجموعات يهودية، ولكن عندما قررت ستاربكس رفع دعوى
قضائية ضد النقابة، أطلقت الشركة موجة من الغضب بين مؤيدي الفلسطينيين.
هل تتكلم أم تصمت؟
في الأيام التي سبقت وسائل التواصل الاجتماعي، لم يكن من المرجح أن
تشارك العلامات التجارية في الوعظ الأخلاقي العام، فرغم وجود مصطلح
"المسؤولية الاجتماعية للشركات" منذ خمسينيات القرن الماضي، فإن
الفكرة كانت تتعلق بالعمل الخيري أكثر من إصدار بيانات حول قضايا ثقافية أوسع. وقد
اعتقدت العديد من الشركات في السابق أنه ليس من الضروري -أو من الحكمة- أن تعبّر
عن آرائها حول المسائل الاجتماعية.
ولكن انطلاقة وسائل التواصل الاجتماعي في العقد الأول من القرن
العشرين جلبت معها تحولًا ثقافيًا هائلاً، وبما أنه أصبح من الأسهل الآن مناقشة
الآراء وتبادلها، فإن الشركات تتعرض لضغوط أكبر للوقوف والتحدث علنًا عن الظلم
المتصور، حتى تلك التي لا تتورط فيها بشكل مباشر.
وأشار الموقع إلى أنه أحيانًا ما يكون هذا مكسبًا أكثر من كونه عبئًا
على الشركات، كما كان واضحًا بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، نظرًا لأن العالم الغربي
حمل إجماعًا عامًا على الظالم هنا، ما مكن العلامات التجارية من إظهار موقفها
الأخلاقي دون الكثير من المخاطرة بالسمعة.
وأضاف الموقع أنه عندما يكون الرأي العام أكثر انقسامًا، يمكن أن يصبح
نشاط الشركات أكثر تعقيدًا بعض الشيء، حيث ترى آن صوفي كلايس، الأستاذة المساعدة
في الاتصالات المؤسسية بجامعة غنت في بلجيكا، أنه ليس هناك حل واضح يمكن تقديمه
للشركات هنا، وأن الشيء الوحيد الذي يجب أن يأخذوه بعين الاعتبار هو أن يكونوا
متسقين.
السلطة والشعب
أوضح الموقع أن محاولة تحديد مدى الدعم الذي يحظى به الهجوم
الإسرائيلي بين المواطنين العاديين ليس بالمهمة السهلة، فوفقاً لاستطلاع رأي نُشر
في 27 تشرين الأول/ أكتوبر في صحيفة معاريف الإسرائيلية، فإن ما يقارب نصف
الإسرائيليين يريدون وقف أي غزو لغزة.
في المملكة المتحدة، أظهر استطلاع أجرته مؤسسة إيبسوس في 27 تشرين
الأول/ أكتوبر أن الرأي العام البريطاني أكثر ميلاً إلى رغبة حكومة المملكة
المتحدة في أن تكون وسيطاً محايداً في الصراع (37 بالمئة)، أو عدم التدخل على
الإطلاق (16 بالمئة)، بدلاً من تأييد إسرائيل (13 بالمئة) أو الفلسطينيين (12
بالمئة)
يمكن رؤية ردود الفعل العامة المنقسمة بالتساوي بين الهيئات السياسية
في الغرب، وبالنظر إلى الاختلاف في هذه الآراء، فمن السهل أن نرى لماذا قد تصبح
اتصالات الشركات صعبة في مثل هذا الوقت، فمن خلال اختيارها التحدث عن حرب حماس
وإسرائيل، فإن العلامات التجارية تعرض نفسها بشكل طبيعي للانتقادات من كلا جانبي
النقاش.
معاداة السامية ومشروعيّة المقاطعة
تواصل الموقع مع المجموعات المؤيدة لإسرائيل والمؤيدة للفلسطينيين
الذين يتجنبون الأعمال التجارية بسبب الصراع، وفي حين لم تعلق الجماعات المؤيدة
لإسرائيل، ردت حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات التي يقودها
الفلسطينيون، والنشطة منذ 2005، والتي تركز عمليات المقاطعة على عدد صغير من
الشركات التي تعتقد أنها متواطئة في انتهاكات الحقوق الفلسطينية
قالت حركة المقاطعة إن جميع الجهود الشعبية السلمية، بما في ذلك
المقاطعة وسحب الاستثمارات، لمحاسبة هذه الشركات المتواطئة على دعمها لجرائم
إسرائيل ضد الفلسطينيين، مبررة، وشددت على أن "المقاطعة فعالة"، وأنها
"أدت بالفعل إلى انسحاب الشركات الكبرى متعددة الجنسيات مثل فيوليا وأورانج
وجنرال ميلز من الأنشطة في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية".
في حين أن حركة المقاطعة قد تكون ناجحة، إلا أن المجموعة اجتذبت مع
ذلك نصيبها العادل من الجدل على مر السنين. فقد أثارت المجموعة جدلاً ملحوظًا حول
شرعية المقاطعة، وكذلك الحق في حرية التعبير. قرر البرلمان الألماني في 2019 أن
حركة المقاطعة استخدمت أساليب معادية للسامية لتحقيق أهدافها، وقد ترددت مشاعر
مماثلة في دول مثل فرنسا والمملكة المتحدة.
وفي الولايات المتحدة، أقرت عدة ولايات مشاريع قوانين تهدف إلى تثبيط
المقاطعة المناهضة لإسرائيل، لكن العديد من هذه المبادرات تعرّضت للطعن القانوني
على أساس حريّة التعبير، حيث زعم المقاطعون أنه ينبغي السماح لهم بانتقاد الدولة
الإسرائيلية.
وأكد الموقع أن الجدل الدائر حول حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض
العقوبات يسلط الضوء على صعوبة مناقشة حرب إسرائيل مع حماس، حيث إن الشركات، من
خلال إدانة أعمال نتنياهو الهجومية، تجعل نفسها عرضة للاتهامات بمعاداة السامية.
من ناحية أخرى، ازدادت الهجمات اللفظية والجسدية ضد المواطنين اليهود بمعدلات مثيرة
للقلق بسبب التوترات المتصاعدة؛ حيث اقتحم مئات الرجال مطارًا في داغستان ذات
الأغلبية المسلمة بحثًا عن ركاب إسرائيليين يوم الاثنين، كما لاحظت لندن زيادة
بنسبة 1353 بالمئة في الجرائم المعادية للسامية في تشرين الأول/ أكتوبر، مقارنة
بالفترة نفسها من السنة الماضية.
من الصعب أن نرى كيف يمكن للشركات أن تتفاعل مع الحرب بطريقة لن تؤثر
على شعبيتها لدى المستهلكين، ولكن حسب الأستاذة كلايس، فإن هناك فرقاً بين ما يجب
عليك فعله أخلاقياً وما يجب عليك فعله من حيث الإستراتيجية والسمعة.