مقالات مختارة

لعبة السعودية والإمارات في اليمن

1300x600

تتبادل الرياض وأبوظبي الأدوار في اليمن، فالأولى تُظهر أنها منحازة بشكل كامل للشرعية التي طلبت تدخلها، بينما موقف الثانية واضح وهو مع مليشياتها العسكرية في الجنوب.


صحيح أن هناك اختلافا بينهما تعكسه بعض المواقف والتصريحات والسياسة الإعلامية، لكن ذلك يظل في حدود التفاصيل، وليس الأهداف التي تبدو محل تقاطع كبير على الأقل في المدى الحالي والمتوسط.


يكاد يكون مرّ شهر على انقلاب «المجلس الانتقالي» المدعوم إماراتيا على الشرعية في عدن، ومع ذلك لم تستطع السعودية التي تقود التحالف تحقيق أي شيء مما تدعو إليه في بياناتها، خاصة التي تصدرها منفردة.


ويُتداول تفسير مفاده أن التحالف يريد بقاء الوضع على حاله، حيث تبقى عدن وجزء من أبين -بجانب الضالع- ولحج بيد الانتقالي، وتظل قوات «الشرعية» على أبواب زنجبار، لا يُسمح لها باستعادة عاصمتها المؤقتة، لحين تقبل هي تحديدا بفعل عوامل عدة بالحوار مع الانقلابيين الجدد لشرعنة واقعهم، وقبل إعادة الوضع لسابقه.


وما يعزز هذا الرأي هو بيانات الرياض وأبوظبي اللتين تكرران الدعوة لحوار فوري ودون شروط، وهذا يعني ببساطة شرعنة الانقلاب، مع استيعاب القائمين عليه في حكومة الشرعية، التي ماتزال متمسكة بموقفها الرافض لأي حوار قبل إنهاء الوضع الشاذ.


ليس هناك من خيار أمام «الشرعية» إلا الثبات على هذا الموقف والمراوغة السياسية واستخدام ما تملكه من أوراق، مثل التهديد بسلاح رفع شكوى لمجلس الأمن، بما تقوم به الإمارات، وكذا رفع دعاوى قضائية ضدها في المحاكم الأوروبية ذات الاختصاص الدولي، وفتح ملف جرائمها على أكثر من صعيد.


 وعلى الأرض، يجب اتخاذ خطوات معينة لفرض أمر واقع، واستثمار الدعم الشعبي والقبلي لصالح تعزيز موقفها السياسي والعسكري، وتجنّب فخ الرهان على لعبة الوقت، وتبريد الوضع، كما يريده التحالف.


لا يجب القبول بالحوار قبل عودة «الشرعية» بمؤسساتها المدنية والعسكرية لعدن وحلّ مليشيات التمرد، ويتعين على الرئيس وحكومته الضغط على التحالف بالرفض ومطالبته بتحمّل مسؤولياته، بدلا من البقاء في حالة المنتظر ودائرة الضغوط.


من أخطر تداعيات انقلاب عدن، القضاء على تضحيات خمس سنوات من النضال والكفاح لاستعادة الدولة، وإنهاء سيطرة الحوثي عليها بصنعاء، ووضع اليمنيين بين خيارات سيئة، إما القبول بسيطرة الانتقالي على الجنوب والانفصال، أو القبول بالحوثي شمالا، وهذا ما يرفضه أحفاد التبابعة، ويعبّرون عن رفضهم بأشكال مختلفة.


ومثلما أسلفنا في البداية بأن هناك اتفاقا كبيرا بين الرياض وأبوظبي، في الأهداف سواء بإضعاف الشرعية وعدم السماح بقيام سلطة دولة قوية، أو بالتقسيم وتقاسم النفوذ واستنزاف القوى الوطنية وإبقاء البلد تحت الوصاية والهيمنة.


على الشرعية والقوى اليمنية كافة المؤيدة لها تحمّل مسؤولياتهم، والبحث عمّا يُنهي هذا المأزق، وتجاوز مصالحهم الخاصة، والأحقاد، والتعامل مع التحالف بصفتهم أبناء البلد وأصحاب القرار، لا مجرد نزلاء فنادق هنا وهناك بالخارج.

 

عن العرب القطرية