اقتصاد عربي

مصر تستدين لتسديد تكاليف حفر "تفريعة" السويس الجديدة

اقتربت ديون مصر الخارجية من 100 مليار دولار نهاية 2017 - جيتي

 على مدار 3 سنوات هي عمر تفريعة قناة السويس الجديدة، عاش المصريون حالة من الجدل بين معارضي النظام العسكري الحاكم من جهة وبين رافضيه من جهة أخرى حول أهمية تلك التفريعة وحجم إيراداتها، ليستيقظ الجميع على صدمة ديون قناة السويس.
  
وكشفت صحيفة الشروق المصرية الأحد، عن استدانة هيئة قناة السويس من البنوك المحلية والأجنبية لاستكمال مشروعاتها وسداد مستحقات شركات المقاولات المشاركة بحفر قناة السويس الجديدة (تم افتتاحها في 6 آب/أغسطس 2015 بطول 35 كم)، مؤكدة أن ديون الهيئة لدى البنوك بلغت 2 مليار دولار.
 
وأكدت أن هيئة القناة طلبت من مجموعة بنوك محلية قرضا بقيمة 400 مليون دولار لتمويل أعمال البنية التحتية لمشروعات الهيئة، وأنها حصلت خلال عام 2015 على قروض مباشرة من البنوك بقيمة 1.4 مليار دولار، للمساهمة في المكون الأجنبي لمشروع حفر القناة الجديدة، وسداد التزاماتها تجاه الشركات الأجنبية العاملة في المشروع.
  
وأوضحت الصحيفة، أن الهيئة كانت قد طلبت قرضا بـ300 مليون دولار لشراء حفار في 2017، وأن القرض الجديد بقيمة 400 مليون دولار لتمويل مستحقات شركات المقاولات المشاركة بحفر قناة السويس الجديدة، والمساهمة بتمويل مشروع قناة شرق تفريعة بورسعيد الجديدة بطول 9.5 كيلومترات.
 
 وفي آب/أغسطس 2017، أعلن وزير النقل، هشام عرفات، ورئيس هيئة قناة السويس الفريق مهاب مميش، عن تخفيضات تناسبية على رسوم عبور السفن بحد أقصى 50 بالمئة، بهدف جذب الخطوط الملاحية العالمية للموانئ المصرية، بعدما أظهرت بيانات رسمية، انخفاض إيرادات القناة إلى 459.8 مليون دولار من 470.6 مليون في آب/أغسطس 2016.
 
وفي الوقت الذي تقترض فيه هيئة القناة لاستكمال مشروعاتها وسداد ديونها للمقاولين بلغت إيرادات القناة في عام 2017 نحو 5.3 مليارات دولار بزيادة 5.4 بالمئة عن العام 2016، وتتوقع ارتفاع الإيرادات من مرور السفن إلى 13.2 بليون دولار سنويا بحلول 2023، ما يدعو لطرح التساؤل: لماذا تقترض قناة السويس وهي تحقق نحو 5 مليارات دولار سنويا؟


 عبء التفريعة
 
وفي إجابته قال أستاذ التمويل والاقتصاد بجامعة إسطنبول صباح الدين زعيم، الدكتور أشرف دوابة: "بشكل عام فإن إيرادات القناة وغيرها من الهيئات تذهب للموازنة العامة للدولة"، موضحا لـ"عربي21"، أن "اتجاه هيئة القناة للاقتراض يعني شيئا واحدا وهو أن التفريعة الجديدة لم تكن عبئا على القناة فقط بل على الموازنة والدولة المصرية أيضا".
  
الدولة من تسدد
 
وأكد أستاذ الاقتصاد بجامعة ميتشغان الدكتور رضا نجيب، أن "مصر تطبق نظام الخزانة المركزية وليست خزانة الفرعيات المتعددة"، موضحا أن "كل إيرادات الدولة المصرية تدخل الخزانة المركزية بما فيها إيرادات قناة السويس".
 
وبين لـ"عربي21"، أن الوضع في مصر "بعكس أمريكا مثلا فكل وزارة أو ولاية أو مدينة لها ميزانياتها الخاصة، وكل ما يجمعونه من إيرادات فهو خاص بهم؛ ويقال عليها الميزانية المحلية أي كل جهة لها ميزانيتها المستقلة".
  
وأكد أنه في حالة قناة السويس فإن كل إيراداتها تدخل الخزانة العامة وفي ذات الوقت فإن الديون المتراكمة عليها فعلى الدولة المصرية أن تسددها وليست قناة السويس.
 
وحول مدى تأثير تلك الديون على عمل قناة السويس ومستقبلها، قال الأكاديمي المصري: "ليس لها تأثير على قناة السويس لأن الدولة هي الملزمة بسداد هذه الديون وليست القناة"، مضيفا أن "هذه الديون هي جزء بسيط من إجمالي الديون على مصر التي تعدت التريليون جنيه".
 
الاحتلال الاقتصادي
 
وأشار المحلل والباحث عمرو خليفة، إلى خطورة تلك الديون ليس على القناة بل على مصر ومؤسساتها جميعا، وقال: "لا يوجد أدنى شك أنه في علاقة الدائن والمديون توجد قوانين عرفية تحكم العلاقة الثنائية؛ أهمها أن الدائن يتسلط العلاقة استراتيجيا".
 
خليفة، أكد لـ"عربي21"، أنه "من هذا المنظور يفقد المديون السيطرة الكاملة على ملفاته الاقتصادية"، نافيا الجزم من خلال عدسة المؤامرة بأن "هناك خطة محكمة للسيطرة على الأصول المصرية العامة، كقناة السويس وغيرها".
  

وقال: "في الوقت نفسة، من المؤكد أن الاستمرار في رفع الدين الخارجي لمصر يعرضنا كوطن، وتحديدا يعرض أولادنا لخطر الاحتلال الاقتصادي وهذا هو سلاح القوة الاستعمارية بالقرن 21".
 
 هذا هو العيب
 
وفي رؤيته أكد الكاتب الاقتصادي مصطفى عبد السلام، أنه "ليس عيبا أن تحصل مؤسسة اقتصادية ضخمة بحجم هيئة قناة السويس على قروض لتمويل أنشطتها التجارية وتوسعاتها، ولا نستطيع أن نجزم أن الحصول على قروض يعني مرور القناة بضائقة مالية".
 
  عبد السلام، أضاف عبر "فيسبوك": "لكن العيب في الأمر أن تتحول القناة من رافد رئيسي للخزانة العامة ومورد ضخم للضرائب إلى عبء على الخزانة وميزانية الدولة تستنزف أموال دافعي الضرائب".
   
واستهجن حصول "القناة على قروض ضخمة بالنقد الأجنبي، في حين أنه من المفروض أن إيراداتها أصلا بالعملات الأجنبية المختلفة، وتحصل على سيولة دولارية يومية عن عبور نحو 60 سفينة بها".
 
  اعتراف حكومي
 
واعترف عمرو الجارحي، وزير المالية أن المؤشرات التاريخية للدين العام المصري توضح أن حجمه كان يتراوح بين 700 و800 مليون جنيه، وفي آخر 5 سنوات، تضاعف الدين تقريبا إلى 5 أضعاف، وسيواصل ارتفاعه خلال الفترة المقبلة.
 
 وأكدت وكالة "فيتش"، مع بداية 2018، أن ديون مصر الخارجية اقتربت من 100 مليار دولار نهاية 2017، والدين الحكومي إجمالا نحو 3.9 تريليونات جنيه (222 مليار دولار)، ووفق بيانات وزارة المالية المصرية، فإن إجمالي الدين العام المحلي والخارجي تجاوز 4 تريليونات جنيه (226 مليار دولار) نهاية العام المالي 2016 /2017.
 
 وتحدث وزير المالية هذا الأسبوع بالبرلمان، عن الارتفاع الضخم لفوائد الديون المحلية والخارجية، (خدمة الدين) ليبلغ 380 مليارا و986 مليون جنيه، وتوجيه أكثر من ثلث النفقات العامة بموازنة العام الجديد للإنفاق على فوائد الديون.