كشف رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمدالله عن أرقام؛ ملفتة لأعداد منتسبي الأجهزة
الأمنية في الأراضي الفلسطينية، بتخطيهم لحاجز الــ65 ألف موظف، منهم 30 ألف موظف في الضفة الغربية.
وبين الحمدالله أن قطاع الأمن يستحوذ على حصة الأسد من الموازنة الفلسطينية بتخطي نفقاته لحاجز المليار دولار سنويا، أي ما نسبته 25 في المئة من إجمالي الموازنة الفلسطينية التي بلغت لهذا العام 4.2 مليار دولار.
ولكن الحمدالله أشار إلى نقطة أخرى؛ وهي أن نسبة الضباط في القطاع الأمني تخطى حاجز الـ80 في المئة من منتسبي هذا القطاع، الأمر الذي تسبب في تضخم كبير في نفقات الموازنة، ما دفع الحكومة إلى إعادة إعداد خطة عاجلة لمواجهة هذه المشكلة من خلال سن قانون التقاعد للموظفين العسكريين في المحافظات الجنوبية (قطاع غزة) قبل نحو خمسة أشهر، وفتح المجال لتوظيف مئات الجنود العسكريين في الضفة الغربية ضمن خطة إعادة بناء الأجهزة الأمنية، وفق رئيس الحكومة الفلسطينية.
تضليل الشارع
لكن حديث الحمدالله قوبل بردة فعل غاضبة من قبل الموظفين ونقابات العمال في غزة؛ التي رأت أن الحكومة تحاول "خداع" الشارع بأن إحالة عشرات الآلاف من موظفي غزة للتقاعد، جاء لظروف اقتصادية بحتة، وأشار مراقبون من غزة إلى "أغراض سياسية" تسببت بهذه الإجراءات، بهدف الضغط على حركة
حماس وإجبارها على تسليم قطاع غزة للسلطة الفلسطينية في رام الله.
من جانبه، أكد النائب عن حركة حماس، جمال نصار، وهو رئيس اللجنة الاقتصادية والمالية في المجلس التشريعي، أن "حكومة رام الله تخفي الكثير من الحقائق عن بنود وأرقام الموازنة التي تخصصها لقطاع غزة، وتحاول تحميله المسؤولية عن سبب حدوث هذه الأزمة المالية التي ليس لها أي أساس من الصحة"، على حد قوله.
وبين نصار أن "هنالك فرقا شاسعا بين رواتب موظفي السلطة في غزة ونظرائهم من الضفة الغربية، حيث يحصل موظفو السلطة في الضفة الغربية على كامل حقوقهم الوظيفية، ويستفيدون من كامل العلاوات والامتيازات السنوية التي تمنحها الحكومة لهم بشكل دوري، حيث يبلغ متوسط رواتبهم ما يقرب من الـ1200 دولار شهريا، في حين أن ما يحصل عليه موظفو السلطة في غزة هو ذات الأجر الذي كانوا يتقاضونه منذ 12 عاما ولا يتجاوز بالمتوسط حاجز الـ600 دولار، بالرغم من تقارب أعداد الموظفين العساكر بين الضفة وغزة".
وتساءل نصار: "إذا كانت الحكومة تدعي بأنها تمر بأزمة مالية وتسعى لمواجهة هذه الأزمة بمزيد من إجراءات التقشف بإقرار قانون التقاعد، فلماذا سارعت إلى
فتح باب التوظيف لآلاف العساكر الجدد في الضفة الغربية؟".
وبلغة الأرقام، يبلغ عدد موظفي
السلطة الفلسطينية حوالي 170 ألف موظف، تستحوذ الضفة الغربية على حصة الأسد منهم بحوالي 115 ألف موظف، وتبلغ نسبة الموظفين العسكريين من إجمالي عدد الموظفين 38 في المئة. أما عن فاتورة الرواتب للموظفين الحكوميين (المدني والعسكري) فوصلت لما قيمته 2.2 مليار دولار سنويا.
ضغوط إسرائيلية
من جانبه، تحدث مصدر أمني في السلطة الفلسطينية، لـ"
عربي21"، عن أن "الجانب الإسرائيلي قد طالب السلطة الفلسطينية ببذل المزيد من الجهود في ملف الأمن، من خلال زيادة عناصر الشرطة الفلسطينية في المناطق المحاذية للمستوطنات، بعد أن ارتفعت وتيرة العمليات الفدائية التي ينفذها شبان فلسطينيون بحق الجنود والمستوطنين الإسرائيليين".
وأضاف المصدر، الذي تحفظ عن ذكر اسمه، أن "إسرائيل هددت السلطة الفلسطينية بوقف تحويل أموال المقاصة والضرائب التي تجبيها نيابة عنها، إذا لم تبذل جهودا أمنية في هذا الخصوص".
بدروه، رأى الكاتب والمحلل السياسي، فايز أبو شمالة، أن "رئيس الحكومة الفلسطينية يحاول بهذه التصريحات أن يخفي الحقيقية عن أبناء شعبه، عبر الإيحاء بأن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة مؤخرا بحق قطاع غزة، ومن ضمنها إحالة جميع موظفيه للتقاعد، هي ضمن إجراءات الحكومة لمواجهة الأزمة المالية التي تعيشها، وهو تبرير ليس منطقيا، ويحمل تناقضا كبيرا بين الحقيقة على الأرض وبين التصريحات الإعلامية"، كما قال.
وبين أبو شمالة، في حديث لـ"
عربي21"، أنه "لا يمكن مواجهة الأزمة المالية في أي دولة بفرض خطط التقشف على جزء من أرضها، وتقديم تسهيلات في الطرف الآخر، وهذا يبين أن هنالك يدا إسرائيلية تقف وترسم لهذه السيناريوهات لتحقيق مجموعة من المكاسب السياسية من أبرزها الحفاظ على الأمن في مناطق المستوطنات، لا سيما بعد توسيع رقعة الاستهداف من قبل المقاومين الفلسطينيين للجنود الإسرائيليين من المناطق الداخلية إلى قلب المستوطنات في الضفة الغربية"، وفق تقديره.