اقتصاد عربي

بنوك المغرب تتجاهل تحذيرات "المركزي" وتسحب العملة الصعبة

عمليات سحب العملة غير أخلاقية قبل أن تكون غير قانونية ـ عربي21
رفضت مجموعة من البنوك المغربية، الالتزام بتوجيهات والي بنك المغرب (محافظ البنك المركزي)، وواصلت عمليات شراء العملة الصعبة، وحرمت المشتغلين في قطاع الاستيراد من المال للقيام بعمليات اقتصاديية.

ومنعت بيع العملة الصعبة لعدد من رجال الأعمال المشتغلين بقطاع الاستيراد، ساعات بعد إعلان والي (محافظ) بنك المغرب (البنك المركزي) دخول تعويم سعر الدرهم ابتداء من فاتح يوليو/تموز القادم.

وأكدت مصدر متطابقة قيام البنوك بعمليات شراء للعملات الأجنبية وصلت إلى 44 مليار درهم (440 مليون دولار) بمعدل 1.2 مليار درهم في اليوم، وذلك ترقبا لانخفاض سعر الدرهم مع دخول عملية تحريره حيز التطبيق.
 
وامتنعت البنوك عن منح عدد من المستوردين، العملات اللازمة لتغطية عمليات الاستيراد، ما خلق جوا من الارتباك في السوق وأثر على الاستيراد.

وتهدف البنوك إلى  الاحتفاظ بالعملات إلى حين إعلان تحرير الدرهم وتوقع انخفاضه، بعد أن طلبت تراخيص بنك المغرب للحصول على العملات تحت ذريعة "تغطية عمليات تجارية"، قبل أن تبين عن نواياها في المضاربة.

اختفاء العملة الصعبة

وكشف الحسين حريش النائب في مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان المغربي) أن "العديد من المواطنين المعنيين بشكل مباشر بهذه العملية خصوصا المشتغلين بمجال الاستيراد فوجئوا برفض المؤسسات البنكية بيع العملة الصعبة من أجل سداد فواتير استيراد".

وأضاف الحسين حريش في تصريح لـ"عربي21"، أن قرار البنوك المغربية "خلف ارتباكا في علاقة أطراف هذه العمليات التجارية المغاربة والأجانب".

وسجل أن "تداعيات ومخاطر مشروع تعويم الدرهم الذي أعلن عنه والي بنك المغرب بدأت عمليا وتأكدت المخاطر بالملموس 21 يونيو 2017 (بعد يوم واحد من تصريحات والي بنك المغرب) وسط غياب تام لأية استراتيجية تواصلية تبدد المخاوف". 

وتابع حريش: "الثابت حسب قرار بنك المغرب أن جشع البنوك وتواطؤها استبق قرار التعويم فخلق نزيفا في احتياطي العملة، وهو ما يدفعنا للتخوف في المستقبل".

وأرجع حريش تخوفه إلى "أنه بعد التعويم من الممكن أن نسقط في نفس إشكال شركات المحروقات من خلال اتفاق البنوك تماما كما اتفاق شركات المحروقات".

موقف بنك المغرب

وحاولت "عربي21" الاتصال بمسؤولي بنك المغرب من أجل معرفة تفاصيل إضافية عما كشفه النائب البرلماني، خاصة بعد تأكد تجاهل البنوك تحذير مدير البنك المركزي المغربي، إلا أن المحاولات باءت بالفشل.

واكتفى مصدر ببنك المغرب بالقول إن "عمليات شراء البنوك للعملة الصعبة ورفض بيعها للمستثمرين انطلقت في 19 حزيران/يونيو الجاري".

وكان والي (محافظ) بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، دق ناقوس الخطر، في ندوة صحافية الثلاثاء خصصت لتقديم نتائج اجتماع مجلس البنك، عندما عبر عن غضبه من هذه العمليات، قائلا: "لن أقبل بهذه الممارسات لأنها تمس مصداقية بنك المغرب الذي التزم بضمان شفافية عملية تحرير الدرهم".
 
وتابع عبد اللطيف الجواهري: "لقد عبرت لهم عن قلقي من هذه الممارسة، إنهم يعرفونني وأعرفهم".

وأكد الجواهري أنه طلب استفسار البنوك حول العمليات التي قاموا بها، لمعرفة تلك المتعلقة بالمضاربة عن طريق استباق التحرير وتوقع انخفاض قيمة الدرهم.

ولم يكشف الجواهري أسماء البنوك التي تورطت في هذه العمليات، وقال: "سنفحص عمليات البنوك للتحقق من تلك التي تمت في إطار الاستباق والمضاربة".

وسجل أن "هذه العمليات غير أخلاقية، قبل أن تكون غير قانونية، وأتمنى بعد هذه الندوة الصحافية أن تصل رسالتي إليهم، ويعودوا إلى جادة الصواب".

ويرتكز مشروع تعويم العملة المغربية، على الانتقال التدريجي نحو نظام صرف أكثر مرونة من أجل تعزيز تنافسية اقتصاده وقدرته على مواجهة الصدمات الخارجية.

وكان صندوق النقد الدولي، أعلن في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، عن منح المغرب قرضاً ماليا "خط الوقاية والسيولة"، بقيمة 3.47 مليارات دولار، لدعم السياسات العمومية بهدف الرفع من نسبة النمو، معتبرا أنه قرض وقائي ضد الأخطار والصدمات الخارجية.

وأعلن بنك المغرب، قبل أسابيع، أنه سيعمل على تحرير تدريجي لسعر صرف الدرهم، وسيضع في مرحلة أولى، حدودا عليا ودنيا، ويتدخل في حال تجاوزها.

وفي المرحلة الثانية، يصبح صرف الدرهم حينها خاضعا لقانون العرض والطلب في سوق العملات، وهي مرحلة التحرير الكامل لسعر صرف الدرهم.