كشفت مصادر مطلعة لـ"
عربي21" عن انقسام حاد يشهده التحالف الوطني (الشيعي) بشأن كيفية التعاطي مع التصعيد الأخير لرجل الدين الشيعي مقتدى
الصدر، باقتحام الآلاف من أتباعه للمنطقة الخضراء واحتلال البرلمان والاعتداء على نواب شيعة.
وقالت مصادر مقربة من دائرة التفاوضات بين الأطراف الشيعية، رفضت الكشف عن هويتها، إن "التحالف الشيعي بات اليوم في وضع لا يحسد عليه، كونه لم يقدم حلا حتى الآن للأزمة ولأنه انقسم على نفسه"، لافتا إلى أن "طرفا يدفع باتجاه إقالة
العبادي وضرب أتباع الصدر بعملية أمنية شبيهة بالتي قام بها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي عام 2008، وأطلق عليها حينذاك (صولة الفرسان)".
أما الطرف الآخر، فإنه "يريد أن يستمر في التفاوض مع الصدريين وإلزام رئيس الوزراء حيدر العبادي ببعض الإصلاحات"، فيما أشارت مصادر أخرى إلى أن "التفجيرات التي شهدها
العراق خلال أمس واليوم رسائل متبادلة بين الشيعة أنفسهم، ولكن احتمالية المواجهة بين ذات الأطراف ما زالت قائمة".
وذكرت المصادر في حديث لـ"
عربي21" أن "انسحاب الصدريين من المنطقة الخضراء ليس نهائيا، وسيكون المعتصمون ورقة ضغط في أول جلسة.. التغيير سيكون شاملا عدا العبادي"، لافتا إلى أن "هؤلاء المقتحمين قد يكونون أدخلوا أسلحة أو ما شابه إلى المنطقة الخضراء التي لم تعد محصنة بعد اليوم، وربما نواجه عمليات مسلحة داخلها".
وانسحب الآلاف من أتباع رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، الأحد، من المنطقة الخضراء بتوجيه من قيادات التيار الصدري، بعدما سيطروا لعدة ساعات على مبنى مجلس النواب، على أثر خطاب للصدر دعا فيه إلى انتفاضة شعبية كبرى ضد الفساد والفاسدين.
إقرأ أيضا: الاقتتال الشيعي بالعراق على الأبواب.. وإيران أمام خيارين
إلى ذلك يرى المحلل السياسي العراقي عبد الرزاق سعدون في حديث لـ"
عربي21"، أن "أمريكا تسعى إلى إضعاف السلطة التشريعية في البلاد دعما لرئيس الوزراء حيدر العبادي، لأن الأمريكان نادوا في وقت سابق بضرورة تبديل كل الزعامات السياسية القديمة والإتيان بآخرين من الشباب".
وأضاف سعدون، أن "الوجود الأمريكي العسكري في العراق بحاجة إلى غطاء تشريعي وخصوصا أن تعدادهم قارب الخمسة آلاف جندي، ولا يتوقع أن يعطي البرلمان الحالي هذا الغطاء، ولاسيما أن هذا الوجود يزداد مع الأيام وهم لا يريدون الانسحاب منه كما فعلوا سابقا".
وأشار إلى أن "سحب
مليشيات بدر وحزب الله سيتبعها تهديد للصدر بالانضباط أو اللجوء إلى استخدام القوة ضده في حال لم ينصع إلى البيت الشيعي"، مبينا أن "القتال الشيعي وسحب الحشد إلى ساحات المواجهة الداخلية يزيل مشكلة أمام أمريكا، لأن الحشد تريده إيران أن يصبح النسخة الثانية من الحرس الثوري، وهذا ما لا تقبل به أمريكا".
وتسبب اقتحام أتباع مقتدى الصدر للبرلمان حالة من التأزم السياسي بين الأطراف الشيعية في العراق، فسارعت اغلب الكتل السياسية الشيعية إلى التحذير من خطورة إسقاط هيبة الدولة واللجوء إلى حالة الفوضى التي قد تودي بالعراق إلى أتون حرب أهلية، بحسب تعبيرهم.