من أكثر المشاهد تعبيراً عن المذلة والخزي في تاريخ مصر الحديث الذي يبدو أنه سيتحول إلى سلسلة من الأعمال الكوميدية، هو مشهد وزير دفاع الانقلاب وهو يصعد طائرة ملك
السعودية متباطئ الخطوات مطأطئ الرأس ليقبل رأسه ثم يجلس في مقعد يشغله على الجهة المقابلة حاشية ملك السعودية، وهو المشهد الذي ذكر الجميع بمشهد أحد الزبائن عندما يطلب عصيراً في سيارته فيأتيه عامل توصيل الطلبات بالعصير حتى باب السيارة !
السعودية استثمرت أموالاً ضخمة دون شك لدعم الانقلاب، فقد سبق أن نشرت صحيفة الواشنطن بوست بعد الانقلاب مباشرة أن ملك السعودية دفع مليار دولار لإتمام الانقلاب، ويعلم الله وحده هل هذا هو المبلغ الذي تقاضاه قائد الانقلاب أم هو فقط المبلغ المسموح بالحديث عنه!
وقد سبق هذا المشهد مشهد آخر لا يقل عنه مذلة في موسكو، وكان القاسم المشترك في السعودية أيضاً، حيث ذكرت قناة روسيا اليوم أن بندر بن سلطان مدير مخابرات السعودية السابق، عرض على بوتين 15 مليار دولار ليزور مصر، وهو العرض الذي رفضته روسيا وقتها، مما يعني أن شروط الصفقة قد تغيرت ربما بزيادة المبلغ وتغيير الترتيبات حيث استقبل بوتين وزير دفاع الانقلاب بدلاً من الذهاب إلى القاهرة. في ذلك المشهد حرص الروس على إجلاسه ووزير خارجيته وظهرهم للباب بحيث يكون المشهد مرضياً لبوتين نفسه، الذي من الواضح أنه لم يرض بأن تتساوى الرؤوس !
دخل بوتين فانتفض الاثنان لتحية الرئيس الروسي، وظل وزير الدفاع منكساً رأسه في حضرة بوتين عاقداً كفيه أمامه في حياء ذكر الجميع بحياء الفتاة حين يسألها والدها عن رأيها فيمن تقدم لخطبتها ( كما كان يفعل أمام الرئيس مرسي)، ثم سار بوتين حول المائدة القصيرة وهم واقفون حتى يجلس الرئيس الروسي الذي أشار لهما بالجلوس !
كان بوتين ينظر في المائدة في نفاد صبر بعد أن منحه خمس دقائق ليعود لمتابعة الأوليمبياد في سوتشي !
ونذكر جميعاً كيف كان وزير دفاع الانقلاب منبهراً، يحرك يديه غير مصدق ويقول ( شكراً لحضرتك على
وقت حضرتك برغم مشاغلكم ) .. انتهى المشهد المذل المشين بأن ارتدى وزير الدفاع ( جاكت ) يرتديه الحرس الشخصي لبوتين ويقف أمامه وقفة عسكرية وهو يكاد يؤدي له التحية مما ذكر الكثيرين بمشهد رأفت الهجان وهو يقول لمحسن ممتاز ( رقبتي فدا مصر يا محسن بيه) !!
الإذلال لم يتوقف عند ذلك الحد، بل استمر حين أرسل له بوتفليقة رئيس مجلس الأمة ليستقبله في المطار، بدلاً من استقباله بنفسه، وحين أخفت الحكومة الجزائرية نبأ زيارته للجزائر خوفاً من مظاهرات حاشدة اعتراضاً على الزيارة وهو ما عبر عنه النشطاء الجزائريون في تغريداتهم وسخطهم الواضح على إخفاء الحكومة لهذا النبأ بل دشنوا حملة (لا للسفاح على أرض الكفاح) !
وحتى اليوم في القمة الأفريقية التي بذلت فيها دول الخليج الراعية للانقلاب مجهودات مالية ضخمة لإقناع دول أفريقيا بإعادة قبول مصر بعد الانقلاب، خصصوا لصاحب الهاشتاج الشهير، مقعداً في الصف الثالث خلف وفد ( بوتسوانا ) بعد أن كان ممثل مصر يجلس دائماً في الصف الأول، وهو ما آراه تعبيراً عن الحرج من استقباله والانصياع في نفس الوقت للضغوط ( المالية ) التي مورست عليهم !
هذا غير نطقه المضحك للكلمات على غرار ( ميسر – الندول – عاسمتها – المسير المشترك)، والمضحك أن بعض القادة الأفارقة استغلوا فرصة إلقائه لكلمته التي امتلأت بالأخطاء المثيرة للشفقة لاقتناص غفوة، والبعض الآخر انهمك في حديث ضاحك أو التقط لنفسه صور ( سيلفي ) بهاتفه المحمول.
والخلاصة أن (وَمَن يُهِن اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكرمٍ).