أطلقت رئاسة الأركان التابعة لحكومة الإنقاذ عملية "
الشروق" مستهدفة تحرير
الموانئ النفطية من سيطرة من اعتبرتهم خارجين عن القانون، تسببوا في خسائر مالية تقدر بـ 60 مليار دينار ليبي منذ بداية إغلاق الموانئ في يونيو 2013، بحسب تصريحات تكررت على لسان أعضاء من المؤتمر الوطني العام.
ويدور جدل داخل معسكر طرابلس وأنصار فجر
ليبيا حول توقيت العملية، وإذا ما كانت مجدية وتحقق أهدافها في ظل التصعيد، الذي تشهده المنطقة الغربية على الشريط الساحلي وفي جبل نوسة.
فمن الواضح أن جبهة غرب وجنوب غرب طرابلس تشهد إرباكاً وتتعثر في تحقيق أهدافها، بل وتلقت ضربات مؤلمة حيث نجح مقاتلو الزنتان وجيش القبائل في نقل المعارك إلى مناطق عدة في الجبل والساحل، وأيضاً نجحوا في نقل الوضع من التقهقهر والدفاع إلى المناورة والهجوم، فأصبحت مناطق قريبة إلى المعبر الحدودي بين ليبيا وتونس ساحة قتال، وسبق ذلك نجاحهم في السيطرة الكاملة على مدينة ككلة، بعد أن استعادت قوات فجر ليبيا المبادرة وكسرت الحصار الخانق الذي ضربته قوات الزنتان وجيش القبائل على المدينة في أكتوبر الماضي.
ارتباك فجر ليبيا في إدارتها لمعارك غرب البلاد يعود لأسباب عدة، من بينها غياب القيادة الموحدة وعدم التزام العديد من المقاتلين أو المجموعات القتالية القادمة من مناطق عدة بما يتفق عليه من قرارات عسكرية تخص إدارة المعارك، وأيضاً عدم نزول كتائب مدينة مصراتة بثقلها كما فعلت في معارك العاصمة في سبتمبر الماضي. يضاف إلى ذلك دخول الطيران الحربي إلى المعادلة، الذي ساعد في التشويش على العمليات العسكرية التي تديرها قوات فجر ليبيا وتكبيدها خسائر في الأرواح عبر سلسلة من الهجمات السريعة وغير المتوقعة.
وبالإضافة إلى غياب التنسيق وغياب غرفة القيادة الموحدة، هناك اعتقاد بأن الجبهة الغربية تحتاج إلى دعم في العتاد والرجال لتتمكن من الحسم السريع، خاصة في محور "الوطية" حيث تقع القاعدة الجوية التي تنطلق منها الطائرات المقاتلة التي تقصف قوات فجر ليبيا، ولمواجهة الانتشار ونقل المعارك إلى مواقع حيوية من قوات الزنتان وجيش القبائل. وهو الأمر الذي قاد إلى انتقاد عملية الشروق والإغارة على السدرة ورأس لانوف، حيث موانئ النفط في وسط وشرق البلاد ونقل قوات إليها. فالعديد من مقاتلي وأنصار وحتى بعض قادة فجر ليبيا، اعتبروا أنه الأولى تركيز الجهود لحسم المعارك في غرب البلاد والقضاء على جيش القبائل ومن بقي من كتائب القعقاع والصواعق والمدني، ووضع الترتيبات الأمنية لفرض الأمن في تلك المناطق ومنع عودة المجموعات التي ما تفتأ تربك المشهد وتهدد استقرار مدن الغرب، ثم بعد ذلك الانطلاق لحقول وموانئ النفط. ويرون أن فتح جبهة جديدة في الظرف الراهن، قد يطيل عمر المعارك ويسمح باختراقات قد تقوم بها مجموعات جديدة تتبع مناطق ‘ُعرِفت بمعداتها لثورة 17 فبراير.
بعض من أيدوا عملية الشروق عللوا موقفهم بأن سبب تعثر عملية فجر ليبيا في الجبل، إنما عائد لضعف التنظيم وليس لقلة المقاتلين. من ناحية أخرى، يجادل بعض أنصار عملية الشروق بأن الوضع في المنطقة الشرقية خطير، وأن تقدم قوات الكرامة في بنغازي قد يؤدي إلى هيمنتها على حقول النفط حيث ينتج ويصدر نحو 60% من النفط الليبي، وذلك لاعتبار قربها من المدينة. وقد يقود انتصار الكرامة في معارك بنغازي إلى تغير ميزان القوى بشكل سريع، الأمر الذي يجعل سيطرة فجر ليبيا على الموانئ والحقول أمراً شديد الصعوبة، وبالتالي فإن التعجيل إنما هو لغرض استباق الأحداث.
ولأن الكرامة تقدمت ببطئ واستخدمت كل المتاح من قوة برية وجوية لضرب قوات مجلس ثوار بنغازي قليلة العدد، وتجد صعوبة في الحسم السريع، فكيف ستواجه قوات درع الوسطى المعروفة بكثرة مقاتليها وقوة تسلحيهم وتمرسهم في القتال في حال سيطر الدرع على الحقول والموانئ؟
لا يبدو أن الشروق تواجه تحدياً فيما يتعلق بتأمين الموانئ، فقد تم السيطرة على ميناء السدرة الذي يصدر نحو 500 ألف برميل نفط يومياً، ولا يستبعد أن يتم السيطرة على ميناء رأس لانوف القريب، غير أن التحدي هو في تأمين حقول الإنتاج جنوباً، خاصة إذا شارك مقاتلو "التبو" ممن يناصرون القوة المسيطرة على الموانئ في الصراع حول الحقول
أيضاً ربما تستفيد عملية الشروق من التوازن بين المكونات الاجتماعية في المنطقة التي يبدو أنها تنقسم في مواقفها، الأمر الذي قد يقلل من تهديد قبائل المدن المحيطة لقوات درع الوسطى.
علاوة على ما سبق، لا يحظى إبراهيم جضران، آمر القوة التي تسيطر على الموانئ، بشعبية كبيرة، فقد تفرد جضران بقرار غلق الموانئ والحقول، ورفض التجاوب مع وساطات عديدة من قبيلة المغاربة، القبيلة الأكبر في المنطقة، ثم التسوية التي قام بها مع حكومة عبدالله الثني، التي لم ترق للكثيرين حتى ممن يتحفظون على عملية الشروق.