ملفات وتقارير

بريطانيا تدرب ضباطا مصريين على "المساءلة والمحاسبة"

الضباط المصريون.. هل يكشفون أسرار ميزانية الجيش؟ (أرشيفية)
ذكرت إذاعة "BBC" البريطانية على موقعها الناطق باللغة العربية، أن الجيش البريطاني يدرب مجموعة ضباط من الجيش المصري على وسائل تضمن إمكانية خضوع المؤسسة العسكرية المصرية للمساءلة والمحاسبة. ويأتي هذا التدريب عقب إعلان المشير السيسي رئيسا للجمهورية. 

وهو ما يعد خبرا صادما للعديد من المصريين خاصة أن السيسي قد صرح مرارا خلال لقاءاته التليفزيونية بوضع خطوط حمراء حول الجيش وميزانيته أو مساءلته ومساءلة قاداته من قبل أي قوى مدنية أو سياسية. والتي اعتبرها خبراء سياسييون السبب الأول في الانقلاب العسكري.
 
وبعد تفجر ثورة 25 يناير 2011، تصاعدت المطالب بخضوع الجيش لقدر من المساءلة والمحاسبة باعتباره أحد مؤسسات الدولة.
 
وبعد انقلاب الجيش على الرئيس الشرعي محمد مرسي قبل حوالي عام، يواجه الجيش انتقادات متزايدة ودعوات لكشف أنشطته الاقتصادية والتجارية وضرورة خضوعه لقدر من المساءلة من جانب البرلمان، بما لا يضر بأمن البلاد القومي.
 
في حين أنه خلال حملة قائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي الانتخابية، عارض السيسي صراحة فكرة خضوع الجيش للمساءلة.
 
وردا على سؤال، في مقابلة تليفزيونية، عن إمكانية أن يراقب مجلس النواب (البرلمان) المقبل ميزانية الجيش، نصح السيسي المصريين بأن "يتركوا الجيش في حاله"، قائلا إن "المساس بقادة الجيش لعب بالنار". وفي موضع آخر تهرب من الإجابة عن سؤال يتعلق بميزانية الجيش، وبعد صمت طويل قال إن"الجيش مؤسسة عظيمة جدا أنتم يا مصريين مش مقدرنها".

وبرر اعتراضه على المطالب الداعية لمراقبة المؤسسة العسكرية، قائلا إن "مسار عملها وتطورها ونتائجه ليست مطمئنة فقط، بل هي نتائج فوق الخيال".

ويعتقد السيسي بأنه لو أن أداء مؤسسات الدولة الأخرى في مستوى أداء الجيش لتغير حال مصر.

ويمكن الرجوع لتصريحات السيسي حول الجيش من خلال الرابط: 
https://arabi21.com/Story/749666
 
وعلى جانب آخر، أكدت وزارة الدفاع البريطانية في تصريحات لـ "بي بي سي" مشروع التعاون. وقالت متحدثة باسم الوزارة إن "هناك 5 ضباط مصريين يحضرون الآن دورات تدريبية في المملكة المتحدة".
 
ونقلت الـ "بي بي سي" عن المتحدثة البريطانية أن الحكومة البريطانية "تدرس توفير فرص أخرى لإتاحة التدريب للقوات المسلحة المصرية، بهدف دعم تطوير جيش مهني وقابل للمحاسبة والمساءلة". 

ويأتي تدريب ضباط الجيش المصري في بريطانيا في إطار مشروع أمني استراتيجي بريطاني، يستهدف دعم المؤسسات الأمنية في الدول التي تواجه أزمات. وتدير المشروع، الذي يطلق عليه اسم "صندوق الأزمات"، وزارات الدفاع والخارجية والتنمية الدولية البريطانية.
 
وكان السيسي قد حضر في عام 1992 دورة تدريبية في القيادة العسكرية، نظمتها كلية القيادة والأركان المشتركة في المملكة المتحدة.
 
ووفقا لـ "بي بي سي" فقد نصحت الحكومة البريطانية الحكومات المصرية المتعاقبة بعد ثورة 25 يناير، بضرورة العمل على إعادة بناء مؤسسات الدولة بما يضمن الشفافية وإمكانية خضوعها للمساءلة.
 
وفي تقرير الحسابات السنوي، أكدت وزارة الدفاع البريطانية أهمية التعاون مع مصر في مجال تطوير المؤسسات الأمنية.
 
وقال التقرير: "نعمل مع وزارة الخارجية لمساعدة السلطات المصرية على تطوير هياكل حوكمة جديدة وقابلة للمحاسبة والمساءلة".
 
وقال وزير الخارجية البريطانية ويليام هيغ، في بيان رسمي، إن بلاده تحث الزعماء المصريين "على ضمان أن يقود انتقال مصر باتجاه نظام حكم يخضع للمحاسبة ويتسم بالديمقراطية، تعززه مؤسسات قوية وتخضع للمساءلة".
 
وقال هيغ إن بريطانيا تتطلع إلى توطيد العلاقات المصرية البريطانية.
 
ورغم معارضة الجيش القوية المعلنة لمطالب خضوع ميزانيته، على الأٌقل، للمراقبة والتدقيق، فإن إرسال ضباط لحضور للدورة التدريبية في بريطانيا قد يشير إلى تنامي الإدراك بين قادة الجيش بأن استمرارية الحصانة الكاملة لم تعد ممكنة. 
 
ونقلت "بي بي سي" عن مسؤول دبلوماسي بريطاني قوله، إن الجيش المصري مؤسسة "تريد أن تتمسك بمزايا معينة مثل إدارة النشاط الاقتصادي والتجاري".
 
غير أن الدبلوماسي قال إن هناك بعض القادة "الواقعيين في الجيش يقبلون بأن وضع اللامحاسبة واللامساءلة يجب أن يتغير".
 
وفي لقاء مع عدد من الصحفيين في شهر شباط/ فبراير عام 2012، أكد المسؤول الدبلوماسي البريطاني أن هؤلاء القادة يدركون أن الجيش "لم يعد بإمكانه الاحتفاظ بهذا النوع من اللامساءلة".
 
غير أنه ليس من الواضح ما إذا كان السيسي سوف يستجيب، بعد توليه الرئاسة، لمطالب جماعات ثورية شابة بضرورة خضوع الجيش لقدر من المساءلة كأحد مؤسسات الدولة أم لا.