ملفات وتقارير

تكريم حافظات القرآن في المغرب.. رد على مدّعي الحداثة أم ترسيخ لهوية المنطقة؟ (شاهد)

تم تكريم 220 تلميذة من حافظات القرآن الكريم ينتمين إلى منطقة دار الفقيهة للتعليم العتيق- فيسبوك
في جو روحاني، وبزي موحد ومحتشم، وأداء شُبّه بـ"الملائكي"، صدحت حناجر أكثر من مئتي تلميذة من حافظات القرآن الكريم، ينتمين لمؤسسة دار الفقيهة، الخاصة للتعليم العتيق للبنات، بإقليم تارودانت، المتواجد جنوب المغرب، السبت، بالدعاء وبمديح الوطن.

حضور حافظات القرآن الكريم، اللافت، وتكريمهن، أتى في معرض الأبواب المفتوحة للأمن الوطني، بمدينة أكادير؛ حيث رفعن كذلك أكف الدّعاء إلى الله العلي القدير، سائلين أن يتغمد برحمته شهداء الواجب من قوات الأمن الذين ضحوا بأرواحهم من أجل الحفاظ على أمن وسلامة الوطن والمواطنين. 

وقال الأستاذ محمد أفورتي، من مؤسسة دار الفقيهة الخاصة للتعليم العتيق للبنات بتامسولت، إن "هذه الزيارة تأتي في إطار حرص المؤسسة التعليمية على تنويع وتوسيع آفاق التعلم لدى التلميذات، وتعريفهن بمختلف مجالات الحياة، بما فيها جهود رجال ونساء الأمن في خدمة الوطن والمواطنين".

أي دلالة؟ 
المشاهد التي وُصفت بـ"المهيبة" لحافظات القرآن الكريم، وتكريمهن من طرف الأمن الوطني، جابت مختلف منصات التواصل الاجتماعي، في الساعات القليلة الماضية، وكانت سيدة المشهد، بين من قال إنها "ترسيخ لهوية الوطن" ومن أكد أنها "لا تتعدّى البنية الخاصة بإقليم تارودانت، المعروف بالمدارس العتيقة"، ومن مضى بالقول: "إنها رسائل مفادها أن الدين الأساس في المغرب هو الإسلام، وهو الهوية التي لا يتم السماح فيها".


التعليقات التي علت على مختلف منصات التواصل الاجتماعي، أتت بخلفيات جُل النقاشات السائدة في المغرب، في الآونة الأخيرة، بينها: الحديث عن التعديلات الجارية على مدونة الأسرة والخوف من المساس بما هو مستخلص من الشريعة الإسلامية، وأيضا ما يرتبط بالتعديلات الجارية على القانون الجنائي، وما يصاحبهما من نقاشات عارمة.


وكذلك، أشارت عدد من التعليقات المُتسارعة إلى أن "هذا التكريم أتى ليُؤكد العناية التي يوليها الأمن الوطني لحفظة القرآن، وانفتاح وتواصل المؤسسة الأمنية مع المؤسسات الدينية والاجتماعية"، مبرزين "القناعة بأهمية المدارس العتيقة ودورها في استتباب الأمن الروحي". 

المركز الأول في حفظ القرآن 
كانت منظمة اليونسكو، التابعة للأمم المتحدة، قد أعلنت تصنيف المملكة المغربية في المركز الأول، عالميا، من حيث عدد حفظة القرآن الكريم، بالقول إن "العدد الرسمي لحاملي القرآن في المغرب، يبلغ 1,628,054 حافظا، ما يجعل المغرب يتقدم بفارق كبير على الدول الأخرى مثل ليبيا، التي يبلغ عدد حفظة القرآن فيها المليون".

وأشار التقرير إلى أن "68 في المئة من حفظة القرآن في المغرب، يأتون من المناطق الريفية والبوادي، مع العلم أن غالبية الحفاظ ينتمون إلى مناطق تتحدث الأمازيغية كلغة أم؛ ويُظهر هذا التوزيع الجغرافي والثقافي العمق الكبير الذي يحظى به القرآن الكريم في النسيج الاجتماعي والثقافي المغربي".

كذلك، أشارت اليونسكو إلى أن "عدد مراكز وكُتاب تحفيظ القرآن في المغرب يتجاوز 30 ألفا"، مما يبرز "البنية التحتية الراسخة لتعليم وحفظ القرآن. من بين هذه المراكز، 21 في المئة تقع في منطقة سوس و20 في المئة في منطقة مراكش آسفي؛ فيما تُقام سنويا في بلدة تامسولت القروية، الواقعة على بعد حوالي 50 كيلومترا من مدينة تارودانت، احتفالات ضخمة لتكريم الحافظين الجدد وتنظيم فعاليات دينية وثقافية تعكس التقدير العميق للقرآن الكريم".

الأبواب المفتوحة.. مُستمرّة
فعاليات أيام الأبواب المفتوحة للمديرية العامة للأمن الوطني بمدينة أكادير، تتواصل حتى 21 من الشهر الجاري. حيث تهدف نسخة هذه السنة إلى "تعزيز جودة هذا الحدث التواصلي، الذي أصبح تمرينا سنويا تستعد له كافة مصالح الشرطة بجدية". 

كذلك، يتميز المعرض، بفضاء عرض مندمج، مجاني ومفتوح للجميع، يعرض مختلف المهن والتخصصات الشرطية، ضمن قالب يجمع بين متعة التعلم والترفيه والتواصل بين موظفات وموظفي الشرطة والمواطنين من مختلف الفئات العمرية.

وكانت قوات الأمن والجيش المغربيين، قد لعبت دورا حيويا، أشادت به دول العالم في المواكبة السريعة لمتطلبات التدخل والإسعاف وفتح الطرقات وفك عزلة عدة مناطق خلال كارثة زلزال الحوز، وأيضا في التجاوب السريع في تأمين عمليات الإغاثة وإيصال المساعدات الطبية والغذائية للأسر المنكوبة، في مناطق جبلية وعرة.

وتم تكريم 220 تلميذة من حافظات القرآن الكريم، ينتمون إلى منطقة دار الفقيهة للتعليم العتيق، بإقليم تارودانت، خلال افتتاح أيام الأبواب المفتوحة في دورتها الخامسة بمناسبة الذكرى الـ68 للأمن الوطني بمدينة أكادير المغربية، بما يشكّل لفتة تشير إلى اهتمام مديرية الأمن الوطني بالبعد الروحي والديني ضمن مقاربة دعم الأمن وتعزيزه.