على
مدار تسعة أيام متتالية، تعرّض كرم لحصار مُحكم داخل مستشفى الشفاء في مدينة
غزة، قبل
أن يسمح جيش الاحتلال الإسرائيلي له ولوالدته بالمغادرة نحو مستشفى كمال عدوان، وهو
في وضع صحي متدهور وخطير.
9 أيام
بلا علاج أو غذاء
الأيام
التسعة التي قضاها الطفل كرم دون تلقّي العلاج اللازم في ظل شحّ بالماء والطعام، زادت
من خطورة وضعه الصحي، إلى أن توفّي بعد ثلاثة أيام فقط من وصوله إلى مستشفى كمال عدوان.
ولا
يسمح جيش الاحتلال بتوفير أي رعاية للمرضى، أو طعام لآلاف النازحين والممرضين في المستشفى، الذي دمّر أجزاء كبيرة منه وحرق أخرى.
رحلة
علاج لم تكتمل
بعد
السماح لها بمغادرة مستشفى الشفاء، تمكنت الأم المكلومة وطفلها من الوصول إلى مستشفى
كمال عدوان رغم مشقّة الطريق، حيث قطعت مسافات طويلة وهي تحمله على كتفيها.
لم تلتفت
الأم الفلسطينية لثقل طفلها، فكل ما كانت تسعى إليه بكل قوّتها هو الوصول إلى أقرب
مستشفى لتقديم العلاج الضروري، وضمان توفير الماء والطعام له.
منذ ثلاثة أشهر، والطفل كرم يعاني، من استفراغ مستمر وإسهال وارتفاع في درجة الحرارة، ما تطلّب
إخضاعه للعلاج والرعاية الطبية داخل المستشفى.
ولكن،
لم يكن بالإمكان تلبية احتياجاته الطبية بشكل كاف في مستشفى الشفاء؛ نظرا لاستهداف
المستشفى من جيش الاحتلال، وتعرضه للاقتحام والحصار وحرق مبان وتدمير أخرى.
"تمنيت
شراء ثياب عيد لطفلي"
لم تتخيل
الأم الفلسطينية، التي أخفت ملامحها دموعها التي كانت تسيل بغزارة على وجنتيها، أن
يموت طفلها أمامها، دون أن تكون قادرة على فعل شيء لإنقاذ حياته.
كانت
أم الطفل كرم تتمنى أن تشتري له ثياب عيد الفطر، ليرتديها ويفرح بقدوم العيد، على الرغم
من أجواء الحرب المستمرة على القطاع منذ نحو سبعة أشهر.
تقول
أم كرم: "كان طفلي يعاني من استفراغ وإسهال وسخونة (ارتفاع حرارة)، لذا توجهت
به إلى مستشفى الشفاء".
وتضيف:
"في أثناء وجودي هناك، تمت محاصرتنا المستشفى واقتحامه من الجيش الإسرائيلي".
وتتابع:
"احتجزنا هناك مدة تسعة أيام، دون أن نحصل على أي نوع من الطعام أو السوائل أو العلاجات،
وكان طفلي يعاني من العطش، فأعطيناه محلولا ملحيّا".
وتتابع:
"بعد تسعة أيام، سمح لنا الجيش بالمغادرة نحو مستشفى كمال عدوان، وكان طفلي في حالة
إعياء شديد".
وخلال
الأيام الأخيرة له في المستشفى، نفد مخزون الطعام والمياه داخل المستشفى، ما دفع والدته
إلى إعطائه المحلول الملحيّ (normal saline) الخاص بالمرضى ليشربه،
إلا أن جسده الضعيف ما لبث أن استسلم ليفارق الحياة مريضا جائعا وعطِشا.
والخميس،
حذّر مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، من مغبة انهيار النظام
الصحي بقطاع غزة المحاصر، مشيرا إلى وجود 10 مستشفيات فقط تعمل بشكل جزئي من أصل
36.
ومنذ
بدء حربها على غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، تستهدف القوات الإسرائيلية بهجمات ممنهجة
ومتواصلة المرافق الطبية والمستشفيات في مختلف مناطق القطاع، ما تسبب في تدمير المنظومة
الصحية، وكارثة إنسانية وتدهور في البنى التحتية.
وخلّفت
الحرب على غزة عشرات آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أودت بحياة
أطفال ومسنين، بحسب بيانات فلسطينية وأممية، ما أدى إلى مثول دولة الاحتلال أمام محكمة العدل
الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".
ولليوم
الـ14، يواصل الجيش الإسرائيلي اقتحام
مجمع الشفاء الطبي وحصاره، ما أسفر عن العديد
من الشهداء والجرحى.
وهذه
المرة الثانية التي تقتحم فيها قوات إسرائيلية المستشفى منذ بداية الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر
2023، إذ اقتحمته في 16 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بعد
حصاره لمدة أسبوع، جرى خلالها تدمير ساحاته
وأجزاء من مبانيه ومعدات طبية ومولد الكهرباء.
وتشن دولة الاحتلال حربا مدمرة على قطاع غزة، خلفت مئات الآلاف من الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال
ونساء، وكارثة إنسانية ودمارا هائلا في البنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول "تل أبيب" أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".