أثار الإعلامي والبرلماني
المصري المقرب من جهات
سيادية وأمنية مصرية مصطفى بكري، الجدل في الشارع السياسي لأكبر دولة عربية سكانا،
بحديثه عن احتمالات تعيين رئيس النظام المصري عبدالفتاح
السيسي، نائبا له خلال
ولايته الثالثة، وهو الملف المغلق طوال 10 سنوات حكمها.
بكري، الذي يخرج من آن إلى آخر، ببعض الأخبار من
خلف الكواليس عبر برنامج "حقائق وأسرار" بفضائية "صدى البلد"
المحلية، قال إن هناك معلومات تتردد عن احتمال تعيين
نائب لرئيس الجمهورية أو
أكثر بحسب المادة (150 مكرر) من دستور 2014.
توقعات بكري، التي لم يكشف عن مصادرها، جاءت في
معرض حديثه عن حلف السيسي، اليمين الدستورية الثلاثاء المقبل، أمام البرلمان بشقيه
"النواب والشيوخ"، في مقرهما الجديد في العاصمة الإدارية الجديدة، لتبدأ
ولايته الثالثة في 3 نيسان/ أبريل، ولـ6 سنوات تنتهي في 2030.
وتوقع بكري، حدوث تغيير حكومي، واستقالة
المحافظين، عقب أداء السيسي اليمين الدستورية، زاعما أننا "في مصر أمام مهام
جديدة ورؤية جديدة وتصحيح لبعض المسارات".
تنص المادة (150 مكررا): "لرئيس الجمهورية
أن يعين نائبا له أو أكثر، ويحدد اختصاصاتهم، وله أن يفوضهم في بعض اختصاصاته، وأن
يعفيهم من مناصبهم، وأن يقبل استقالتهم".
وفي تاريخ مصر المعاصر، عين الرئيس جمال
عبدالناصر ( 24 حزيران/ يونيو 1956- 28 أيلول/ سبتمبر 1970)، أنور السادات
نائبا له في 19 كانون الأول/ ديسمبر 1969، ليصل الأخير إلى كرسي الحكم بعد وفاة
عبدالناصر بـتسعة شهر.
وكان تعيين السادات (10 تشرين الأول/ أكتوبر
1970- 6 تشرين الأول/ أكتوبر 1981)، لحسني مبارك نائبا له في 16 تشرين الأول/
أكتوبر 1976، بوابة الأخير إلى قصر العروبة بالقاهرة، فيما ظل مبارك (14 تشرين
الأول/ أكتوبر 1981- 11 شباط/ فبراير 2011) مدة 30 عاما دون تعيين نائب له رغم
استقرار الأوضاع.
لكنه ومع ثورة 25 يناير 2011، ومع ضغوط الثوار فقد عين مبارك رئيس مخابراته اللواء عمر سليمان، بمنصب نائب الرئيس، في 29 كانون
الثاني/ يناير 2011، والذي توفي في 19 تموز/ يوليو 2012.
ولهذا فإن ندرة تعيين نواب لرؤساء مصر دفع
مراقبين للتساؤل، هل يفعلها السيسي، ويعين نائبا له والأوضاع الداخلية والإقليمية
في أسوأ حالاتها؟ وهل يفعلها السيسي، رغم ما يبدو عليه من مخاوف تظهر بشكل دائم
في أحاديثه، على موقعه في السلطة، وإطاحته الدائمة لكل منافس له في انتخابات
رئاسية أجريت في 2014، و2018 و2023؟
"أسماء متوقعة"
وأشار البعض عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى
احتمالات أن يكون تعيين نائبا للسيسي، تقف خلفه دول عربية وإقليمية وأجنبية وجهات
خارجية ومستثمرون أجانب وعرب، لضمان تنفيذ عقود استثماراتهم حال حدوث أي أزمات
داخلية أو ثورات غضب في مصر.
واعتبر البعض أن ذلك الأمر إن تم فإنه يتم في
إطار محاولة من السيسي، الهروب من الفشل الحالي، والتنصل من المسؤولية وتحميلها
لشخص جديد.
وتظل الأسماء المحتملة أو المرشحة لغزا كبيرا يصعب
على أذكى الخبراء والمراقبين توقعه بشكل سليم، خاصة مع ما يضربه نظام السيسي حول
أعماله وقراراته من أسوار فولاذية من السرية، وعدم المكاشفة، وغياب الشفافية، وفرض
القيود على الصحافة، وتقييد عمل الأحزاب، وتكبيل أدوار السياسيين.
لكن توقعات المصريين دارت بين احتمال أن يكون
رجلا عسكريا مثل وزير النقل الحالي الفريق كامل الوزير، صندوق أسرار السيسي، ورئيس
الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة السابق، أو شخصا مدنيا مثل رئيس الوزراء الحالي
مصطفى مدبولي، الرجل المطيع بلا حدود والذي ترحل وزارته بلا شك، فيما لو حدثت فستكون
سابقة بأن يتولى مدني هذا المنصب.
كذلك طرح البعض اسم مدير المخابرات العامة
اللواء عباس كامل، الرجل الثاني، في النظام، والشخص الوفي لتلميذه السيسي، ومدير
مكتبه، وشريكه بكل قراراته منذ الانقلاب العسكري 3 تموز/ يوليو 2013، الذي قاداه
على الرئيس الراحل محمد مرسي، وطوال فترتي حكم السيسي الممتدة لـ10 سنوات.
ويرى أصحاب هذا الترشيح أن كامل، هو الشخص الذي
قد يأمنه السيسي، في هذا المنصب بالولاية الثالثة ولمدة 6 سنوات قادمة.
ولفت البعض إلى طرح اسم رئيس أركان القوات
المسلحة السابق وصهر الرئيس، الفريق محمود حجازي، الذي أعفاه السيسي، من منصبه في
ظروف غامضة وتوارى عن الأضواء منذ ذلك الحين.
وذهب بعض المصريين عبر مواقع التواصل
الاجتماعي، إلى حد التوقع أن يظهر في الصورة الفارغة للمنصب الرفيع الرجل العسكري
المثير والغامض رئيس أركان الجيش الفريق أسامة عسكر، والذي أثار خروجه من المشهد
العسكري ثم عودته له الكثير من التكهنات والتساؤلات التي لا تجد جوابا.
وعبر صفحته على "فيسبوك"، تحدث الناشط
المصري الدكتور عادل دوبان، عن أهمية اختيار اسم الفريق أسامة عسكر، نائبا للسيسي،
مشيرا إلى عدة اعتبارات؛ أولها "تخفيف أعباء المنصب التنفيذية عن الرئيس والتفرغ
لتحقيق حلم الجمهورية الجديدة".
ولفت ثانيا إلى "تأمين منصب رئيس الجمهورية
باختيار خليفة له من داخل المؤسسة العسكرية الطرف الأقوى في المعادلة
السياسية"، وثالثا، والأهم من وجهة نظره "تحقيق الخروج الآمن
للرئيس من منصبه بعد 6 سنوات باختيار خليفته مسبقا من أحد رجال القوات المسلحة، بنفس
سيناريو اختيار حسني مبارك، نائبا للرئيس السادات".
"شخص عشوائي وذو أجندات"
وفي تعليقه على ذلك الحديث، قال السياسي
البرلماني المصري السابق، رضا فهمي، لـ"
عربي21": "السيسي، شخص ليس
له كتالوج أو ملامح، وبالتالي كل تصرفاته تشوبها عشوائية، أو على الأقل أجندة
مخفية".
رئيس لجنة الأمن القومي بالبرلمان المصري سابقا،
يرى أن "فكرة تعيين نائب لا أراها حدثا ينبغي الالتفات إليه إلا أن تتكشف
الأمور عن معلومات يقينية تكشف عن سبب تفكير السيسي، في تعيين نائب له، لو كان قد
فكر من الأساس، وأنا شخصيا حتى الآن لست متأكدا من صدق حديث بكري".
وعن فكرة أن بعض الأطراف تدفع بهذا الاتجاه
حفاظا على استثماراتهم وخوفا من أي تغيير في قمة هرم السلطة، أكد فهمي، أن
"الدول لا تدار بهذه الطريقة، بمعنى أنه لو أتى نظام وطني مصري حقيقي فسيكون
عنده إجراءات مختلفة تماما تجاه كل من انتهز فرصة وجود شخص كالسيسي".
وألمح إلى أنه "قرر بيع مقدرات الدولة،
وشروها منه بثمن بخس، وتلاعبوا في الأمور كما فعلت الإمارات في صفقة (رأس الحكمة)،
نتيجة تربحها من فارق سعر تعويم الجنيه في 6 آذار/ مارس الجاري".
ولفت أيضا إلى وجود "مواد في القانون
الدولي يمكن الاستناد إليها"، مضيفا أنه "في الحقيقة هناك ما هو أهم من
القانون الدولي؛ أن يكون هناك نظام يحكم مصر ويمتلك إرادته، وقراراه، ويتعامل مع
هذه المعضلات بالنفع على الدولة، وينهي كل المفاسد التي نتجت عن سنوات حكم السيسي
المشؤومة".
وأشار إلى أن "كل الحكام السابقين أتوا
بأشخاص لا يمثلون بالنسبة لهم مصدر تهديد، فعبدالناصر لما أتى بالسادات، لم يكن
الأخير شخصية وازنة داخل مجموعة الضباط الأحرار، ولم يكن مبرزا فيهم ولكن بآخر
الصف، ولما أتى السادات، بمبارك، لم يكن الشخصية التي يعمل لها أي حساب أو يتوقع
أن تكون مصدر تهديد".
وأضاف: "فضلا عن أن التراتبية في ما يتعلق
بالأنظمة المستبدة التي تحكمها شخصيات عسكرية الجزء الأكبر منها مرتبط بالإرادة
الدولية، أو إن صح التعبير التدخل الأمريكي الإسرائيلي بشكل أو بآخر".
ويعتقد أنه "فرضا إذا ما كان التعيين لشخصية
عسكرية فهذا معناه أن أمريكا وإسرائيل ترتب لمرحلة ما بعد السيسي، سواء رأوا أن
يكتفوا منه بهذا القدر أو أنهم خلال فترته الثالثة سيكونوا قلقين بأن يفاجئهم
المستقبل بصور وأشكال من خارج الصندوق كما حدث في 25 يناير 2011".
وقال فهمي، إنهم "يحاولون أن يحتاطوا
لأنفسهم باختيار الشخص الذي سيقوم بالدور في المرحلة القادمة، وفقا لترتيباتهم،
ولقد كان لديهم ترتيبات قبل ذلك والشعب المصري كانت لديه ترتيبات وإرادة مختلفة".
وأكد السياسي المصري، أنه "لم أعد مسكونا
بكرة الترتيبات التي يقوم بها السيسي، وأنها الطامة الكبرى، وأن البلد في حالة
إغراق بالديون، رغم أن هذا موجود وبلا شك تحدّ كبير لمن يأتي بعد السيسي، ولكن متى
ما أتي لحكم مصر بنظام وطني معبر عن الشعب ويمتلك إرادته وقراره فكل هذه المصاعب
زائلة حتى وإن أخذت بعض الوقت".
وألمح إلى أنه "بعد الحرب العالمية الأولى
والثانية تمت تسوية دول بالأرض، منها الآن دول كبيرة وتلعب أدوارا محورية
كألمانيا واليابان، والتاريخ شاهد أن دولا محقت ليس بسبب ديون فقط بل سويت بالأرض
وقامت من كبوتها وأصبحت لاعبا مهما بالساحة الدولية".
وفي نهاية حديثه يعتقد أن "مصر الكبيرة مصر
الحقيقية بوضعها الجغرافي والديمغرافي وبتاريخها ومقوماتها قادرة على تجاوز كل هذه
الصعاب شريطة وجود نظام وطني يحكم".
"حالة وحيدة يقبل بها"
وفي رؤيته، قال السياسي المصري وليد مصطفى،
لـ"
عربي21"، إن "بكري أحيانا يقوم بتسريب بعض الكلام، وفقا لوظيفته
بتسريب المعلومات الخاطئة وغير الحقيقية فهو بالنسبة للأجهزة التي تتعامل معه
وسيلة لتسريبها".
عضو حزب "الوسط" المعارض، تساءل:
"هل الشخصية التي تحكم مصر تقبل بأن يكون هناك نائب لها؟"، مجيبا:
"قولا واحدا، لا يوجد حاكم مصري يقبل بهذا، وما حدث أيام عبدالناصر والسادات
كانت خطوات على شكل تأمين، ولم تتكرر ورفضها مبارك تماما".
وتوقع أن "الموجود حاليا لا يمكن أن يقبل
بالفكرة، ولا حتى بالوزير كامل الوزير، ولا أي إنسان مدني أو عسكري، والحالة
الوحيدة التي قد يقبل بها هي تعيين أحد أولاده، في مسلسل التوريث الذي يتم في مصر
على طريقة أنظمة حزب (البعث) في سوريا والعراق".
ويعتقد مصطفى، أن "دولة 23 يوليو 1952،
انتهت تماما، ونظام تداول السلطة بينهم أصبح غير موجود، والموجود الآن دولة جديدة
تماما شبيهة بالدولة السورية والعراقية، دولة (البعث) حيث يكون النائب من داخل
العائلة وليس أبدا من خارجها".
ويرى أن "ما يحدث في مصر ليس له تعريف
قانوني أو دستوري أو شكلي"، مضيفا: "ولا نعرف ما فائدة التنصيب في
الدولة (المدينة لطوب الأرض) بالمعنى الدارج، والمفروض ألا نقيم احتفالا أسطوريا
أو حتى عائليا بمراسم انتقال السلطة إلى نفس الشخص ببلد (تشحت) وتعدت مرحلة
الاقتراض إلى بيع ممتلكاتها وسيادتها وقرارها ومواقفها وثقلها الاستراتيجي".
وأشار إلى أن "ما يحدث حاليا في مصر وفي
بعض الممالك العربية يزلزل استمرار المنظومات الحاكمة التي كانت مسيطرة على مقاليد
الحكم بطريقة الاستحواذ التي تتم في دول جمهورية المفروض أنها دول مؤسسات، أو
بالانحراف عن الطريق التي كانت تقوم به الدول الملكية التي كانت ترسم نفسها راعية
للدين وتحكم باسمه وعليها هالة لا يمكن الاقتراب منها".
وختم بالقول: "نحن في موقف كشف
الستر"، مؤكدا أن "حرب إسرائيل على غزة جاءت فأزالت الستر عن المنطقة
العربية بالكامل، ونأمل من الله أن يحفظ بلادنا مما هو قادم ولكن مع هذه الأنظمة
ليس هناك استقرار أبدا وما حدث وما يحدث سينهي وجود هذه الأنظمة".