حقوق وحريات

مؤشر خطير.. انتقادات حقوقية لتزايد مقاضاة المدوّنين والصحفيين في المغرب

على الدولة وصناع القرار أن يدركوا أن قضية الاعتقال السياسي بالمغرب قضية وطنية ولا يمكن للحركة الحقوقية اليوم أن تصمت عن هذه الانتهاكات.. (فيسبوك)
قال الدكتور علي المغراوي نائب رئيس الفضاء المغربي لحقوق الإنسان إن المغرب اليوم في سنة 2023 لديه "أكثر من 85 متابعة قضائية لمدونين وصحفيين"، معتبرا ذلك مؤشرا خطيرا يؤكد جسامة الانتهاكات المسجلة لحقوق الإنسان وحرية التعبير، ويكشف ما قال إنه "سياسة منتهجة من قبل الدولة المغربية في ذلك".

وأعرب المغراوي في تصريحات له اليوم نشرها القسم الإعلامي لجماعة "العدل والإحسان"،  على هامش مشاركته في وقفة تضامنية مع عمر الراضي وكافة معتقلي الرأي، عن أسفه لما وصفه بـ "الصورة القاتمة والسوداء، التي تأتي على مقربة بضعة أشهر من تقديم المغرب لتقريره الدوري (كل أربع سنوات) أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في إطار الاستعراض الدولي الشامل، وقُدِّمت له مجموعة من التوصيات من أجل احترام معايير حقوق الإنسان ومن بينها احترام حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير التي ما زلنا للأسف في ذيلية ترتيبها على المستوى الدولي".

وقال المغراوي: "على الدولة وصناع القرار أن يدركوا أن قضية الاعتقال السياسي بالمغرب قضية وطنية ولا يمكن للحركة الحقوقية اليوم أن تصمت عن هذه الانتهاكات التي يمكن تصنيفها بالجسيمة لحقوق الإنسان".

وشدّد المغراوي، في خطاب موجه إلى كل المعتقلين السياسيين وإلى كل الشرفاء والأحرار على تضامن الحركة الحقوقية والمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، وعلى ضرورة تكتلهم في جبهة موحدة متراصة ممانعة للظلم والفساد والاستبداد باعتبار ذلك "هو المدخل الأساس الكفيل بصناعة توازن حقيقي على المستوى المجتمعي لوقف كل هذه الانتهاكات وطي هذه الصفحات السوداء من سجل حقوق الإنسان".

واعتبر المغراوي أن "عمر الراضي هو قلم حر وليس مجرما، وقد فضح الفساد والاستبداد، وعرف بجرأته على الكتابة في أكثر من قضية وأكثر من ملف له ارتباط بقضايا كبرى على المستوى الوطني، كما أنه أيضا من المدافعين عن حقوق الإنسان".

وكانت اللجنة المحلية بالبيضاء من أجل حرية عمر الراضي وسليمان الريسوني وكافة معتقلي الرأي وحرية التعبير قد نظمت وقفة تضامنية أمام سجن تيفلت أول أمس الثلاثاء 18 تموز (يوليو) 2023، في سياق التضامن مع الصحافي المعتقل عمر الراضي.

وأشار المغراوي إلى أن هذه الوقفة حضرها طيف حقوقي مغربي من قبيل الهيئة الحقوقية للجماعة والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والفضاء المغربي لحقوق الإنسان، والعديد من الرموز والقامات الحقوقية الوطنية أمثال عزيز غالي وخديجة الرياضي وإدريس الراضي والد عمر ووالدته، وكذا السعدية الوالوس، وعائلة المعتقل السياسي المفرج عنه نور الدين العواج، فضلا عن حقوقيين حضروا من مدن أخرى خاصة من العرائش لتسجيل التضامن والمؤازرة.

وقال المغراوي: "هذه الوقفة جاءت لتؤكد رسائلها، أولا إلى المعتقل عمر الراضي نفسه؛ نقول له لست وحدك، وهي رسالة تضامن ومواساة ومساندة ودعم".

وأضاف: "رسالة أخرى بعثتها الوقفة إلى كل القوى المجتمعية ببلدنا وإلى كل الأصوات، بأنه لا بد من التضامن والتحرك وإبداء موقف حقيقي مساند لهؤلاء المعتقلين السياسيين من أجل إطلاق سراحهم جميعا بدون استثناء، بما فيهم الراضي والريسوني ومحمد زيان ومحمد أعراب باعسو ومعتقلو الريف وسعيدة العلمي، ورضى بنعثمان… خاصة وأن بلادنا تروج خطابا للخارج على أنها تحترم المعايير الدولية لحقوق الإنسان"، وفق تعبيره.



ورفضت أمس الأربعاء محكمة النقض المغربية طلب الإفراج عن الصحافيين عمر الراضي وسليمان الريسوني مؤكدة إدانتهما وثبتت الأحكام الصادرة في حقهما وهي السجن ستة وخمسة أعوام على التوالي في قضيتي "اعتداء جنسي".

وسبق أن طالبت منظمات حقوقية محلية ودولية وأحزاب سياسية مغربية ومثقفون بالإفراج عنهما، في حين تشدد السلطات في مواجهة هذه المطالب على استقلالية القضاء وسلامة إجراءات المحاكمة، وأن الصحافيين لا يحاكمان بسبب آرائهما.

وكان سليمان الريسوني، وهو كاتب مقالات رأي تنتقد السلطات، يلاحَق قضائيا بتهمة "الاعتداء الجنسي" رفعها بحقه ناشط شاب من مجتمع الميم، وهي تهمة لطالما نفاها أمام المحكمة، معتبرا أنه يُحاكم "بسبب آرائه".

وبعدما اعتُقل في أيار/ مايو 2020، لم يحضر معظم محاكمته الابتدائية - بين شباط/فبراير وتموز/يوليو 2021 ـ بسبب إضرابه عن الطعام لمدة 122 يوما.

وكان الراضي، وهو مراسل مستقل وناشط في مجال حقوق الإنسان، قد اعتُقل في تموز/يوليو 2020.

وحوكم بتهمة "تقويض الأمن الداخلي للدولة... بتمويل أجنبي" وبتهمة "الاغتصاب"، وهما قضيّتان منفصلتان، تمّ التحقيق فيهما وإصدار الحكم بشأنهما بشكل مشترك.