أثارت التفاصيل الجديدة التي أعلنها مبعوث الأمم المتحدة لدى
ليبيا، عبدالله
باتيلي عن مبادرته الأخيرة للحل مزيدا من ردود الفعل, والتساؤلات عن مدى واقعية تنفيذها وقبول الأطراف الليبية بها، لاسيما مجلسي النواب والدولة.
وأكد باتيلي خلال مؤتمر صحفي في طرابلس هو الأول بعد إعلان مبادرته، أنه "سيبدأ في تشكيل لجنة توجيه رفيعة المستوى لوضع الآلية المقترحة على الجمع بين مختلف الأطراف الليبية المعنية، وتيسير اعتماد إطار قانوني وجدول زمني ملزم لإجراء
الانتخابات في عام 2023، وستمنح منصة للدفع قدما بالتوافق حول الأمور ذات الصلة، مثل: تأمين الانتخابات، واعتماد ميثاق شرف لجميع المرشحين.
"تجاوز النواب والدولة"
وشدد المبعوث الأممي على أنه "لا يجب أن تترك الانتخابات بيد مجلسي النواب والدولة فقط، مؤكدا أن اختصاصات مجلس النواب ومدة انتخابهم انتهت وعليهم تقديم أنفسهم للشعب من جديد لانتخابهم، مشيرا إلى أن الشريك الرئيسي لمبادرته الأخيرة هو
المجلس الرئاسي وأنه يمكن وضع خارطة واضحة للانتخابات بحلول منتصف شهر يونيو المقبل"، وفق رؤيته.
ولم يعلن المبعوث الأممي عن رؤيته لآلية تشكيل اللجنة المقترحة ولا صلاحياتها كاملة ولا معايير اختيار الأعضاء فيها.
"أزمة تشكيل اللجنة"
من جهته، قال وزير التخطيط الليبي السابق ونائب رئيس حزب العمل في ليبيا، عيسى التويجر إن "ما كشفه باتيلي خلال مؤتمره الصحفي يؤكد ما عكسته مداخلات الدول حول إحاطته من غياب التوافق حولها".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أنه خلافا لما كان متوقعا من كثير من الأطراف التي تفضل إقصاء مجلسي النواب والدولة فقد ربط باتيلي الانتخابات بنجاح لجنة 6+6 التي يعتزم المجلسان تشكيلها لصياغة القوانين الانتخابية.
وأشار الوزير السابق إلى أن هذه اللجنة التي يعتزم باتيلي تشكيلها والذي يبدو أنه لا يعرف حتى الآن ما هي مهمتها ودورها، ستكون لجنة خبرات تمثيلية لكامل الطيف الليبي إلا أنه يفتقر إلى آلية صحيحة للاختيار كونه محاطا بمستشارين قد تكون تفضيلاتهم بعيدة عن مصلحة البلاد.
وتابع الوزير الليبي: "قد تكون هذه اللجنة مجرد لجنة شعبوية غير قادرة على تقديم الدعم المطلوب للمجلسين ليتجاوزا خلافهما حول شروط الترشح للرئاسة، أما المجلس الرئاسي الذي أعلن باتيلي أنه شريك رئيسي لمبادرته فلا أعتقد أن لديه الكثير ليقدمه في حل هذه الأزمة في غياب الدعم الشعبي الواضح"، كما رأى.
"سياسة العصا والجزرة"
في حين أكدت عضو تأسيسية الدستور الليبي، نادية عمران أن "ما صرح به باتيلي حول الشراكة مع المجلس الرئاسي هو ممارسة لنوع من الضغط على مجلسي النواب والدولة رغم تناقضه مع ما ذكره بخصوص ما يسمى التعديل الـ13 ووصفه بأنه أساس جيد وأنه ينتظر من المجلسين التوافق على القوانين الانتخابية مع أنه يدرك أن هذا التعديل جاء مخالفا لنصوص الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي".
وأشارت إلى أن "البعثة تدرك جيدا أنه لن يحدث توافق بين المجلسين خصوصا بعد دحرجة الكرة المتعلقة بشروط انتخاب الرئيس إلى القانون الانتخابي".
ورأت أن "باتيلي يمارس سياسة العصا والجزرة مع مجلسي النواب والدولة لكن كالعادة خطوات رئيس البعثة في البحث عن بدائل بدت غير صحيحة كسابقيه، ولن تفضي إلى أي حلول واقعية طالما تجاهل احترام الوثائق الدستورية والشرعية الشعبية".
"تناقض وتخبط"
الأكاديمية الليبية والأمينة العامة السابقة لحزب الجبهة الليبي، فيروز النعاس رأت أن "تصريحات باتيلي الأخيرة متناقضة تماما مع إحاطته أمام مجلس الأمن في 26 شباط/ فبراير الماضي، والتي أشار فيها إلى أن مجلسي النواب والدولة لم ولن يحققا أي توافق، ومع ذلك فإنه أعلن في المؤتمر الصحفي عن منحهما مزيدا من الوقت".
وقالت في حديث لت"عربي21"، إن باتيلي يسعى لكسب المزيد من الوقت، لأنه عجز عن تمرير مبادرته عبر مجلس الأمن وكل ما خلص إليه في المؤتمر الصحفي هو بقاء الوضع على ما هو عليه بجميع الأجسام والشخصيات الحالية مبدأيا حتى شهر حزيران/ يونيو المقبل، ومن ثم فإنه سيعيد طرح
مبادرة جديدة".
وتابعت: "أما بخصوص لجنته فقد أكد مررا أن البعثة لن يكون لها أي دور في اختيار أعضاء هذه اللجنة وحدد مهام اللجنة بوضع ميثاق شرف ومساندة لجنة 6+6 التابعة لمجلسي النواب والدولة، ومن المتناقضات أيضا أنه في إحاطته أوحى بأنه قد يتجاوز المجلسين، أما في المؤتمر الصحفي فترك الأمر لهما ولالتزاماتهما "الأخلاقية" أمام الشعب الليبي".