استعرضت
صحيفة واشنطن بوست مسار ظهور الوزير
الإسرائيلي المتطرف إيتمار
بن غفير، بدءا من انخراطه في مجموعات من
المستوطنين تمارس أعمالا
إرهابية بحق الفلسطينيين، وصولا إلى دخوله الحكومة عضوا فيها.
وأشارت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21" إلى أن بداية بن
غفير كانت مع تسفي سوكوت، الذي قاد هجمات منظمة ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية،
عبر حرق المنازل والمساجد والسيارات وحقوق الزيتون، والمواجهات الواسعة، وكانوا يستندون
في كل مرة للمحامي المخلص لهم، إيتمار بن غفير.
وقال سوكوت، 32 عاما، وهو الآن أب لخمسة أطفال
ونائب عن الصهيونية الدينية: "إيتامار محام موهوب للغاية. وقد فهم شيئا عن
إسرائيل، بدأ المزيد من الإسرائيليين الآن فقط في إدراكه.. يتعلق بالحكم أننا
لا نستطيع السماح لهذا الوحش بالازدهار والنمو".
وأوضحت الصحيفة إن بن غفير، 46 عاما، يحتل الآن
موقع نفوذ كبير في نفس النظام الذي قضى حياته يتحداه، ويرتبط صعوده السياسي ارتباطا
وثيقا بحركة المستوطنين العنيفة.
ودعا حزبه القومي المتطرف "القوة
اليهودية" إلى طرد الفلسطينيين "غير الموالين"، وضم الضفة
الغربية.. وحتى العام الماضي، كانت حركة هامشية، فشلت مرارا في حشد ما يكفي من
الأصوات لدخول الكنيست.
لكن في تشرين الثاني/ نوفمبر، فاز بنيامين
نتنياهو، الذي يواجه عقوبة محتملة بالسجن في محاكمة فساد ونفاد الخيارات، بولاية
خامسة كرئيس للوزراء من خلال تنظيم تحالف بين بن غفير وسياسي يميني آخر هو بتسلئيل
سموتريتش. عُين بن غفير وزيرا للأمن القومي، مع حقيبة موسعة تمنحه سيطرة غير
مسبوقة على الشرطة الإسرائيلية، وموقع مقدس في القدس، وقوات الأمن التي تعمل في
الضفة الغربية المحتلة.
وفي 26 كانون الثاني/ يناير، قتلت قوات
الاحتلال في مدينة جنين بالضفة الغربية 10 فلسطينيين. بعد ذلك بيوم، فتح فلسطيني
النار خارج كنيس يهودي في القدس المحتلة، فقتل سبعة أشخاص. وقتلت غارة إسرائيلية
خمسة في أريحا الأسبوع الماضي. فقام فلسطيني بعملية دهس يوم الجمعة قتل فيها ثلاثة
أشخاص في القدس المحتلة.
وقال زعيم المعارضة يائير لابيد، في اجتماع حاشد
مناهض للحكومة في كانون الأول/ ديسمبر: "إن مجرما عنيفا أدين بدعم الإرهاب، ولم يخدم يوما واحدا في الجيش، لن يرسل أطفالنا إلى المعركة".
ورفض بن غفير إجراء مقابلة معه لهذا التقرير،
وهو خروج عن الصورة الجاهزة للكاميرا التي طورها خلال حملته. وكان ثالث أكثر
السياسيين الذين تمت مقابلتهم في وسائل الإعلام الإسرائيلية في الفترة التي سبقت
الانتخابات، وفقا لشركة الأبحاث الإسرائيلية إيفات. قال بن غفير في عام 2021 إن
"الفارق الكبير" بين حركته وحركة مئير كهانا، الإرهابي الذي اعتبره
قدوته، هو أنهم "يعطوننا ميكروفونا".
عندما كان مراهقا في عام 1995، قام بسرقة شعار
سيارة الكاديلاك لرئيس الوزراء آنذاك يتسحاق رابين. وقال لأحد الكاميرات:
"وصلنا إلى سيارته، سنصل إليه أيضا". بعد أسابيع، اغتيل رابين على يد
متدين متطرف اتهمه بـ"الخيانة"؛ لتوقيعه اتفاق سلام مع
الفلسطينيين.
ويقيم بن غفير الآن في مستوطنة كريات أربع
المتشددة، في مدينة الخليل.. ومثل العديد من الإسرائيليين الذين يعيشون في عمق
الضفة الغربية، لم يولد هناك.
ونشأ بن غفير في بيت يهودي لأكراد العراق، وعائلته علمانية، تقيم في
ضاحية استيطانية في القدس المحتلة، وخلال الانتفاضة الأولى، كان يعبر عن إحباطه من
شكل الرد الإسرائيلي على الفلسطينيين، وأصبح منسقا للشباب في حركة كاخ المتطرفة،
التي قادها مائير كاهانا، والتي دعت إلى تهجير الفلسطينيين من الأراضي المحتلة،
وهي الحركة التي حظرت في إسرائيل، واعتبرت إرهابية في كل من أمريكا وكندا واليابان
والاتحاد الأوروبي.
ويتباهى بن غفير بأنه اعتُقل مئات المرات،
ووجهت إليه لوائح اتهام 53 مرة، وأدين سبع مرات، بما في ذلك بتهم التحريض على
العنصرية ضد العرب.
ووفقا للصحيفة، كان دعمه للتشدد اليهودي هو
الذي جعله يمتهن المحاماة، ودافع عن الجيل القادم من المستوطنين المتدينين
العنيفين. كان من بينهم رجلان اتهما في عام 2015 بإحراق منزل عائلي في قرية
فلسطينية، ما أسفر عن مقتل رضيع يبلغ من العمر 18 شهرا ووالديه. نتنياهو وصف
الحريق المتعمد بأنه "إرهاب يهودي"، قال بن غفير: "لم تكن هناك
ظاهرة كهذه".
في عام 2012، دخل بن غفير السياسة، على الرغم
من فشل حزبه في تجاوز العتبة في الانتخابات بعد الانتخابات. كان لا يزال يُنظر
إليه على أنه شخصية هامشية، يسعى جاهدا لتحقيق الأهمية.
لكنه أظهر في ربيع عام 2021 أنه يتمتع بنفوذ في
الشارع. مع اندلاع العدوان على غزة، تفجرت الأوضاع في المناطق المحتلة عام 1948،
وقاد بن غفير مئات المستوطنين الذين تطوعوا للقيام بدوريات في الشوارع، ومرافقة
اليهود عبر الأحياء التي أصبحت مناطق نزاع، واشتبكوا مع الفلسطينيين في الداخل.
وقال مفوض الشرطة الإسرائيلية، كوبي شبتاي، إن
"الانتفاضة الداخلية" كانت جزئيا بسبب خطأ بن غفير في تحريضه المستوطنين
المتطرفين.
وخلال حملته في الخريف الماضي، تعهد بن غفير
"بإظهار من هو صاحب الأرض هنا"، وهو تعهد مشفر باستخدام اليد الثقيلة
لاستعادة القانون والنظام في المدن الإسرائيلية ومستوطنات الضفة الغربية.
شبتاي، قائد الشرطة الذي انتقد بن غفير، يقدم
الآن تقاريره إليه. وكذلك الأمر بالنسبة لوحدات الشرطة التي تعمل مع أجهزة الأمن
الإسرائيلية لمحاربة الإرهاب اليهودي الذي يدعي بن غفير أنه غير موجود.
وقالت الصحيفة إن أصدقاء ومنتقدي بن غفير يقرون بقدرته على تجاوز حدود "القانون الإسرائيلي، لتخريب الدولة من الداخل، فبينما
ينصح المستوطنين حول كيفية ممارسة حقوقهم المدنية بشكل أكثر فاعلية، يدعو إلى
حرمان الفلسطينيين من حقوق مماثلة".
في الآونة الأخيرة، دعا إلى حظر رفع العلم
الفلسطيني، و"توسيع نظامي إنفاذ القانون والشرطة المنفصلين على أساس الهوية
العرقية" -أحدهما للفلسطينيين والآخر لليهود الإسرائيليين- على حد تعبير
ورقة صادرة عن مركز عدالة حديثا.
كما قام بن غفير بتدريب أصدقاء لأحد قيادات
حركة كاخ، على تحدي الوضع القائم في المسجد الأقصى، وعلى مدى عقد من الزمان، وفي
تحدٍ لمراسيم الشرطة، حاول موريس ذبح حمل في ساحات المسجد الأقصى، وهي طقوس
توراتية يعتقد أنها ستقرب اليهود من الهدف النهائي المتمثل في إعادة بناء معبد
هناك. وحذرت الشرطة الإسرائيلية من أن ذلك قد يشعل حربا في المنطقة.
ومع وجود بن غفير الآن مسؤولا عن الشرطة، يأمل
أتباع كاخ في أن يتمكنوا من أداء الطقوس خلال عيد الفصح المقبل في الأقصى.
وفي مؤتمر صحفي الشهر الماضي، سأل مراسل
الواشنطن بوست بن غفير عن خططه لمعالجة عنف المستوطنين في الضفة الغربية.
ضحك بن غفير، قال وهو لا يزال يبتسم:
"عليكم جميعا التوقف عن ترتيب الأشياء بالترتيب الخاطئ، هناك حالات فردية
للعنف من قبل السكان اليهود ضد العرب، وأنا على علم بها، ولكن هناك الآلاف من حالات
العرب الذين يمارسون العنف ضد اليهود".
وقالت الصحيفة إن المفارقة في صعود بن غفير "النيزكي
أنه لم يغب عن سوكوت الضحك، حين قال إنه في كل مرة أرى بن غفير في الصور مع رئيس
الشرطة، أتذكره ممددا على الأرض معي في حجز الشرطة، انظر إلينا الآن، إنه إنجاز
مبارك".