أصبحت قرية أوميرين الهولندية وجهة لهواة البحث عن الكنوز أملا في العثور على
كنز تٌقدر قيمته بملايين الدولارات أخفاه الجنود الألمان خلال
الحرب العالمية الثانية، ما أثار غضب الأهالي.
والأسبوع الماضي، أثار نشر الأرشيف الوطني الهولندي لخريطة يُعتقد أنها تحدد المكان الذي يتواجد فيه الكنز جدلا واسعا، حيث تحول هواة البحث عن الكنوز إلى القرية وهم يحملون أجهزة الكشف عن المعادن والمجارف، حيث جابوا الحقول المحيطة بريف بلدة أوميرين شرقي البلاد.
وقالت إدارة الأرشيف الوطني إنه يُعتقد أن الخريطة تحدد المكان الذي أخفى فيه الجنود النازيون 4 صناديق كبيرة مليئة بالماس والياقوت والذهب والفضة وجميع أنواع المجوهرات، التي نهبوها بعد انفجار أحد البنوك في أغسطس/آب عام 1944.
وحصلت على هذه الخريطة مؤسسة الأرشيفات الهولندية التي كُلِّفت بتعقب الأموال الألمانية في
هولندا بعد تحرير البلاد من الاحتلال النازي عام 1945.
ونُشر ملف البحث الذي يضم الخريطة الأسبوع الماضي، بعد انقضاء الحد الأقصى للسرية، البالغ 75 عاماً.
وكانت القرية بالقرب من خط جبهة المواجهة بين الحلفاء والنازيين أثناء عملية "ماركت غاردن" في عام 1944، التي شملت مرحلتين: الأولى استولت خلالها قوات محمولة جواً على الجسور الرئيسية وبعدها جرى هجوم بري. كان الهجوم في حينه أكبر عملية إنزال جوي خلال الحرب.
الخريطة المرسومة بخط اليد والتي تتضمن نقطة تحمل إشارة X باللون الأحمر للدلالة على مكان الدفن، هي جزء من مجموعة من الوثائق التي نشرها الأرشيف الوطني الهولندي الأسبوع الماضي بعد رفع السرية عنها.
كما تتضمن الوثائق التي رفعت عنها السرية في الأرشيف، شهادة جندي ألماني، قال إن قنبلة سقطت على مصرف في مدينة آرنهام التي تبعد 40 كيلو متراً عن قرية أوميرين، في أغسطس/آب 1944 مما أدى إلى تناثر خزائن المصرف التي كانت مخبأة في القبو وكانت تحوي مجوهرات وعملات معدنية ثمينة وأحجارا كريمة وساعات ذهبية.
وقال إن ثلاثة أو أربعة جنود ألمان وضعوا ما أمكن من مجوهرات في جيوبهم وخبأوا ما تبقى في صناديق الذخيرة والخبز وسلموها لقيادتهم. وفي الأسابيع الأخيرة من الحرب، انسحب الجنود الألمان من القرية، ويبدو أن الجنود قرروا دفن الكنز فيها.
ونقلت وكالة رويترز عن المتحدثة باسم الأرشيف الوطني، آن ماريك سامسون، قولها إنه رغم استحالة تأكيد وجود هذا الكنز، نُفذت محاولات عديدة للعثور عليه عام 1947، لكن جميعها باءت بالفشل.
وأوضحت سامسون: "لا نعرف، على وجه اليقين، إن كان هذا الكنز موجوداً. لكن المعهد أجرى تحقيقات كثيرة، وتأكد من صحة هذه القصة".
كما أضافت المسؤولة الهولندية: "لكنهم لم يعثروا عليه مطلقاً، ولو كان موجوداً، فيُحتمل جداً أن أحدهم عثر عليه بالفعل".
وأمام توافد هواة البحث عن الكنوز، ناشد السكان الغاضبون الغرباء الذين غزوا قريتهم بحثاً عن الكنوز الدفينة الابتعاد عن أوميرين، فيما قررت السلطات المحلية حظر أجهزة الكشف عن المعادن وسط مخاوف من اصطدام آلات الحفر بقنابل يدوية أو ألغام أرضية غير منفجرة من الحرب العالمية الثانية.
وعُثر على معدات زراعية قديمة مدفونه في باطن الأرض بواسطة أجهزة الكشف عن المعادن. وهي متناثرة حالياً بجانب الحفر الحديثة في حقول وغابات القرية.
وقال سوندر، الذي يعيش في القرية: "انتقلت إلى هنا من أجل العيش بسلام وهدوء، لكن يبدو أن كل العالم يعلم بنا الآن"، مضيفا: "هذه المنطقة غنية تاريخياً فعلا".
وتابع: "احتل الضباط النازيون الفيلا البيضاء هناك، وكلما تظهر أسرار جديدة، يزداد فضول الناس".
بترا فان دي، 42 عاماً، من سكان أوميرين، أعربت عن غضبها من الأرشيف الوطني الهولندي بسبب نشر هذه المعلومات التي جعلت عائلتها تشعر بالغضب والقلق والخوف.
وقالت: "لا أستطيع النوم، وصل أحد الأنفاق التي حفروها إلى حديقتي. أحيانا أشاهد صحفيين من نافذة المنزل يحملون الميكروفونات بيد وأجهزة الكشف عن المعادن بيد أخرى".
استيقظ جيرانها وشاهدوا مجموعة من الأشخاص يضعون المصابيح الكشافة على جباههم ويقومون بالحفر في حديقتهم بحلول الليل، فيما دعتهم بترا إلى الابتعاد عن أرضها قائلة: "ابتعدوا عن ممتلكات الآخرين، ليس هناك ما تبحثون عنه".
من جهته، قال عمدة أوميرين السابق، كلاس تامس، الذي يدير الآن المؤسسة التي تمتلك الأراضي التي ربما تؤوي الكنز، إنه يرى أناساً من جميع أنحاء البلاد.
وأوضح: "خريطة تحوي صفاً من 3 أشجار وصليبا أحمر يشير إلى مكان يحوي كنزاً تثير الخيال"، مضيفا: "أي شخص يعثر على أي شيء سيتعيّن عليه إبلاغنا به، ولنرَ ما سيحدث، لكنني لا أتوقع أن يكون هذا سهلاً".
تعتقد السلطات الهولندية أنه حتى لو كانت قصة الكنز حقيقية فمن المحتمل أنه عُثر عليه واستخرج منذ زمن بعيد، فيما يزعم بعض القرويين أن قضية الكنز النازي المفقود هي قصة خيالية تماماً.