رغم
العلاقة المتينة بين رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإن أوساطا إسرائيلية لا تتوقع أن يكونا صديقين، لأن الدبلوماسية هي لعبة مصالح، وفي البلدان التي يوجد فيها قادة مثل بوتين، فإن الصداقة ليس لها قيمة كبيرة، ورغم ذلك فإن دولة الاحتلال لديها مصلحة في فتح خط اتصال معه.
وفي الكلمة الافتتاحية التي ألقاها وزير الخارجية الجديد إيلي كوهين، فإنه أشار فيها إلى أن "إسرائيل ستغير سياستها تجاه
روسيا، وتحدث مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، وهو أمر لم يفعله سلفه في المنصب يائير لابيد، الذي رأى وجوب اتخاذ موقف أكثر قربا من أوكرانيا، بعد أن غزتها روسيا.
نافيه درومي الكاتبة في صحيفة
إسرائيل اليوم، أوضحت أن "أحد منطلقات السياسة الإسرائيلية الجديدة تجاه الحرب الأوكرانية أنها لا تحب التقارب الروسي مع إيران، الذي لا يرقى إلى مجرد رسائل دعم، بل شراكة عسكرية كاملة، كما قدّره البيت الأبيض، لأن الدولتين تتبادلان الأسلحة والمعرفة العسكرية والمعلومات والمعدات التي لا تريد إسرائيل أن تمتلكها إيران، ولعله من المتوقع أن هذه الأمور لم تبحث بالتفصيل في محادثة كوهين مع لافروف، باستثناء الحديث الدبلوماسي العام".
وأضافت في مقال ترجمته "عربي21" أن "الانطباع السائد في بعض أوساط وزارة الخارجية الإسرائيلية بشأن أن نكون "في الجانب الصحيح من التاريخ" هو رغبة طفولية ومنفصلة عن أي مصلحة إسرائيلية، أو المنطق الدبلوماسي، صحيح أن الغرب بحاجة لإثبات أن إسرائيل لا توافق على السلوك الروسي، لكن تحويل المكالمة الهاتفية إلى ما يشبه تحطيم الأطباق أمر سخيف، خاصة بعد مهاجمة السيناتور الأمريكي الجمهوري ليندسي غراهام ضد كوهين".
وأشارت إلى أن "إسرائيل لا يمكنها الاعتماد على الجمهوريين بالبقاء في السلطة إلى الأبد، لأنه ليس هناك ضمانات بألا تتخلى الولايات المتحدة عن إسرائيل مثلما تخلت عن أفغانستان، ولذلك فإنه ليس لدينا امتياز مقاطعة روسيا، ولا عدم إجراء مكالمة هاتفية مع وزير خارجيتها، مع العلم أن نتنياهو ذاته لا يريد أن يُنظر إليه علنًا على أنه يغازل بوتين، ولذلك فإنه لا يتوقع أن يكونا صديقين، ولكن إذا كانت لروسيا مصلحة في العلاقات مع إسرائيل في الماضي، فمن المؤكد أنها لا تزال قائمة".
وأكدت أن "إسرائيل بحاجة لإحياء هذه العلاقة مع روسيا، وإبقائها على نار هادئة، دون إهمال زيلينسكي وأوكرانيا.. صحيح أن هذا ليس بالأمر السهل، لكنه ممكن، خاصة إذا كانت الحكومة الحالية تهدف إلى تدمير المشروع النووي الإيراني. وفي الوقت الذي قرر فيه لابيد قطع العلاقات مع روسيا لمجرد إرضاء الغرب، وأن يظهر متحيزًا له للغاية، فإن نتنياهو وحكومته الجديدة مطالبان بالتخلي عن السياسة السابقة، لأنها نتاج رؤية عالمية طفولية لا تضع إسرائيل في المرتبة الأولى".
يوما بعد يوم تتكشف معالم السياسة الإسرائيلية الجديدة تجاه الحرب الأوكرانية، واختلافها التدريجي عن سياسة الحكومتين السابقتين، باتجاه أخذ موقف أكثر قربا من روسيا، دون الانحياز الكامل معها، لكن ذلك سيسفر عنه انزعاج غربي، ولدى أمريكا تحديدا، التي تحشد كل دول العالم ضد موسكو، ما قد يعني تراكم ملفات الاختلاف والتناقض بين تل أبيب والمنظومة الغربية.