سلطت صحيفة "
بوليتيكو" الأمريكية الضوء
على تزايد الدعوات إلى فرض عقوبات فورية على
روسيا، ودعم كييف بالمزيد من الأسلحة، في أعقاب تفاعل الغرب مع تصعيد
بوتين في أوكرانيا.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته
"عربي 21"، إن
أوروبا ترسم خططًا لفرض عقوبات جديدة على روسيا، وسط مطالب
برد سريع، بعد أن هدد فلاديمير بوتين مؤخرًا باستخدام أسلحة نووية في حربه ضد
أوكرانيا.
وقد أعلن الرئيس الروسي عن تصعيد كبير يوم
الأربعاء الماضي، بما في ذلك تعبئة 300 ألف جندي احتياط روسي، مهددًا باستخدام
"كل الموارد" المتاحة له لتحقيق، النصر مؤكدًا: "هذه ليست مزحة".
وأشارت الصحيفة إلى أن الإدانة كانت فورية من
طرف الحلفاء الغربيين، حيث وصف المستشار الألماني أولاف شولتز خطة بوتين بأنها
علامة على "اليأس"، بينما قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن الزعيم
الروسي يرتكب "خطأً جديدًا". وفي حديثه في الأمم المتحدة في نيويورك،
قال الرئيس الأمريكي جو بايدن "إن تهديدات بوتين تجمّد الدم في العروق".
في مقابلة يوم الأربعاء لشبكة "سي إن
إن"، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن "بوتين
يُظهر ضعفه الآن، فهو يخطط لتعبئة أفراد أقل تدريبًا وأقل خبرة وأقل تحفيزًا. إنه
يريد من الآن بدء استفتاء على الأراضي الأوكرانية ذات السيادة. أعتقد أن هذا
يستدعي فرض عقوبات جديدة من جانبنا".
وأشارت الصحيفة إلى أن مسؤولي المفوضية
الأوروبية كانوا يعملون بالفعل في بروكسل، خلف الكواليس وفي هدوء تام، على مقترحات
بشأن فرض حزمة جديدة من العقوبات ضد موسكو. وقد عزز تهديد بوتين يوم الأربعاء
الدعوات لاتخاذ إجراءات جديدة.
وفي مؤتمر صحفي في وقت متأخر من يوم الأربعاء
في نيويورك، صرّح مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، بأن
هناك إجماعًا بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على تبني إجراءات إضافية تشمل
"القطاعات والأشخاص"، دون الخوض في المزيد من التفاصيل. وأضاف بوريل:
"سيتم تقديم إجراءات تقييدية إضافية ضد روسيا على الفور في أقرب وقت ممكن
بالتعاون مع شركائنا"، مشيرًا إلى أن الاتحاد الأوروبي سيواصل دعم أوكرانيا
عسكريًا بإمدادها بالأسلحة.
ونقلت الصحيفة عن وزير خارجية إستونيا، أورماس
رينسالو: "بوتين يريد إخافتنا، ويريد إرباك وحدتنا عندما نفكر في الطاقة
النووية. أهم شيء هو التواصل من خلال العمل. نحن بحاجة إلى زيادة إمدادات الأسلحة
لأوكرانيا على الفور، وبحاجة إلى زيادة العقوبات على الفور".
قال أربعة دبلوماسيين إن المفوضية الأوروبية
تستعد لمشاركة مخططها الخاص بالعقوبات مع دول الاتحاد الأوروبي اعتبارًا من يوم
الجمعة. وتشمل الإجراءات قيد الدراسة تحديد سقف لسعر النفط الروسي على النحو الذي
اقترحته مجموعة السبع، وإدراج المزيد من الأفراد المرتبطين بالكرملين على قائمة
العقوبات، وشن حملة جديدة على تجارة السلع الفاخرة مع روسيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن حرب بوتين تراجعت في
الأسابيع الأخيرة، بعد أن أثبت الهجوم المضاد الأوكراني فعاليته بشكل مدهش، واستعادت
القوات الأوكرانية المدعومة بأسلحة دقيقة من الحلفاء الغربيين مساحاتِ من الأراضي
في شمال البلاد، الأمر الذي ترك بوتين يواجه إذلالًا. ويعتقد الحلفاء الغربيون أن
هذا الوضع هو ما دفعه إلى تصعيد لهجة خطابه يوم الأربعاء.
في المقابل، اتسم رد القيادة العسكرية الغربية
بنوع من الهدوء الجماعي، حيث قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع لبايدن
إنه لا توجد حاجة بعد لتغيير السياسة. كما وصف أحد الدبلوماسيين الأوروبيين
الغربيين الأمر على هذا النحو: "التعبئة هي علامة على الضعف، ولا أتوقع
تغييرًا نوعيًا في الاستجابة الغربية، ولكننا سنواصل دعم أوكرانيا".
من جهته، صرّح وزير دفاع لاتفيا أرتيس بابريكس:
"هذا الخطاب مصمم ليكون له تأثير مغاير"، موضحا لـ "بوليتيكو"
في مكالمة هاتفية أنه لا ينبغي تغيير أي شيء في الرد الغربي، وأن الدعم الموجّه
لأوكرانيا يجب أن يستمر.
ويقول تشارلي سالونيوس باسترناك، الباحث
الرئيسي في المعهد الفنلندي للشؤون الدولية: "لا أعتقد أن ذلك سيحدث، ولا
أعتقد أنه يجب أن يغير من دعمنا لأوكرانيا"، وهو رأي اتفق عليه المحللون
العسكريون.
لا يوجد أي تغيير
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين قولهم إن الرسائل
الروسية لا تعكس بالضرورة الواقع. حيال ذلك، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي،
ينس ستولتنبرغ، في تصريح لـ "رويترز": "حتى الآن لم نشهد أي
تغييرات في الوضع النووي أو الاستعداد النووي". ووفقًا لرئيس الناتو، فإن
جهود التعبئة الروسية ستستغرق وقتًا.
وختمت الصحيفة بالإشارة إلى أنه من غير الواضح
ما إذا كان خطاب بوتين سيؤثر على أنظمة الأسلحة التي يرغب الحلفاء الغربيون في
تقديمها إلى أوكرانيا. في هذا الصدد، قال سيث جي جونز، مدير برنامج الأمن الدولي
في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: "ما زلت أعتقد أنه سيكون هناك بعض
التردد للتصعيد في ظل أداء الجيش الأوكراني الحالي". واستدرك قائلًا:
"من غير الواضح الآن إلى أي درجة ستكون دول الناتو على استعداد لتقديم أنواع
أكثر تطورًا من أنظمة الأسلحة".