بعد
200 يوم من اضطراب السوق المصري ونقص السلع بسبب منع الاستيراد باستخدام "مستندات
التحصيل" واستخدام "الاعتمادات المستندية"، أصدر البنك المركزي المصري
ضوابط وقرارات جديدة لتخفيف القيود عن الاستيراد نتيجة تفاقم أزمة الدولار بالبلاد.
وقرر
المركزي في شباط/ فبراير الماضي إلغاء استخدام "مستندات التحصيل" واستبدالها
"بالاعتمادات المستندية"، وفي نظام الاعتمادات المستندية، تكون العلاقة بين
بنك المستورد، وبنك المصدر، ويكون المستورد ملزما بتغطية قيمة الشحنة المستوردة مقدما،
وتكون تكلفته أعلى، ويستغرق وقتا أطول.
وتقدم
مجتمع الأعمال في مصر (مستوردون وغرف تجارية وغرف صناعية) حينها بخطاب إلى رئاسة مجلس
الوزراء، أعربوا فيه عن رفضهم للقرار الذي اتخذه البنك المركزي بشكل مفاجئ ودون تشاور
مع الأطراف المعنية، وأكدوا أن القرار له انعكاسات سلبية على الصناعة ومعدل الإنتاج
والمستهلك، ويهدد إمداد الصناعة باحتياجاتها من مستلزمات الإنتاج والسلع الوسيطة وقطع
الغيار لخطوط الإنتاج بصورة منتظمة.
في حزمة
القرارات الجديدة، سمح البنك المركزي المصري باستخدام العملات الأجنبية التي تحتفظ
بها الشركات الأم في البنوك المحلية لتنفيذ عمليات الاستيراد، وإمكانية استخدام أرصدة
حسابات العملات الأجنبية للشركة المحتفظ بها في البنوك المحلية، وكذلك تأمين الواردات
باستخدام مستندات التحصيل إذا كان المُصدِّر قد استلم المبلغ المستحق بالكامل.
فضلا
عن السماح للبنوك باستخدام أرصدة العملات الأجنبية في حسابات الشركة لفتح خطابات اعتماد
جديدة أو اعتمادات مستندية واردة، واستخدام النقد الوارد للشركات المحلية من الشركة
الأم في الخارج عبر قرض في عمليات الاستيراد، وقبول حصيلة الإيداعات النقدية بالعملة
الأجنبية الناتجة عن عمليات التصدير لدول الجوار واستخدامها في العمليات الاستيرادية.
من بين
التسهيلات التي منحها المركزي للمستوردين إمكانية تمويل عمليات الاستيراد عن طريق تحويل
العملة من الخارج أو عن طريق الأموال الناتجة عن توزيعات الأرباح المدفوعة في الخارج
أو زيادة رأس مال الشركة.
وقد
ترتبت آثار وخيمة على القرار السابق أدى إلى تعميق مشكلة سلاسل الإمداد التي بدأت بالتزامن
مع جائحة كورونا، وهو ما انعكس بدوره على حجم الإنتاج، وتوفير السلع وارتفاع أسعارها،
بما في ذلك من نتائج سلبية على المنتج والمستهلك على حد سواء.
استمرار
أزمة المستوردين
بشأن
رؤيته لحزمة قرارات البنك المركزي، يرى رئيس لجنة التجارة الداخلية بشعبة المستوردين
بالاتحاد العام للغرف التجارية، متى بشاي، بأنها "جاءت لصالح المصانع والمصنعين
وليس المستوردين، إلى جانب وجود غموض بخصوص بعض النقاط المتعلقة بتدبير الدولار بحاجة
إلى توضيح من قبل البنك المركزي".
وأوضح
في تصريحات لـ"عربي21": "هناك أزمة في توفير الدولار، وهناك أزمة
اقتصادية عالمية، ونحن نستورد نحو 60% من احتياجاتنا من الخارج، والحكومة تحاول حلحلة
الأزمة بشكل تدريجي، ونأمل خلال الفترة المقبلة أن تكون هناك حلول لاستيراد السلع الكاملة
الصنع".
ووصف
بشاي الوضع الحالي "بالصعب خاصة لمستوردي السلع الاستهلاكية من جميع الأنواع بما
فيها الصحية والكهربائية والمنزلية"، لافتا إلى أن "هناك بضائع مكدسة في
جميع الموانئ ينتظر بعضها الإفراج الجمركي منذ شهر شباط/ فبراير الماضي".
وأشار
إلى أنه "يجب الأخذ بعين الاعتبار حجم الالتزامات والمصروفات على المستوردين من
عمالة وإيجار وضرائب وفواتير استهلاكية؛ لأن الأوضاع صعبة للغاية وبحاجة إلى انفراجة
من أجل عودة عجلة العمل في السوق".
وقفزت
فاتورة الاستيراد، وفقا لتصريحات سابقة لوزير المالية محمد معيط، في تموز/ يوليو الماضي،
إلى 9.5 مليارات دولار شهريا من 5 مليارات دولار قبل الحرب الروسية الأوكرانية في شباط/
فبراير الماضي، وذلك لزيادة أسعار سلع أساسية بينها الطاقة والقمح، وكلفة الشحن والاستيراد.
"حل
جزئي"
"هذه
القرارات ليست حلا لأزمة الاستيراد شبه المتوقفة في مصر إنما هي حل جزئي"، بحسب الخبير
الاقتصادي ممدوح الولي، مضيفا أن "ما يجري هو تحريك للأزمة الخانقة عن عنق المستوردين،
ولكنها لا تشكل انفراجة حقيقية، ولا يزال العمل بقرار "الاعتمادات المستندية"
ساريا ولم يتم إلغاؤه، والعديد من هذه القرارات لم تأت بجديد".
وأوضح
في حديثه لـ"عربي21" "أن تدبير العملة الأجنبية بات مسؤولية المستورد
في بعض هذه القرارات كاستخدام حصيلة التصدير من العملة الصعبة لدول مثل ليبيا والسودان
واليمن والعراق"، مشيرا إلى أن "البنك المركزي غير قادر على إلغاء القرار
لأن لديه عجزا كبيرا في العملة يبلغ 9.3 مليارات دولار حتى تموز/ يوليو الماضي، كما أن
البنوك المحلية لديها عجز يبلغ 10.1 مليارات دولار أيضا".
ورهن
الولي إلغاء القرار المثير للجدل "بالتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي وتوفير
قروض مماثلة من جانب بعض الدول المقرضة من أجل توافر الدولار لدى البنك المركزي، ولذلك
شاهدنا الجولات الخارجية للمسؤولين إلى دول الخليج وبعض الدول الغربية".
"انكماش
القطاع الخاص"
في غضون
ذلك، واصل القطاع الخاص غير النفطي في مصر انكماشه للشهر الحادي والعشرين على التوالي،
نتيجة غموض في السياسة النقدية وتراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار، وزيادة الفجوة التمويلية
بالبلاد لمستويات كبيرة، وفقا لوكالة رويترز.
وأظهر
المسح اتخاذ قطاع الأعمال في مصر نظرة قاتمة للعام المقبل بسبب مخاوف بشأن العملة والحرب
بأوكرانيا واختناقات الواردات، وبلغ مؤشر "ستاندرد آند بورز غلوبال" لمديري
المشتريات في مصر 47.6 وهو أقل من خط الـ50.0 الذي يشير إلى النمو.
بنك مصر ينتظر موافقة "المركزي" لإطلاق أول بنك رقمي بالبلاد
مصر تقترض 61.8 مليار جنيه عبر بيع أذون بأكبر قيمة في التاريخ
هل يبيع السيسي أصول مصر بـ"ثمن بخس" لتلافي الإفلاس؟