أثارت
القناعات الشخصية التي أدلى بها الشيخ أحمد الريسوني (رئيس الاتحاد العالمي لعلماء
المسلمين) بخصوص الشأن السياسي المغاربي الكثير من الجدل والانتقاد، وقد اتخذ
الأمر صيغة الشجب والتنديد، بل وصل إلى التهجم على شخص الشيخ باستعمال أوصاف سلبية
تخرج من دائرة الحوار والنقد إلى محاولة الاغتيال المعنوي بدوافع مختلفة.
بدأ
الأمر في 29 حزيران/ يوليو الماضي حين نشر موقع إخباري مغربي حواراً طويلاً أجراه
مع الريسوني، وتناول قضايا متنوعة من ضمنها قضية الصحراء التي هي في وعي المغاربة
"مغربية"، بينما هي عند جبهة البوليساريو ومشايعيها والجزائريين
"غربية"، أما بالنسبة لمنظمة الأمم المتحدة فالصحراء مسألة
"متنازَع عليها" ولم تُحسم بعد.
فحين
سئل الريسوني عن "قضية الصحراء" قال: إنه على منهج الزعيم المغربي علال
الفاسي، وإن "المغرب يجب أن يعود كما كان قبل الغزو الأوروبي"، وإن
"قضية الصحراء وقضية موريتانيا صناعة استعمارية".
في
الحوار، حرص الريسوني على توجيه النقد إلى طرفين: الأول: الجزائر التي لم يُسَمها،
وذلك حين تحدث عما وصفه بتورط "دول شقيقة، دول عربية وإسلامية في دعم وتبني
هذه الصناعة الاستعمارية". والطرف الثاني هو المغرب الذي عناه حين انتقد
طريقة معالجة قضية الصحراء التي "تتم بمعزلٍ عن الشعب"؛ الذي لا بد من
الرجوع إليه والاستقواء به لاستعادة وحدة المغرب حسب رأيه. وبناء على هذا انتقد
الريسوني توهم بعض المسؤولين المغاربة "أن إسرائيل تنفعنا"، ورأى أن
الاعتماد على إسرائيل هو مجرد "سراب".
ونحن
نذكر كيف أعلن دونالد ترامب الرئيس الأمريكي السابق رسميا اعترافه بسيادة المغرب
على الصحراء الغربية سنة 2020، وكان الثمن تطبيع المغرب علاقاته مع إسرائيل.
الحديث عن الصحراء وموريتانيا وتندوف التي تقع على حدود المغرب وموريتانيا والصحراء، وشكلت قاعدة انطلقت منها جبهة البوليساريو التي خاضت عملياتها ضد المغرب، ألّب عليه جموع الجزائريين والموريتانيين وقسماً من الصحراويين على الأقل، ووضعه ووضع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين -الذي يرأسه حاليّاً- في مأزق
ولكن
الأكثر إثارة في حوار الريسوني قوله: إن "الشعب مستعد أن يجاهد بماله ونفسه،
وأن يتعبأ كما تعبأ في المسيرة الخضراء، وأن يقطع آمال الذين يفكرون في فصل
الصحراء"، وأن الأمر متوقف على إرادة ملكية تدعو إلى ما سماه "مسيرة
بالملايين"، و"الجهاد بأي شكل.. في الصحراء وفي تندوف" أيضاً.
حديث
الريسوني هنا حديث مغربي لموقع مغربي عن شأن مغربي، وقد ربط فيه بين التاريخ
القريب والحاضر بنوع من أنواع القياس؛ رغم أنه قال في بعض توضيحاته إنه كان يتحدث
عن التاريخ. والقضية الأساس بالنسبة للريسوني هنا هي رفض تجزئة المغرب التاريخي
أولاً، والاعتماد على الشعب ثانياً، ونقد التطبيع ثالثاً، ولكن الحديث عن الصحراء
وموريتانيا وتندوف التي تقع على حدود المغرب وموريتانيا والصحراء، وشكلت قاعدة
انطلقت منها جبهة البوليساريو التي خاضت عملياتها ضد المغرب، ألّب عليه جموع
الجزائريين والموريتانيين وقسماً من الصحراويين على الأقل، ووضعه ووضع الاتحاد
العالمي لعلماء المسلمين -الذي يرأسه حاليّاً- في مأزق.
وقد
جاءت الردود الغاضبة على الريسوني من فئات عدة؛ أبرزها شخصيات وأحزاب تنتمي للتيار
الإسلامي وخاصة من المناطق المعنية بالأمر، وبعضها جزء من الاتحاد الذي يرأسه
الريسوني. فحركة مجتمع السلم الجزائرية أصدرت بياناً باسم رئيسها عبد الرزاق مقري
اتهم فيه الريسوني بـ"التطاول على دولة بأكملها"، وبأنه "يدعو إلى
الفتنة والاقتتال بين المسلمين"، وبأن "تحرير سبتة ومليلة
المغربيتين" أولى بالدعوة إلى الجهاد، واتهمه بأنه يستغل منصبه في الهيئة
العلمائية العالمية التي يترأسها.
أما
هيئة العلماء الموريتانيين التي أصدرت بياناً موقعاً باسم أمينها العام الشيخ بن
صالح، فاعتبر أن كلام الريسوني "تطاول على سيادة بلدنا"، ويجب على قادة
الهيئات الإسلامية "إذا تجاوزوا اللباقة والدبلوماسية واحترام الحوزات الترابية
للدول، أن يقفوا عند حدود الشرع، وألا تلتبس عليهم ساحات الجهاد الشرعي مع غيرها
من ساحات أذية المسلمين". فدعوة الريسوني -بحسب البيان- تفرق الصف الإسلامي
ولا علاقة لها بالوحدة الإسلامية؛ "إذ لو كان الأمر كذلك لطالب أصحابها
بتبعية الدول الإسلامية لأحد مراكز الخلافة الإسلامية".
يثير كلام الريسوني والردود عليه العديد من المسائل التي تتمحور حول الدولة القُطرية التي ورثت حقبة ما بعد الاستعمار، والتي ساهمت في صياغة هويات اتخذت صيغة "دولة وطنية" أو "دولة قومية" مع بقاء مناطق نزاع ضمن التقسيمات التي وقعت في حقبة ما بعد الاستعمار
وكانت
وكالة الأنباء الصحراوية قد نشرت بياناً باسم "المجلس الأعلى للائمة
الصحراويين" جاء فيه أن كلام الريسوني "لم يتقيد بضوابط الحق والاحتكام
للشرع"، وأنه "دعوة صريحة إلى الظلم والعدوان"، و"تصريح
باستباحة دماء شعوب مسلمة ودول قائمة؛ مداراة لحكامه الظلمة، وتبريرا لعدوانهم
الذي تسبب في تشريد الشعب الصحراوي وتهجيره من أرضه ظلما وعدوانا وإراقة دماء
الآلاف من الصحراويين، وإثارة الفتنة مع دول مستقلة منذ عقود من الزمن"، وأن
الصحراويين "يجاهدون جهاد الدفع، أي دفع الصائل الذي هو أحد أبواب الجهاد
الشرعي". وعرج البيان على ما قال إنها "مظاهر الفساد والاستبداد والظلم
والقهر.." التي هي أولى بأن ينطق العلماء فيها "بكلمة حق في وجه سلطان
جائر"، كما انتقد البيان بيان "هيئة العلماء الموريتانيين"؛ لأنه
جعل المغرب جاراً لموريتانية من الشمال، وبهذا نفى وجود الشعب الصحراوي!
ومن
اللافت أن البيان الصحراوي لا يحمل توقيعاً، وهو البيان الوحيد على وكالة الأنباء
الصحراوية باسم "المجلس الأعلى للأئمة"، بل إننا لا نعثر على ذكر لهذا
المجلس على شبكة الإنترنت سوى هذا، ما قد يشير إلى أنه بيان سياسي يخص السلطة
الانفصالية.
يثير
كلام الريسوني والردود عليه العديد من المسائل التي تتمحور حول الدولة القُطرية
التي ورثت حقبة ما بعد الاستعمار، والتي ساهمت في صياغة هويات اتخذت صيغة
"دولة وطنية" أو "دولة قومية" مع بقاء مناطق نزاع ضمن
التقسيمات التي وقعت في حقبة ما بعد الاستعمار، ولذلك فإن المسألة المركزية هنا -سواء
في كلام الريسوني أم الردود عليه- هي سيادة كل دولة وتصورات كل طرف لحدود دولته،
الحاضرة والتاريخية. فالريسوني يأمل بالعودة إلى مغرب ما قبل الاستعمار، والأطراف
الباقية تحتكم إلى المواثيق والاتفاقات التي جرت في حقبة ما بعد الاستعمار، بل إن
البيان الصحراوي يتجاهل النزاع القائم في الأمم المتحدة ويتحدث هو الآخر عن دولة
مستقلة في الصحراء منذ عقود.
يثير
هذا النقاش العديد من الإشكالات ألخصها في الآتي:
أولاً:
تزعم جميع الأطراف هنا الاحتكام إلى قواعد الشرع، الأمر الذي يثير إشكالاً حول
منهجية هذا الاحتكام وتكييفاته الفقهية في ظل الدولة القُطرية، وخاصة حين يتعلق
الأمر بمفاهيم فقهية تاريخية هي: الجهاد، والبغي، ودفع الصائل، بل بمسألة أكبر وهي
شرعية الدولة القطرية وترسيم الحدود والاحتكام إلى
المواثيق الأممية في هذا الشأن،
وما إذا كانت هذه
مسائل سياسية يقرر فيها الناس بحسب ما يرونه من توافقات ومصالح
أم مسائل دينية تنظمها قواعد الشرع وأحكامه، وما الحدود الفاصلة بين السياسي
والديني هنا.
تزعم جميع الأطراف هنا الاحتكام إلى قواعد الشرع، الأمر الذي يثير إشكالاً حول منهجية هذا الاحتكام وتكييفاته الفقهية في ظل الدولة القُطرية، وخاصة حين يتعلق الأمر بمفاهيم فقهية تاريخية هي: الجهاد، والبغي، ودفع الصائل، بل بمسألة أكبر وهي شرعية الدولة القطرية وترسيم الحدود والاحتكام إلى المواثيق الأممية
ثانياً:
تنطلق جميع الأطراف من منطلقات قومية (مغربية وموريتانية وجزائرية وصحراوية)، بغض
النظر عن سعة وضيق المنطلَق، ومن ثم فالبيان الموريتاني لفت إلى ملاحظة مهمة هنا،
وهي أن كلام الريسوني ليس منطلقه الخلافة، بل "مغرب ما قبل الاستعمار".
والمنطلق القومي يسري أيضاً على التوضيحات التي أدلى بها الشيخ محيي الدين القره
داغي (الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)، من حيث إنه أراد أن يتجاوز
القوميات ولكن أن يراعيها في الوقت نفسه، فقد أثنى على الجزائر وأكد فيها احترامه
لسيادتها.
واجه
الإسلاميون معضلة العلاقة بين تصوراتهم التاريخية حول الخلافة والدولة الإسلامية
التي تحكم بالشريعة من جهة، وبين الدول القُطرية التي نشأت ما بعد الاستعمار، وقد
جرت تطورات عديدة في هذا المجال، آلت فيما قبل الربيع العربي إلى أسلمة الدولة
القطرية لدى بعضهم ومنهم الريسوني نفسه؛ الذي يرى أصلاً أن الدولة وسيلة وليست
مقصداً يُطلَب لذاته. ولكن النقاش الآن يجري حول حدود تلك الدولة القطرية، فإذا
كان أهل المغرب سيعودون إلى المغرب الكبير، وأهل الشام سيعودون إلى سوريا الكبرى،
وأهل العراق وأهل الخليج سيعودون إلى حقبة ما قبل الاستعمار وهكذا البقية، فسنكون
أمام نزاعات لا آخر لها.
ثالثاً:
إشكالية العلاقة بين الفقه والسياسة، فالريسوني يقيس هنا على واقعة محددة في
التاريخ المغربي المعاصر هي "المسيرة الخضراء" التي كانت مسيرة شعبية
سلمية وقعت في تشرين الثاني/ نوفمبر 1975، حيث وصلت حشود المغاربة إلى الصحراء،
وكانت تنتظر إيعازاً من الملك الحسن الثاني لعبور الحدود، ولكن الذي توغل في
الصحراء بعد ذلك هي القوات المغربية لا الناس السائرة. فاستعمال الريسوني مصطلح
"الجهاد" هنا استعمال إشكاليّ، ولهذا اتهمه بعض نقاده بالتحريض على
الفتنة، رغم أن الريسوني استعمل تعبيري الجهاد والمسيرة، وهو تصريح مضطرب أوقع في
كل هذا الإشكال، ولذلك تخلى هو نفسه عن مصطلح الجهاد في توضيحه الذي أصدره بعد
الحملة عليه.
استعمال الريسوني مصطلح "الجهاد" هنا استعمال إشكاليّ، ولهذا اتهمه بعض نقاده بالتحريض على الفتنة، رغم أن الريسوني استعمل تعبيري الجهاد والمسيرة، وهو تصريح مضطرب أوقع في كل هذا الإشكال، ولذلك تخلى هو نفسه عن مصطلح الجهاد في توضيحه الذي أصدره بعد الحملة عليه
رابعاً:
عُرف الشيخ الريسوني بجرأته وتخففه من الحسابات والقيود الحزبية التي تكبل غيره،
ولكن المأزق هنا تمثل في أنه عبر عن "قناعات شخصية" بوصفه مغربيّاً،
ولكنه وفي الوقت نفسه يرأس اتحاداً يصف نفسه بالعالمية، الأمر الذي يثير معضلة
الجمع بين القُطري والأممي، والصفة الشخصية والصفة الاعتبارية. فمن العَسِر التمييز
هنا بين ما يقوله بصفته وما يقوله بشخصه، ومن هنا كان محور توضيحات "الأمين
العام" للاتحاد الجانب "الشكلي" الذي يتعلق بتمثيل الاتحاد ومن
يوقع بياناته، بل إنه ذهب أبعد من ذلك إلى التأكيد على أن الريسوني نفسه لن يترشح
لرئاسة الاتحاد في الانتخابات القادمة، وهو ما تم تلقيه بشكل سلبي أيضاً؛ لأن مثل
هذه التصريحات تقع في مأزق آخر يتعلق بإدارة العلاقة بين ما هو "شكلي"
في الهيئات والمؤسسات وما هو "وظيفي" يتصل بالدور المنوط بهذه الهيئات
ومقاصدها التي قامت من أجلها؛ فضلاً عن محاولة التضحية برأس الاتحاد لأنه عبر عن
قناعات شخصية.
أخذ
الاتحاد العالمي على نفسه أن يقول الحق ويبينه للناس، وقال إنه يمارس دوراً علميّاً
أو هكذا يُفترض به، ولكنه كثيراً ما خاض في بيانات سياسية تمس دولاً مختلفة، ولذلك
لم تقبل منه الأطراف المتخالفة هنا تلك التوضيحات التي اقتصرت على الجانب الشكلي وتجنبت
الخوض في مهمة الاتحاد وواجب البيان، وهذا مأزق يعاني منه الاتحاد منذ زمن، إذ كيف
يحدد دوره؟ وما المعايير التي تضبط عمله وبياناته وتدخلاته في شؤون دول أعضائه
الذين ينتمون إلى دول عديدة عربية وإسلامية؟
خامساً:
جرى اتهام الريسوني بأنه "مخزني"، أي يمالئ النظام في المغرب، وهذا
الإشكال نابع من تعقيدات النقاش الذي علق الأمر بدعوة الملك للجهاد/ المسيرة من
جهة، وقناعته بأن موريتانيا وتندوف مغربيتان من جهة أخرى، بالرغم من أن المغرب
اعترف بموريتانيا رسميّاً ووقع اتفاقية مع الجزائر بترسيم الحدود بين البلدين في
1972م، وتمَّ تبادل وثائق التصديق بين وزيري خارجية البلدين في 1989م. أي أنه من
الصعب اختزال موقف الشيخ بأنه مخزني؛ لمجرد تقاطع قناعته -جزئيّاً فقط- مع مواقف
السلطة في موقف من المواقف.
وأعتقد
أن علاقة عموم المغاربة بالمقام الملكي تثير العديد من الإشكالات لغير المغاربة،
كما تفرض على المغاربة أنفسهم -وخاصة
الإسلاميين منهم- تحديات فكرية تتعلق
بأيديولوجيتهم الإسلامية الحركية، وتحديات عملية في تصوراتهم السياسية وتعاملهم مع
الأنظمة الجمهورية في البلدان الأخرى. فالريسوني استدل على مغربية موريتانيا ببيعة
أعيانها للعرش الملكي المغربي قبل الاستعمار، ولكن هذه الواقعة التاريخية -إن سُلم
بأنها ممثلة لعموم أهل شنقيط وأنها تصلح دليل إثبات تاريخيّاً- تواجه مأزقاً
حقيقيّاً في حاضر اليوم، إذ نحن نتحدث عن نظام جمهوري قام في موريتانيا تجاوز
النظام الملكي وآلية البيعة، ونظام ملكي في المغرب يتمحور -برمته- حول البيعة
وقداسة الذات الملكية.
معيار دعم المقاومة ورفض التطبيع الذي اعتُبر ماحيا لكل الخطايا والذنوب ولو على حساب حقوق ومظالم شعوب المنطقة؛ هو المعيار نفسه الذي حكم تصورات الريسوني وكثيرٍ من المغاربة الذين أيدوا عودة حماس إلى نظام الأسد، وضربوا بعرض الحائط الجرائم التي ارتكبها نظام الأسد في سوريا
سادساً:
حرصت الردود والتعليقات على الريسوني على أن تلزمه بأولويات تراها هي، كتحرير سبتة
ومليلة، ونقد مظاهر الفساد في المغرب، ونقد التطبيع المغربي مع إسرائيل (رغم أنه
قد قام بذلك بالفعل)، وغير ذلك. بل إن الأمين العام للاتحاد القره داغي قال -في
تعليقه على الريسوني رئيس الاتحاد وعبر قناة جزائرية- إن الاتحاد يساند الجزائر
التي تقف ضد التطبيع، ولا يساند من يقف في صف التطبيع، ويعني هنا المغرب.
ومن
المفارقة هنا أن معيار دعم المقاومة ورفض التطبيع الذي اعتُبر ماحيا لكل الخطايا
والذنوب ولو على حساب حقوق ومظالم شعوب المنطقة؛ هو المعيار نفسه الذي حكم تصورات
الريسوني وكثيرٍ من المغاربة الذين أيدوا عودة حماس إلى نظام الأسد، وضربوا بعرض
الحائط الجرائم التي ارتكبها نظام الأسد في سوريا والتي تضمنت استخدام السلاح
الكيماوي لعدة مرات وقتل أكثر من نصف مليون شخص وتهجير الملايين، ولكنهم حين
واجهوا قضية الصحراء التي تتعلق بالصراع على حدود الدولة القومية المغربية، تقدم
الاعتبار القومي لديهم على غيره من الاعتبارات، وهو ما يعيدنا مجدداً إلى أوجه
الاضطراب في التفكير الإسلامي الحركي الذي يغيب فيه الانضباط أو الاتساق، ويحتاج
إلى الكثير من النقاش النقدي والتصويب والتنظير الفكري الذي يندر اليوم وجود
المؤهلين له أو حتى الراغبين في القيام به، والله المستعان.