في ظل الأزمة السياسية
التي يشهدها العراق، تحاول أطراف خارجية لعب دور الوسيط لتهدئة الأجواء تجنبا
لوقوع صدام شيعي-شيعي، وذلك بعد سيطرة التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر على مبنى
البرلمان، وهو ما رفضه الإطار التنسيقي واعتبره انقلابا على الشرعية.
ومنذ انتهاء
الانتخابات البرلمانية في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، لم تتمكن القوى السياسية
من تشكيل الحكومة، سواء بعنوان "الأغلبية" التي أرادها الصدر قبل
استقالة نوابه، أو "التوافقية" التي يحاول "الإطار التنسيقي"
تسميتها برئاسة محمد شياع السوداني.
مبادرتان خارجيتان
وعلى وقع هذه الأزمة،
كشفت مصادر سياسية عراقية خاصة لـ"عربي21" عن دخول إيران وحزب الله
اللبناني على الخط للعب دور الوسيط، وذلك من خلال اقتراح كل منها شخصية سياسية
بعينها على الأطراف الشيعية المختلفة لتتولى منصب رئاسة الحكومة المقبلة.
وقالت المصادر -طالبة
عدم الكشف عن هويتها- إن "حزب الله اللبناني تواصل مع الأطراف الشيعية، وطرح
اسم السياسي محمد توفيق علاوي لرئاسة الحكومة المقبلة، كبديل عن محمد شياع
السوداني الذي رفضه التيار الصدري، وخرج بمظاهرات منددة بترشيحه لأنه كان عضوا في
حزب الدعوة".
وأوضحت المصادر أن
"قوى الإطار التنسيقي رحبت بمقترح حزب الله، ولم تعارض على تولي محمد توفيق
علاوي رئاسة الحكومة المقبلة، على الرغم من إصرارها إعلاميا حتى الآن على مرشحها
محمد شياع السوداني".
وفي آذار/ مارس 2020،
اعتذر محمد توفيق علاوي عن تشكيل الحكومة بعدما كلفه الرئيس العراقي برهم صالح
بتشكيلها، متهما بعض "الجهات السياسية" التي لم يسمها بأنها ليست جادة
بالإصلاح و"وضعت العراقيل أمام ولادة حكومة مستقلة تعمل من أجل الوطن".
وعلى الصعيد ذاته،
أكدت المصادر أن "إيران هي الأخرى قدمت مبادرة للحل، وذلك خلال زيارة لقائد
فيلق القدس الجنرال إسماعيل قاآني، العراق في تموز/ يوليو الماضي، لكنها كانت
مختلفة عما طرحه حزب الله اللبناني الحليف الأبرز لطهران في المنطقة.
وقالت المصادر إن
"قاآني طالب خلال لقاءات جمعته بقادة قوى الإطار التنسيقي الشيعي، أن يبقى
رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي في منصبه لحين إجراء انتخابات برلمانية خلال
مدة ستة أشهر، لكن ذلك لم يحظ بترحيب من جميع الأطراف داخل الإطار".
وأوضحت المصادر أن
"الكاظمي يواجه اعتراضات من الفصائل المسلحة الموالية لإيران، لكنه في الوقت
ذاته تربطه علاقة جيدة مع القيادة الإيرانية، ولا سيما بعد دور الوسيط الذي لعبه
بين الرياض وطهران، وجمعهم في بغداد لتخفيف الاحتقان بين الجانبين".
وأشارت إلى أن
"بعض قوى الإطار لا تريد بقاء الكاظمي في مرحلة إجراء الانتخابات لأنها
تعتبره متواطئا في تغيير النتائج ويميل بشكل واضح إلى التيار الصدري، وبالتالي فإنه لن
يتغير شيء في الانتخابات الجديدة إذا كان على رأس الحكومة التي تدير العملية
الانتخابية".
الخيار الأقرب
من جهته، قال رئيس
"مركز بغداد للدراسات الاستراتيجية" في العراق، الدكتور مناف الموسوي،
لـ"عربي21" إن "كل هذه المبادرات بغض النظر عمّن طرحها من الممكن
أن تكون مقبولة لدى الأطراف السياسية".
ورأى الموسوي أن
"محمد توفيق علاوي هو شخصية مستقلة وسطية، ومن الممكن القبول بها على رأس
حكومة مؤقتة تعمل على الذهاب أو التهيئة لانتخابات مبكرة، وكذلك فتح ملفات الفساد
الموجودة وتقديمها إلى القضاء العراقي".
ولفت رئيس "مركز
بغداد" إلى أن "رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي أيضا قام بدور كبير
خلال المرحلة الماضية، لكن صقور الإطار التنسيقي هم من يعترضون على ترؤسه الحكومة
المؤقتة لحين الذهاب إلى الانتخابات البرلمانية المبكرة".
وتابع: "لا يوجد
سبب آخر يقلل من حظوظ الكاظمي سوى اعتراض بعض أطراف الإطار التنسيقي، لكن بقاءه في
منصبه وارد، ومن الممكن أن يكون أحد أدوات الحل في المشكلة السياسية الحالية في
العراق".
من جهته، قال الباحث
في الشأن السياسي العراقي، نذير محمد لـ"عربي21"، إن "الأزمة
السياسية باقية حتى مع إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مقترح حل البرلمان
وإجراء انتخابات برلمانية".
وأوضح الباحث أن
"الكاظمي بطبيعة الحال الأقرب إلى التيار الصدري، ولذلك فسيحرص الأخير على
إبقائه في منصبه خصوصا أنه يرفض انعقاد البرلمان وتشكيل أي حكومة جديدة، وهذا مؤشر
على أنه مع إعطاء الحكومة الحالية الصلاحيات لإدارة الانتخابات".
ولفت محمد إلى أن
"رئيس البرلمان محمد الحلبوسي كذلك حينما دعا إلى جلوس جميع الأطراف إلى
طاولة الحوار، والمضي في إجراء انتخابات برلمانية، لم يتطرق إلى تشكيل حكومة
جديدة، وهذا يشير إلى رغبته ببقاء الكاظمي في منصبه وإدارته للانتخابات
المقبلة".
وكان الحلبوسي قد أعلن
في تغريدة، الثلاثاء، تأييده لمبادرة الكاظمي لإيجاد صيغة حلٍّ بشأن الأحداث التي
تشهدها البلاد، مؤكدا "أهميةَ جلوس الجميع إلى طاولة الحوار، والمضي بخطوات
عملية؛ لحل الأزمة الراهنة، وصولا إلى انتخابات نيابية ومحلية وفق توقيتات زمنية
محدَّدة".
يشار إلى أن رئيس
الوزراء مصطفى الكاظمي، أكد الخميس الماضي، أن العراق يشهد احتقانا سياسيا
كبيرا قد ينذر بعواقب وخيمة، داعيا جميع الأطراف السياسية في البلاد إلى الجلوس
على طاولة حوار وطني؛ للوصول إلى حلّ سياسي للأزمة الحالية.
الصدر يحشد لمظاهرة ثانية بعد اقتحام البرلمان.. ما هدفه؟
مشروع قانون حقوق الطفل يثير جدلا واسعا في الأردن
لمَ حشد الصدر مئات الآلاف من أتباعه ببغداد؟.. محللون يجيبون