سياسة عربية

هل يستغل السيسي الحوار الوطني كـ"غطاء" لبيع أصول الدولة؟

السيسي منع إثارة قضية بيع تيران وصنافير وفرض كلامه في أكثر من مناسبة- جيتي

شككت أحزاب مصرية بالداخل وسياسيون مصريون في حقيقة الهدف من "الحوار الوطني" الذي دعا له رئيس النظام عبد الفتاح السيسي، قبل نحو 50 يوما، بالتزامن مع تفعيل لجنة العفو الرئاسية التي تم تعطيلها لسنوات ولم تسفر جهودها عن أي انفراجة حقيقية في تخفيف التكدس بالسجون المصرية مترامية الأطراف.

وأعرب حزب الكرامة المصري الذي يرأسه البرلماني السابق أحمد الطنطاوي المعارض للسلطة في بيان وصفه "بالعاجل"عن تخوفه من استغلال النظام للحوار السياسي لتمرير بيع أصول الدولة لسداد الديون المتراكمة على البلاد.

وأعلن الحزب عن رفضه خطة الحكومة لبيع أصول الدولة، لسداد فاتورة الديون المتزايدة والتي قفزت إلى أكثر من 400% في بضع سنوات، معربا عن قلقه من أن يتحول "الحوار الوطني" إلى "مجرد غطاء لعمليات بيع البلد"، على حد وصف بيان للحزب.

وختم البيان بالقول: "إننا ندعو السلطة الحالية، لاستغلال الحوار الوطني المزمع عقده بداية الشهر المقبل للاستماع إلى آراء المختصين من كافة الاتجاهات حول الإصلاح الاقتصادي بطرق أخرى غير اللجوء لبيع أصول البلد، التي هي ملك الشعب لا الحكومة، وألا تعتبر هذا الحوار مجرد غطاء لتمرير تلك الخطة، لأننا في هذه الحالة قطعا لن نخالف ضميرنا ولن نشارك في مشهد يراد به خداع الشعب.

لا تجتمع الديكتاتورية والتعددية

يقول الدكتور أحمد عبد العزيز، المستشار الإعلامي للرئيس الراحل محمد مرسي: "لنتذكر أن السيسي منع إثارة قضية بيع تيران وصنافير للاحتلال الإسرائيلي وفرض كلامه في أكثر من مناسبة"، مؤكدا أن "مصر تعيش اليوم أسوأ أشكال الديكتاتورية والاستبداد، ومن ثم، لا حوار حقيقيا في مصر، وإن اجتمع نفر في قاعة، وتناوبوا إلقاء كلمات إنشائية لن يترتب عليها شيء، سيصفها الإعلام المصري الذي تديره مخابرات السيسي بالحوار الوطني التاريخي".

مضيفا لـ"عربي21": أما لماذا الحوار اليوم، بعد ثماني سنوات من الانقلاب على الرئيس المنتخب؛ فلأن الأوضاع أخذت في الانهيار على نحو ينذر بكارثة اقتصادية اجتماعية حادة وشيكة، ولا خطة لاحتوائها والتقليل من آثارها على المواطن الذي قد ينتفض فجأة؛ وهذا أشد ما يخشاه السيسي، بعد توقف الداعمين الخليجيين للانقلاب عن سداد فاتورة الانقلاب التي تصور السيسي أنها ستستمر ما بقي في الكرسي المغتصَب! فلم لا يدعو إلى "حوار وطني" يقرر مخرجاته سلفا، تحت عنوان ’ليس بالإمكان أفضل مما كان‘".

وفي الأثناء، يمرر السيسي ما يريد تمريره؛ بحسب عبد العزيز، لإيهام الشعب بأن ما يجري تمريره إنما كان بموافقة "القوى السياسية" التي أعاد إليها الحياة "فجأة"، وليس بقرار منفرد منه، سواء بيع أصول الدولة أو غيرها من قرارات مبيتة تهدف إلى تجريد مصر من كل مظاهر قوتها وسيادتها.

 

اقرأ أيضا: لماذا غيّر السيسي لهجته بشأن تطورات "سد النهضة"؟

واجهة السيسي لبيع البلاد

من جهته قال السياسي والبرلماني المصري سابقا، عزب مصطفى: "على مدار ثلاثين عاما والحكومات المتعاقبة تبيع مقدرات مصر وأصولها وكلنا يعلم ما حدث في برنامج الخصخصة الذي تم من خلاله القضاء على كل الشركات الواعدة التي كانت ستجعل مصر في مصاف الدول المتقدمة وغيرها وقد واجهت آنذاك الحكومة بالعديد من الاستجوابات لوقف تلك الكوارث في حكومة الدكتور عاطف عبيد، ووضحت حجم الخسائر التي سيمنى بها الاقتصاد المصري".

وأكد لـ"عربي21": "السيسي لا يحتاج أي غطاء لينفذ بيع أصول الدولة المصرية حيث تخضع له كل السلطات تشريعية وقضائية وهو رئيس السلطة التنفيذية وما تيران وصنافير منا ببعيد، وسيظل السيسي يبيع في مقدرات الدولة لسداد الديون التي يعجز أي اقتصاد عن سدادها وللأسف ما زال يقترض".

ورأى السياسي المصري، أن "عملية الحوار الوطني المزعومة ما هي إلا لتجميل وجه النظام لدى الغرب لسوء سمعة الانقلاب في مصر الخاصة في ملف حقوق الإنسان، لتمرير أجندة بيع أصول البلد"، مشيرا إلى أن "مصر تعيش أسوأ حقبة في تاريخها السياسي والاقتصادي والاجتماعي. السيسي لن يمنح الشعب إلا الفقر والمرض وبيع مقدراته".

تستر على الفشل

حذر السياسي المعارض خالد الشريف من مغبة التخفي وراء الحوار الوطني، قائلا: "ما يجري هو تستر على سياسة الفشل والفساد التي يمارسها السيسي ولا أستبعد أن يكون إلهاء للشعب عن جريمة تدبر لبيع أصول الدولة".

وأضاف لـ"عربي21": "وإن كان نظام السيسي فرط في ما هو أغلى من ذلك، فرط في تيران صنافير، وفي مياه النيل، ومن قبلها في السيادة الوطنية على أرض سيناء الحبيبة التي أضحت ساحة حرب يمرح في سماها العدو الصهيوني؛ لذلك أصبح لزاما علينا أن نقول لإخواننا في المعارضة لا تنخدعوا بحوار السيسي فهو سم قاتل".

ودلل الشريف على وجود مآرب أخرى غير الحوار بالقول: "أحد أكثر الأسباب وضوحا بأن الحوار حتى الآن غير جدي، وأقرب أن يكون عبثا هو أن المناخ السائد والقمع والاعتقالات تسير على قدم وساق، لو أرادوا حوارا حقيقيا لأطلقوا سراح المعتقلين وأوقفوا انتهاكات حقوق الإنسان، ولكنها تحدث بالقطارة".