رغم الهدوء النسبي الذي يعم الأراضي الفلسطينية
المحتلة بعد أسابيع من المواجهات التي اندلعت في معظمها، لا سيما في المسجد الأقصى، خرجت
الأوساط العسكرية الإسرائيلية باستنتاجات اعتبرتها "محبطة".
ورأت الأوساط أنه بموجب الاستنتاجات، فإن حماس تسعى
للحفاظ على صورة قتالية من خلال المواجهة مع الاحتلال في العديد من المجالات التي
تناسبها، دون جر غزة إلى المعركة المفتوحة، بذكاء مقصود، مما أوصلها في النهاية
لمحاولة فرض شروطها على الاحتلال، بشكل يسبب ما ترى أنها ظروف تلعب لصالحها.
وأشارت إلى أن جولة التصعيد التي واجهها
الاحتلال في الأسابيع الأخيرة لم تكن عادية فيما يتعلق بالأزمات التي اندلعت على
الساحة الفلسطينية في الماضي، حيث دارت الجولة الحالية في العديد من المراكز،
وتجلت في أشكال متنوعة من العمليات الفردية، والتوتر في المسجد الأقصى، و"تنقيط" الصواريخ من غزة ولبنان، فضلا عن الهجمات المسلحة في الضفة الغربية،
خاصة في ضوء استمرار أزمة حي الشيخ جراح، وتزامن ذلك كله مع رغبة الاحتلال بتحسين
علاقاته مع دول المنطقة.
الجنرال مايكل ميليشتاين، رئيس منتدى الدراسات
الفلسطينية بمركز دايان في جامعة تل أبيب، ذكر
في مقاله على موقع القناة 12، ترجمته "عربي21" أن "المواجهة
الأخيرة كشفت بما لا يدع مجالا للشك أن إسرائيل تواجه جملة من الأسلحة والأدوات
التي تشكل تهديدا عليها في عدة ميادين، لكنها تنبع من عقل واحد تقوده حماس يسعى
لربطها، وإحداث توازن بين توقيت تحركاتها المختلفة، حيث تسعى الحركة جاهدة لتحقيق
مهمتها الأيديولوجية من خلال الاحتكاك بإسرائيل بما يناسبها من ساحات
ووسائل".
وأضاف أن "استراتيجية حماس لم تعد خافية
على إسرائيل، وتتركز في تجنيب قطاع غزة معركة واسعة النطاق، لكنها في الوقت ذاته تواصل دعم العمليات، والتخطيط لها، وممارسة التحريض على تنفيذها، الأمر الذي يحمل
دلالة واضحة مفادها توجيه عدة ضربات لأنحاء مختلفة من إسرائيل في وقت واحد معاً،
من خلال إيجاد جملة من البؤر الساخنة، بعد أن تركز عملها في السنوات الماضية على
مسيرات العودة، والبلالين الحارقة، بهدف انتزاع التنازلات من إسرائيل، والحفاظ على
صورتها الجهادية، دون الانجرار إلى صراع واسع في غزة".
ولا تخفي الأوساط الإسرائيلية: الأمنية
والعسكرية أن سياسة حماس الجديدة باتت تشكل تهديدا جديدا ومعقدا وغامضا على دولة
الاحتلال، من خلال التلويح بخوض نزاع مسلح في غزة، أو انتفاضة في الضفة الغربية،
أو إشعال الحريق داخل دولة الاحتلال من خلال تحريض فلسطينيي48، وكل ذلك تراه حماس
إنجازات استراتيجية تم ابتكارها عقب حرب غزة الأخيرة 2021، وهي بصدد محاولات
مستمرة للحفاظ عليها، وصقلها، وترميمها، رغم ما يصاحبها من توترات شديدة.
وقد دأبت المحافل الإسرائيلية على تحميل حماس
مسؤولية الكثير من التحريض، وتحويله إلى هجمات دامية، مستفيدة من "الوسادة
الخصبة" للشبكات الاجتماعية، والظروف الشخصية للجيل الفلسطيني الشاب،
وبالتالي فقد تنهي حماس شهر رمضان من خلال صورة النصر التي تظهرها "نجمة
القدس"، لأنها تمكنت من ردع إسرائيل عن اتخاذ إجراءات ضدها، في ظل افتقار
الأخيرة إلى استراتيجية منظمة طويلة المدى، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الواقع السياسي
المهتز داخلها.
وتتداعى الأروقة السياسية والعسكرية
الإسرائيلية لما تصفه بضرورة إعادة تشكيل قواعد اللعبة ضد حماس، التي تمتعت بتفوق
واضح في المواجهات الأخيرة، وبذل الجهود الإسرائيلية اللازمة لوقف المحاولات
الرامية لإشعال الضفة الغربية، وإحراز تقدم في صفقة تبادل الأسرى مع الحركة.
وإلا
فإن البديل الذي ينتظر الاحتلال هو الاستمرار بتلقي ضربات حماس في ساحات أخرى،
وقبول الشروط التي تفرضها، وترسيخ حكمها في غزة، وتحضير نفسها للسيطرة على القيادة
الفلسطينية.
الخلاصة الإسرائيلية أن الأحداث الأخيرة أثبتت
من جديد أن الخيار الاستراتيجي الإسرائيلي تجاه حماس في غزة يتراوح بين البدائل
السيئة والبدائل الأكثر سوءًا، في ظل غياب رؤية إسرائيلية رصينة تجاه الحركة من
جهة، وطول نفس لا تخفيه حماس إزاء صراعها أمام الاحتلال.
تقدير إسرائيلي يفضل عدم الانجرار لمواجهة غزة وتوتير الضفة
"واللا": الكشف عن فريق استخباري لتعقب وسائل إعلام عربية
معاريف تتحدث عن انكشاف "خدعة" لتصفية مقاومين بحرب غزة