سياسة عربية

مجلس السيادة السوداني يسعى لتشكيل حاضنة مدنية.. هل ينجح؟

يطمح العسكريون لتحقيق ذلك عبر حوار شامل مع قوى متعددة- الأناضول

يسعى العسكريون في مجلس السيادة الحاكم في السودان، إلى تكوين حاضنة مدنية حقيقية جديدة بعد بقائهم من دون حاضنة منذ الإطاحة بتحالف قوى الحرية والتغيير، في 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2021.


ويطمح العسكريون لتحقيق ذلك عبر حوار شامل مع قوى متعددة للوصول إلى رؤية موحدة لاستكمال الفترة الانتقالية وصولا إلى إجراء الانتخابات.


ويتكون مجلس السيادة الجديد، الذي عينه عبد الفتاح البرهان في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، من 5 شخصيات عسكرية و5 أعضاء مدنيين على توافق مع العسكريين ويمثلون أقاليم البلاد المختلفة.


ويرى مراقبون أن هناك تحركات يقودها البرهان، وهو أيضا رئيس مجلس السيادة الانتقالي، لتكوين حاضنة سياسية مدنية بديلة، حيث التقى الأخير في 30 آذار/ مارس الماضي، مع رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل)، أحد أقطاب الحركة السياسية بالسودان، محمد عثمان الميرغني، في مقر إقامته بالعاصمة المصرية القاهرة.


وقال البرهان للميرغني إنه "يأمل عودته إلى السودان في أقرب وقت للمساهمة في جمع الصف الوطني والخروج بالبلاد إلى بر الأمان"، داعيا القوى الوطنية إلى "التوافق ونبذ الفرقة والشتات من أجل وطن ديمقراطي يسوده السلام والاستقرار".

 

ومنذ اندلاع أزمة 25 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي 2021، يعاني السودان انسدادا في الأفق السياسي، بالرغم من محاولات محلية وإقليمية ودولية لإنهائها والعودة إلى مسار الحكم المدني الديمقراطي.

وأجرت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان "يونيتامس"، بين 8 كانون الثاني/ يناير و10 شباط/ فبراير الماضيين، مشاورات أولية مع أطراف الأزمة السودانية.

وفي 12 نيسان/ أبريل الجاري، طرحت الآلية الثلاثية للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية بدول شرقي أفريقيا "إيغاد" أربعة محاور أساسية لحل الأزمة بالسودان: "ترتيبات دستورية، وتحديد معايير لاختيار رئيس الحكومة والوزراء، وبلورة برنامج عمل يتصدى للاحتياجات العاجلة للمواطنين، وصياغة خطة محكمة ودقيقة زمنيا لتنظيم انتخابات حرة ونزيهة".

كما أعلنت الجبهة الثورية، في 27 آذار/ مارس الماضي، مبادرة لحل الأزمة من مرحلتين: "الأولى تشكيل حكومة تدير الفترة الانتقالية، والثانية حوار بين الفرقاء السياسيين حول نظام الحكم والدستور والانتخابات".

 

توافق عريض

 

وتعليقا على ذلك، قال المحلل السياسي خالد الإعيسر، إن "هناك توافقا عريضا يضم أحزابا ومكونات مجتمعية وشخصيات وطنية على ضرورة إنقاذ البلاد عبر منصة توافق وطني وترتيبات جديدة".


وأكد المحلل السياسي خالد عبد العزيز ذلك قائلا: "توجد ترتيبات لإعداد ما يطلق عليه الميثاق السياسي لخلق اصطفاف جديد"، منوها إلى أن هذا الاصطفاف "يضم القوى السياسية والاجتماعية الداعمة لحكم المؤسسة العسكرية، والحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام 2020".


وأشار إلى أن "الجيش يحاول الحفاظ على السلطة بالتحالف مع أطراف اتفاق جوبا وكتلة نظام البشير وزعماء طرق صوفية وعشائر"، مؤكدا أن "هذا التحالف سيواجه تحديات عديدة".


وأضاف: "رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل فاعل رئيسي في التخطيط لهذا التحالف الجديد، وهو حاضنة بديلة لقوى الحرية والتغيير".


ولفت إلى أن "مبارك يطمح لأن يرث زعامة حزب الأمة القومي عبر رافعة الاستقواء بالسلطة، كما حاول أن يفعل في فترة البشير".


وأردف: "هذه الأطراف تضررت مصالحها السياسية والاقتصادية والاجتماعية من ثورة ديسمبر ضد البشير، ويتطلعون إلى السلطة ولا يأبهون لمستقبل الديمقراطية في البلاد".


وأكد أن الجيش يريد من التحالف الجديد تعيين رئيس وزراء لفك حالة تجميد المساعدات الخارجية، وأن يبعث برسالة مفادها أن هذه حكومة مدنية بتوافق وطني عريض، مع تطبيع وضع سياسي جديد يحافظ به على السلطة.


وأشار إلى أن أبرز التحديات أمام هذه التحالفات هي "استمرار التظاهرات المقاومة، والوضع الاقتصادي، و(حزب) المؤتمر الوطني (الحاكم السابق) والصراع بين الجيش والدعم السريع على احتكار السلطة".


و"الدعم السريع" هي قوات تابعة للجيش يقودها نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو (حمديتي).


وتابع: "من التحديات أيضا مدى فعالية هذا التحالف شعبيا على أرض الواقع ليكون سندا سياسيا حقيقيا للعسكر في مواجهة المعارضة السياسية والشبابية وتحقيق الرضا الشعبي".

 

اقرأ أيضا: هذا ما قاله حمدوك بعد أداء اليمين رئيسا لحكومة السودان (شاهد)
 

ما علاقة مصر؟


بدوره، أوضح المحلل السياسي محمد المختار أن مصر "تقف وراء إيجاد حاضنة سياسية لانقلاب تشرين الأول/ أكتوبر بقيادة الجنرال البرهان".


وأضاف: "انقلاب البرهان يعاني من عزلة سياسية، لذلك من الصعب نجاح عملية تخليق حاضنة سياسية له في ظل معارضة شرسة متوقعة من حراك الشارع".

 

وشدد على أنه "في ظل الحراك المستمر للشارع يصعب أن تنجح أي حكومة لا تلبي تطلعاته وشعاراته ذات السقوفات العالية".


ولفت إلى أن "محاولة إدخال من هم خارج المعادلة السياسية إلى المشهد السياسي ستجابه بمعارضة شرسة من لجان المقاومة وقوى الحرية والتغيير والقوى الحية الأخرى".


ومنذ الخامس والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، يشهد السودان احتجاجات شعبية تطالب بحكم مدني ديمقراطي كامل، حيث يرفض المحتجون إجراءات استثنائية اتخذها آنذاك قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وأبرزها فرض حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين.


وقبل تلك الإجراءات، كان السودان يعيش منذ 21 آب/ أغسطس 2019 مرحلة انتقالية تستمر 53 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024.


وكان يُفترض أن يتقاسم السلطة خلال تلك المرحلة كل من الجيش وقوى مدنية (الحرية والتغيير) وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام في 2020.