نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا للصحفية والمصورة التي تغطي النزاعات والأزمات الإنسانية ستيفاني غلينسكي، تقريرا قالت فيه إن ألمانيا تقوم بتشريد اللاجئين الأفغان الذين فروا من الحرب لتفتح مجالا للاجئين الأوكرانيين.
وقالت إن مريم أروين كانت تتناول الطعام مع زوجها عندما سمعت دقة غير متوقعة على الباب، عامل اجتماعي كان يقف في الخارج ويحمل معه أخبارا غير متوقعة: يجب على العائلة إخلاء البيت من أجل تحضيره للقادمين الجدد من أوكرانيا. وقيل لهم إن عليهم إخلاء البيت في 24 ساعة وبدون السماح لهم بتوجيه أسئلة أو مفاوضات.
ووصلت العاملة الاجتماعية أروين، 33 عاما إلى برلين في نهاية كانون الثاني/ يناير، حيث تلقت مساعدة من الحكومة الألمانية بعد تلقيها تهديدا على مدى عامين متتالين. وهي واحدة من مئات الأفغان الذين طلب منهم إخلاء محل إقاماتهم.
ونقلت الصحافية عن طارق الأوس، عضو مجلس اللاجئين في برلين، وهو مجموعة من منظمات تعمل على مساعدة اللاجئين في العاصمة وتحسين ظروفهم وضمان حقوقهم: "لم يتم الإعلان قصدا عن عملية الإخلاء.
وعاش بعضهم في بيوتهم لعدة سنوات وتم تجريدهم من الدعم الاجتماعي بما في ذلك الأطفال الذين تم نقلهم إلى أماكن جديدة بعيدة عن مدارسهم".
وقال الأوس إن الحكومة بررت إخلاء الأفغان بأنه نقل من "مراكز القادمين" حيث كان من المفترض إقامتهم لمدة قصيرة.
إلا أن بعض العائلات تعيش هناك منذ سنوات، فيما عاشت عائلات في بيوت غير تابعة لمراكز القادمين.
وأضاف الأوس أن "قلة من الناس تغيرت ظروفهم إلا أن معظمهم لا يستطيعون الحديث، خوفا من أن يتأثر وضع الهجرة".
وأضاف الأوس أن هناك حوالي 10 مقرات سكنية أفرغت من ساكنيها في برلين.
وقال أفغاني عمره 30 عاما طلب عدم الكشف عن اسمه ووصل إلى برلين في كانون الثاني/يناير مع والدته وشقيقيه، أحدهما يعاني من مشاكل في القلب إنه بعد إخلائهم من المجمع السكني الذي كانت تعيش فيه أروين، تم فصله وهو المتحدث الوحيد بالإنكليزية عن شقيقيه وأمه وعرض عليه سكن آخر في مكان آخر من المدينة.
ومع أن بعض العائلات تم نقلها إلى مراكز قادمين إلا أن أروين سكنت في مكان اعتبرته بيتها.
وتم استيعاب آخرين في أماكن تشبه الفنادق وعلى حساب الحكومة الألمانية. ويقول الأوس: "طبعا، هذا ليس خطأ الأوكرانيين ولكن التعبير عن تضامننا إن تم استهداف ناس بعينهم.
وكشفت الأشهر الماضية أن هناك إمكانية لمعاملة اللاجئين بطريقة مختلفة ويجب التعبير عن هذا بشكل منظم في مجتمعنا".
وتقول الصحافية إن قرار إخلاء الأفغان اتخذته دائرة الدمج والعمل والخدمات الاجتماعية في مجلس برلين وبرره بأنه "قام على قرار عملياتي ضروري واعتبارات صعبة".
ولم يكن هناك أي بديل لأن اللاجئين الأوكرانيين، بمن فيهم نساء وأطفال بحاجة إلى سقف ينامون تحته.
اقرأ أيضا: بوتين يعلن سيطرة روسيا على ماريوبول.. عدا مصنعا تحاصره
وقال ستيفان شتراوس، مسؤول الإعلام في الدائرة: "نأسف لأن هذا تسبب في صعوبات إضافية للعائلات الأفغانية، وبات يتعين على الأشخاص المتأثرين الانتقال من محيطهم المألوف ومواصلة علاقاتهم الاجتماعية بصعوبات كبيرة".
وقال إن برلين لديها ما مجموعه 83 مقرا سكنيا للاجئين تستوعب 22 ألف شخص، ولكن وصول اللاجئين الأوكرانيين اقتضى وضعهم في عدد من مراكز القادمين القليلة لتسهيل العملية.
وقال شتراوس إن العائلات الأفغانية التي تم إخلاؤها منحت بيوتا "دائمة" بنفس المستوى وباستثناء الحمامات والمطابخ المشتركة.
لكن الصورة ليست وردية كما تبدو. فقد تم نقل أروين وعائلتها مرتين منذ آذار/مارس وتعيش في فندق سابق في حي رينكندورف بالمنطقة الشمالية من برلين وتم الإعلان عنه بأنه سكن مؤقت للمشردين، وهو ثالث بيت تذهب إليه العائلة في شهر.
وبحسب صفحة فيسبوك تابعة للحي رينكندورف فإن الهدف ليس تأمين سكن دائم. والسكن الجديد بغرفتيه الصغيرتين ومطبخه المشترك لا يبدو أنه سكن مؤقت، إلا أنه يظل أفضل من المكان الذي كانت تقيم فيه العائلة وكان عليها مشاركة الحمام مع الآخرين، واكتشفت أروين بعد ذلك أن بعض السكان لديهم سوابق إجرامية.
وخافت أنه ليس مناسبا لابنتيها، واحدة في سن 5 أعوام والثانية 8 أشهر. وتعيش العائلة الآن مع بقية اللاجئين لكن مدير المكان رادنيتز والذي رفض الكشف عن اسمه الأول أكد أن السكن هو مخصص للمشردين بطريقة طوعية. لكن السكن ليس رخيصا، فالحكومة، حسب رسالة أظهرتها أروين تدفع 37 يورو عن كل شخص في كل ليلة، أو 4.500 يورو في الشهر، وهو مبلغ عال حتى بمعايير العاصمة المكلفة.
ولا أحد يعرف المدة التي ستبقى فيها العائلة. وكان أول محل إقامة للعائلة صغيرا ولكنها شقة كان من المفترض أن يظلوا بها حتى العثور على مكان إقامة لهم. وهذه مهمة صعبة في العاصمة المزدحمة وفي ظل تولي الحكومة تكلفته. وتقول أروين: "لا نعرف أين سيرسلوننا في المرة المقبلة".
و"حصلت ابنتي مهسا على مكان في الروضة ونحاول الاستقرار حتى يطلب منا الانتقال. ولم أكن ناجحة بالعثور على مكان لها في الروضة القريبة من السكن الجديد".
ورغم توفر عمال الخدمة الاجتماعية المتحدثين بالإنكليزية للمساعدة في تعبئة الطلبات والتسجيل في دروس الألمانية إلا أن هذه الخدمات ليست متوفرة بالملجأ الجديد.
وقبل الغزو الروسي لأوكرانيا كانت ألمانيا أكبر دولة استقبلت لاجئين حيث فتحت حدودها للمهاجرين عام 2015 ويعيش فيها الآن أكثر من 1.24 مليون لاجئ سوري، مع أن بولندا استقبلت في الأسابيع الأولى للغزو 2.8 مليون أوكراني.
وعندما دخلت طالبان كابول نقلت ألمانيا 5.000 شخص معظمهم من الأفغان. وقالت تيريزا برور مؤسسة كابول لوفتبراك: "ومنذ ذلك الوقت، أجلت الحكومة الألمانية 4.000 آخرين وتعاملنا مع 3.000 شخص"، مما يعني أن عدد الأفغان الذين وصلوا إلى ألمانيا منذ استيلاء طالبان على السلطة وصل إلى 12.000 لاجئ.
ومنذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير سجلت ألمانيا حوالي 316.000 لاجئ أوكراني. وتعتبر برلين في شرق البلاد وقريبا من الحدود مع بولندا هي أول نقطة وصول للأوكرانيين وسجلت حتى هذا الوقت 60.000 قادم.
وتم تحويل مطار تيغل السابق الفارغ إلى أكبر مركز لاستقبال القادمين من أوكرانيا. ولديه قدرة على استيعاب 2.600 شخص في الليلة.
ومثل بقية اللاجئين الأفغان فلن يبقى الأوكرانيون بشكل دائم في برلين. وسيتم نقل معظمهم إلى الولايات الألمانية الـ 16. ولدى أروين التي وصلت في كانون الثاني/يناير وسجلت في برلين إقامة لمدة ثلاثة أعوام.
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)
العالم سيواجه تداعيات هائلة إذا لم تنته الحرب في أوكرانيا؟
WP: في دونباس تملك روسيا كل جوانب القوة إلا جانبا واحدا
بلومبيرغ: تزايد معارضي الغزو الروسي لأوكرانيا داخل الكرملين