كشفت مجلة "ذي أتلانتك" الأمريكية عن شعور قادة
إيران بحصار خانق وخيبة أمل من إدارة الرئيس الأمريكي جو
بايدن بخصوص الملف النووي ورفع العقوبات وسط تتالي التحركات والمحاولات من جيرانها العرب لفك قبضتها عن بعض الدول الإقليمية.
واستهل تقرير مجلة "ذي أتلانتك" للباحثة
في معهد كارنيغي الدولي للسلام، كيم غطاس، ترجمته "عربي21"، بتصريح مثير لنجل العاهل
السعودي الراحل الملك فيصل والسفير السابق في واشنطن، الأمير تركي الفيصل خلال
جلسة خاصة حيث قال إن "إيران تمسك بالمملكة من المكان المؤلم".
واستمر الأمير السعودي بتوصيف
العلاقة بين الرياض وطهران، مؤكدا أن القلق داخل
السعودية، تجاه إيران، كان ثابتا على مدى العقود القليلة الماضية، وليس بدون سبب، حسب
قوله.
واعتبر التقرير أن سيطرة إيران منذ سنوات على
أربع عواصم عربية وهي بيروت ودمشق وصنعاء
وبغداد عبر شبكة من الميليشيات يشكل حلقة من النار تطوق السعودية بشكل أساسي أضف
إلى ذلك برنامجا نوويا يتقدم بخطى سريعة، محذرا من أن التحولات الطفيفة والخطيرة في الشرق الأوسط ستجعل
إيران تشعر بعدم الأمان والحصار ومن المفارقات أن هذا هو السبب في أن طهران تتصرف
بثقة زائدة ولا هوادة فيها، وكل ذلك يؤدي إلى مزيج خطير.
خيبة أمل إيرانية
وترى كاتبة التقرير، أن طهران تأملت عند بداية
رئاسة جو بايدن بعودة سهلة وسريعة للاتفاق النووي الذي انسحب منه دونالد ترامب،
ومعها رفع العقوبات لكن إدارة بايدن كانت أكثر صلابة مما توقع الإيرانيون.
وبعد مرور عام تقريبا على تولي بايدن منصبه، لا
تلوح في الأفق أي راحة للاقتصاد الإيراني حيث انكمش بنسبة 7 بالمئة من 2019 إلى 2020،
وتراجعت العملة الوطنية لكن قلة الموارد ليس عن أكبر هموم إيران، فقد صرح أكاديمي
إيراني مقيم في الخارج أنه على الرغم من أن إيران غير قادرة على إنفاق ما كانت
عليه في السابق على حلفائها ووكلائها الإقليميين فإن التحدي الحقيقي الذي يواجه
طهران هو المشهد الإقليمي سريع التغير وهذا هو بالتحديد سبب عدم قدرتها على
التنازل في المحادثات النووية.
إقرأ أيضا : بلينكن .. لهجة إيران في الآونة الأخيرة لا تبعث على التفاؤل
وترى الصحيفة أن إيران اضطرت للتعاون وأحيانا التنافس مع الجيش الروسي
الأقوى، مما أضعف بعض قوتها على الأرض جراء الضربات الإسرائيلية المستمرة على
الأصول العسكرية الإيرانية في سوريا والتخريب المشتبه به لمنشآت الطاقة أو المنشآت
النووية الإيرانية خلال العامين الماضيين. داخل سوريا.
في حين يذهب التقرير إلى أن الأمر الأكثر
إرباكا هو اندلاع الغضب الشعبي في بيروت وبغداد في خريف عام 2019 ضد الفساد
والطائفية، التي استهدفت النفوذ الإيراني والميليشيات العميلة لطهران في كلا
البلدين، فقد تورطت إيران في لبنان والعراق دون الحصول على أي فوائد اقتصادية
لشعوب هذين البلدين، باستثناء أقرب حلفاء طهران أو قلة فاسدة.
من جهته وصف محلل شؤون إيران في مؤسسة كارنيغي، كريم سجادبور، الديناميكية الإيرانية في البلدان العربية بأنها
"محور البؤس".
وتساءلت الصحيفة هل يمكن أن يترجم الضغط
الشعبي ضد إيران إلى تغيير سياسي حقيقي؟ الإجابة المختصرة هي لا، على الأقل ليس
بطريقة ذات معنى، لأن هناك القليل من الآليات المحلية للتغلب على إيران وحلفائها
الراسخين داخل لبنان والعراق.
"تحركات إقليمية"
وربط التقرير بين التحركات الإقليمية والإدارة الأمريكية الجديدة، حيث وصفت الكاتبة، الأشهر القليلة الماضية بأنها
"لعبة شطرنج ممتعة متعددة الأبعاد في جميع أنحاء الشرق الأوسط،" حيث استضاف
العراق محادثات بين السعودية وإيران، إضافة لزيارة وزير خارجية دولة الإمارات إلى
دمشق، في حين قدمت الأردن ومصر مقترحات للمساعدة في معالجة أزمة الطاقة في لبنان
بينما وقعت الأردن وإسرائيل والإمارات اتفاقية منفصلة للطاقة، حيث اعتبرت الكاتبة
أن هذا النشاط الإقليمي، معظمه تعاوني، أكثر مما شهده الشرق الأوسط منذ سنوات ومن السهل المبالغة في تفسير النوايا الكامنة وراء مثل هذه التحركات
أو مقدار التفكير الاستراتيجي الذي ينطوي عليه الأمر لكن ظهر ثلاثة أنماط
متوازية، وكلها تقلق طهران.
إقرأ أيضا : "إسرائيل" تهدد إيران.. وأمريكا لا تريد مفاجآت تفجر المفاوضات
أولا، يبدو أن الجهود المبذولة للتعامل مع
إيران لتهدئة التوترات شكلية في الغالب، بما في ذلك من قبل السعوديين ووصف وزير
خارجية المملكة المحادثات في بغداد بأنها "ودية" و"استكشافية"، ومن المتوقع أن يسافر وفد رفيع المستوى من دولة الإمارات
إلى طهران في الأسابيع المقبلة، بينما لا أحد يتوقع أن تنتهي عقود من الخصومة
والعداوة، ولا يوجد حتى الآن ما يشير إلى أن طهران تقدم ما يكفي للرياض لإعادة فتح
السفارة السعودية في إيران.
ويمكن أن تساعد المشاركة الإقليمية مع إيران
في تقليل التوترات بينما تتقدم المحادثات النووية عالية المخاطر إلى الأمام على
أقل تقدير، يمكن للدول العربية أن تلجأ إلى أمريكا وتقول، في الواقع: "لقد
انخرطنا وكنا إيجابيين ولم نحصل على شيء".
ثانيا، ما من شيء خدم مصالح إيران في السنوات
الماضية أفضل من الانقسام والخلل داخل الدول العربية أما الآن يبدو أن الدول
العربية تعمل سويا لمعالجة قضايا الطاقة الإقليمية؛ حتى السعودية تناقش صفقات
بمليارات الدولارات مع العراق. قبل عامين، أخبرني مسؤول سعودي رفيع المستوى أن
أفضل طريقة لمواجهة إيران ستكون من خلال رؤية اقتصادية للمنطقة.
علاوة على ذلك، بعد عقود من السلام البارد بين
إسرائيل وجيرانها الأردن ومصر، وقعت عدة دول خليجية معاهدات سلام مع إسرائيل، فلم
تفعل الاتفاقات الكثير لمساعدة الفلسطينيين وساعدت جهود الدعاية الإيرانية
المستمرة منذ عقود لتصنيف نفسها على أنها المدافع الحقيقي الوحيد عن القضية
الفلسطينية. لكن الاتفاقات تمثل أيضا تحديا استراتيجيا حقيقيا لطهران، التي تواجه
الآن جبهة من الدول العربية التي تعمل بنشاط مع إسرائيل.
أخيرا، هناك مبادرات من الأردن والإمارات داعمة
لبقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد، ورغم اختلاف
ضرورات الأردن للتواصل مع الأسد عن الإمارات، لكن كلاهما يرى ميزة في إضعاف الوجود
الإيراني في سوريا ولو بشكل طفيف.
وترى
الكاتبة أن محاولة إبعاد سوريا عن إيران كان حلما قديما للكثيرين، بما في ذلك
إدارة جورج بوش الإبن، لكن العلاقات عميقة بين دمشق وطهران منذ الأيام الأولى
للثورة الإيرانية، حتى أنها تعتبر الخلاف الدبلوماسي بين الرياض وبيروت قبل
أسابيع قليلة، نتيجة جهد معقد من قبل المملكة لاكتساب نفوذ في لبنان مرة أخرى، بعد
أن تنازلت عن الأرض لصالح إيران في السنوات السابقة. بمعنى آخر، تشير الدول
العربية إلى طهران بأنها لم تعد اللاعب الوحيد في العراق ولبنان وسوريا أما اليمن
فمشكلة مختلفة.
كل هذا النشاط الإقليمي يحدث مع قيام أمريكا
بالتنسيق بهدوء في الخلفية، وتشجيع بعض التحركات مع تثبيت أو تجاهل أخرى مثل
المبادرات مع الأسد، ولكن الانخراط بشكل عام في المزيد من الدبلوماسية عبر المنطقة
قبل المحادثات النووية مع إيران التي استؤنفت هذا الأسبوع بعد توقف دام خمسة أشهر.
ويخلص التقرير، إلى احتمالية وقوع أزمة وشيكة
في الشرق الأوسط، إذا لم تسفر المفاوضات النووية مع إيران عن شيء، حيث ستتصاعد
التوترات مرة أخرى بسرعة.
NYT: كوشنر يطمع باستثمار سعودي ويفشل مع قطر والإمارات
"بلومبيرغ نيوز": ابن سلمان يستخدم النفط سلاحا ضد بايدن
NYT: هل انتهت الاتفاقية النووية وكيف سترد إدارة بايدن؟