أفكَار

مقاومة التطبيع في المرجعية الإسلامية الجزائرية.. مفسدة محضة

سياسيون وكتاب جزائريون يجمعون على رفض التطبيع مع الاحتلال- (فيسبوك)

هل يمكن أن تنهار المرجعية الإسلامية الصلبة في ما يتعلق بالتطبيع مع دولة الكيان الغاصب، عبر ادعاءات جديدة ترفع اليوم يافطة "الاجتهادات المقاصدية" أو "التجديد الإسلامي"، أو تلوي أعناق النصوص من خلال مترادفات (المفاسد والمصالح)، دون أن يحدث ذلك صدمة في أوساط الأمة التي وثقت لعقود طويلة في خطابات بعض هؤلاء ممن كانوا يرددون أن "التطبيع جريمة أخلاقية وسقوط سياسي وهشاشة فكرية وانحرافٌ عن المبادئ والقيم الإسلامية".

والحقيقة أن صدمة التطبيع في المغرب، تجاوزت أسوار الدولة العميقة، إلى أحد أكبر الأحزاب الإسلامية في هذا البلد وهو حزب "العدالة والتنمية"، على الرغم من محاولات الإنكار والمقاومة العنيفة بداخله، على غرار شبيبة الحزب وحركة "التوحيد والإصلاح"، الذراع الدعوية للحزب، ذلك أن صورة رئيس الحزب ورئيس الحكومة سعد الدين العثماني وحدها، وهو يقف إلى جانب كوشنر وبن شبات للتوقيع على وثيقة الاتفاق المشترك، كفيلة وحدها أن تعيد النظر في مضامين الحرية والعدالة والشورى وفي مركزية القضية الفلسطينية في الخطاب الإسلامي برمته.

لكن هل الصورة بمثل هذه القتامة فعلا؟ أم أننا بتعبير الدكتور عبد القادر بن قرينة، رئيس حركة البناء الوطني الجزائرية، أمام حالة من "الشذوذ الفكري الساخر"، لا يجوز معه وصم النضال الإسلامي الكبير خاصة في موضوع فلسطين بأوصاف الضعف والتراجع إلى هذه الدرجة؟

التطبيع مسؤولية تاريخية

وفي هذا الصدد يتساءل الدكتور عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم، كبرى الحركات الإسلامية الجزائرية، في رده على سؤال هل يمكن لإكراهات السياسة أن تدفع بالإسلاميين لتغيير مبادئهم والقبول بالتطبيع؟ بطرح تساؤلات أخرى وهي هل توجد سياسة بلا مبادئ؟ وهل السياسة شيء آخر غير رعاية وإدارة شؤون الخلق والأحوال والبلدان بما يحقق المصالح المشروعة المعنوية والمادية؟. بل وأي مصلحة في التطبيع مع الكيان الصهيوني أصلا؟ 

وأشار إلى أن التطبيع ركن من أركان استمرار المشروع الصهيوني الذي هو نقيض مصالح بلداننا العربية والإسلامية. مهما كانت المرونة التي يقتضيها العمل السياسي ومهما كانت أهمية المصالح التي تسعى إليها السياسة لا بد من وجود مبادئ وغايات عليا وثوابت غير قابلة للتصرف يبنى عليها وجود السياسة ذاتها، ولا بد من وجود قواعد أخلاقية وقانونية تضبط العمل السياسي. حينما تصبح السياسة بلا مبادئ تصبح غابة يأكل فيها القوي الضعيف، ويستسلم فيها الضعيف لجلاده، بلا مقاومة ولا تضحيات، لكي يسمح له بالعيش فحسب ولو مهينا ذليلا. 

وحول الموقف من حزب العدالة والتنمية بعد الخطوة التطبيعية، يوضح الدكتور عبد الرزاق مقري لـ "عربي21" قائلا: "لا أدري لماذا جَعل الأحزاب الإسلامية في العالم كله حزبا واحدا، ولا يُنظر إلى أحزاب التيارات العلمانية أو الوطنية بنفس المنظار، لماذا لا ينظر إلى أحزاب اليمين في العالم حزبا واحدا وأحزاب اليسار حزبا واحدا؟ لماذا وضع الإسلاميين جميعا في سلة واحدة وكأنهم حزب واحد يتبعون برنامجا واحدا وقيادة واحدة، وأي موقف يتخذه هذا يحسب على الآخر؟. من غرائب ما رأيناه أن العديد من الناس، خصوصا الجهات المتربصة والمنافسة، يحاسبوننا على تصرفات حزب العدالة والتنمية المغربي حيال قرار التطبيع مع الكيان الصهيوني، ما شأننا نحن وموقفهم، موقفهم نزل علينا كالصاعقة وأدناه أشد الإدانة، وهم وحدهم يتحملون المسؤولية التاريخية، تجاه ما اختاروه لأنفسهم". 

 



وأضاف: "هم أرادوا التماهي مع الدولة في كل شيء ووجهوا لها كل أنواع المدح والثناء بمناسبة اتخاذها موقف التطبيع. وهم مخطئون في موقفهم على صعيد المبادئ والمصالح معا. فإن اعتقدوا بأن مقايضة فلسطين بمغربية الصحراء هو في صالحهم فهم واهمون، الذي سيثبته بايدن هو التطبيع لا غير، أما مسألة الصحراء فهي في حد ذاتها مؤامرة غربية حبكت في منطقتنا لإضعاف دولها وابتزاز حكامها حتى يبقون يتنافسون في إرضاء الغرب وربيبته إسرائيل وها قد نجحوا بالنسبة للمغرب ووجهتهم الآن الجزائر وتونس". 

مبادئ يسندها النضال الصادق

وحول ماهية الطرق التي على الإسلاميين في الجزائر وغيرها قيادة جبهة الرفض للتطبيع بعد الذي حصل من "العدالة والتنمية"، يشير الدكتور عبد الرزاق مقري بأن الخاص والعام في الجزائر يعلم بأننا نحن رواد العمل الفلسطيني بحمد الله، منذ وقبل التأسيس الرسمي للحركة، فهي وصية الشيخ محفوظ نحناح لنا، ولنا حضور في كل قضاياها، وفقنا الله أن شرفنا بلادنا في أسطول الحرية فشاركنا بمساهمات محسني وبسطاء المواطنين بسفينتين، واحدة باسم الجزائر وواحدة باسم جنسيات أخرى لكسر الحصار على غزة، وبأكبر وفد عربي فيها وقد كنت رئيسه. وشاركنا في أكثر من ثلاثين قافلة كسر الحصار على غزة ولدعم أهلها، وأسسنا اوقافا عديدة لدعم الفلسطينيين في مختلف المجالات التعليمية والصحية والتنموية والدينية والإعلامية وغيرها، وأسسنا فرع مؤسسة القدس في الجزائر بمشاركة العديد من المناضلين على رأسهم الشيخ عبد الرحمن الشيبان والأستاذ عبد الحميد مهري رحمهما الله نائب ورئيس الفرع وكنت الأمين العام، وكنا من أهم المساهمين في تأسيس التنسيقية الوطنية ضد التطبيع بعد مصافحة بوتفليقة ايهود باراك ودعوته المغني الصهيوني انريكو ماسياس، وكنا الطرف الأساسي في تأسيس اللجان الشعبية لدعم المقاومة واخترنا مع شركائنا على رأسها شخصيات ثورية مثل الرائد بورقعة رحمه الله والمجاهدة جميلة بوحيرد، ولنا مساهمات كثيرة على مستوى دولي لمناصرة فلسطين. وهذا الذي قمنا به لا زلنا نقوم به ولنا في ذلك برامج دائمة وفرق عمل في مختلف المجالات تشتغل على طول السنة، ونحرص دائما على التنسيق مع الغير وإنجاح العمل المشترك ما استطعنا الى ذلك سبيلا."

من الشعارات إلى المأزق

من جانبه يرى محمد عماري المكلف بالاعلام في حزب جبهة التحرير الوطني الجزائرية، أن تقلبات المشهد الداخلي في أي بلد قد تدفع إلى تغيير في المواقف، بالتبني أو بالتخلي، مع الحفاظ على الأهداف الكبرى للأحزاب أو الكيانات الأخرى، داخل المجتمع والدولة.

 



أكثر من ذلك، يضيف محمد عماري في حديثه لـ "عربي21": "لا يُفهم صمت، أو خنوع، الأطراف التي لطالما رفعت الشعارات الأكثر تشددا ضد العدو الصهيوني لكن عندما يحصل "التطبيع" في بلدها تسعى لإيجاد مختلف التبريرات للخروج من هذه اللحظة / المأزق.. 

وحول هذا الجنوح ناحية التطبيع بالنسبة لحزب العدالة والتنمية المغربي، يقول محمد عماري: "لا نريد أن نعلق على أي جهة بشأن اختياراتها السياسية، لكننا نقول وبكل وضوح: "إن التطبيع مع العدو الصهيوني لا مبرر له، طالما انه يحتل أرضا ويشرد شعبا، وينتهك القانون الدولي".

ويؤكد المكلف بالإعلام في حزب جبهة التحرير الوطني محمد عماري بكل وضوح أن حزب جبهة التحرير الوطني يرفض التطبيع ويدينه، ويتمسك بالحق الثابت للشعب الفلسطيني في تحرير أرضه وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. باعتباره موقفا مبدئيا وثابتا، مشيرا "أننا في الجزائر، نحتمي جميعا بالموقف الرسمي، والشعبي، من القضية الفلسطينية، ومن قضية التطبيع مع الكيان الصهيوني".

ويختم محمد عماري بالتأكيد على أن حزب جبهة التحرير في تواصل مع مختلف الفصائل الفلسطينية، ونحن مستعدون، بعد انتهاء جائحة كورونا، للمساهمة في أي مبادرة أو تحرك حزبي مشترك، لنصرة القضية الفلسطينية ومقاومة المد الصهيوني والتطبيع. مع إدراكنا جيدا أن ما نقوم به جميعا أقل ما يستحقه الشعب الفلسطيني، وقضيته المقدسة، لكنه على الأقل يبقي على الأمل في حده الحد الأدنى من التضامن القومي، لعل الأجيال القادمة تفعل خيرا.

حانت ساعة الحقيقة

ويرى الكاتب والمحلل إدريس ربوح، رئيس مجلس العمل الإفريقي بمجلس التعاون الأفروآسيوي، أن فقه المصلحة والأولويات الذي يعتمد عليه الإسلاميين في اجتهاداتهم السياسية يكون مقبولا وذو أساس صحيح لو أن الأمر يدخل في إطار المتاح والمفاضلة بين المصالح الدنيا والعليا او بين المفاسد الكبرى او الصغرى لكن من غير المقبول تماما التخلي عن الأساسيات والمبادئ بهذه الحجة التي لا تصمد أمام التمحيص العقلي والشرعي، خاصة أن الإسلاميين هم أكثر الناس مهاجمة وربما مزايدة لمن طبعوا مع العدو الصهيوني بل وصل البعض ممن يحسبون عليهم إلى اغتيال كبير المطبعين الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات لخيانته فلسطين وتطبيعه علاقة أكبر بلد عربي مع الصهاينة، مشيرا إلى أن الإسلاميين عموما جد شرسين في هذا الموضوع مع بقية الجوقة التطبيعية في الأردن والإمارات والبحرين والسودان.

 


وحول الموقف من التطبيع يشدد إدريس ربوح في حديثه لـ "عربي21"، على أن التطبيع خيانة سواء كان المطبع إسلامي او قومي او يساري او غيرهم لانه تفريط للحقوق ومصالحة العدو الجاثم على أرضنا ومقدساتنا وكل من طبع فقد خان وأهدر كرامته وعزته .

ويدعو إدريس ربوح الإسلاميين في الجزائر إلى ان يعوا بأنهم يعيشون وينتمون لبلد ودولة ولدت من رحم ثورة تحريرية كبرى وهي أعظم إنجاز حققه العرب في القرن العشرين؛ وان يستوعبوا طبيعة النظام الجزائري المقاومة للمشروع الصهيوني الغربي في العالمين العربي والإسلامي وعلى الإسلاميين أن يؤجلوا كل خصوماتهم السياسية الداخلية ويتحالفوا مع هذا النظام المقاوم.

هنا فقط، يضيف إدريس ربوح يمكن أن يكون للإسلاميين الجزائريين دور طلائعي في قيادة تيارهم العالمي والمنتشر في عشرات الدول العربية والإسلامية وفي كل القارات والذي يتوق لمن يأخذ به في زمن الخنوع والخيانة ضمن جبهة رفض واسعة والتي ستلتقي مع كل قوى التحرر في العالم؛ وجد أحفاد العربي بن مهيدي أنفسهم جنبا إلى جنب مع أحفاد شي غيفارا وأحفاد الخميني وأحفاد سليمان القانوني، فالمعركة معركة الجميع ضد الهيمنة الصهيوغربية.

وبالنسبة للأستاذ إدريس ربوح فإن القوى الرافضة للتطبيع قدمت الصمود الأسطوري في فلسطين ولبنان وهي تشاغل العدو الصهيوني حتى تتمايز الصفوف وينبلج فجر الثورة على الطغيان والعمالة والخيانة  .

أما خارج فلسطين ولبنان فقد حانت ساعة الحقيقة للقوى الوطنية والإسلامية والقومية وغيرهم للانتقال إلى المواجهة الحقيقية داخل بلدانهم مع أنظمتهم المطبعة والنخب الجبانة المطبعة وتصبح المعارك اكثر من شريفة لأنها ستواجه من يريد تدمير الأوطان بالتطبيع ومفاسده المطلقة. 

وهنا فقط يخلص الأستاذ إدريس ربوح، نعرف صدق وجدية هذه التيارات ومناضليها الذين كانوا يناضلون تحت غطاء رسمي رافض للتطبيع مع الصهاينة لكنه الأن حبيب وصديق وشريك لهم وسيعمم التنسيق الأمني الفلسطيني ـ الصهيوني إلى كل الدول المطبعة وسيستخدم المال وكل الوسائل لتركيع المناضلين وشل حركتهم وهنا الإمتحان الذي ستدخل فيه القوى الرافضة للتطبيع.

التطبيع مفسدة محضة

وبالعودة مجددا إلى إشكالية قدرة الإكرهات السياسية على دفع الإسلاميين لتغيير مبادئهم والقبول بالتطبيع، يرى الدكتور فاتح ربيعي الأمين العام الأسبق لحركة النهضة الجزائرية، أن الإجابة عن هذا السؤال تقتضي بالضرورة إلإشارة إلى مفهوم السياسة التي يتوخاها من ارتبطت مرجعيته بالإسلام، وإذا عدنا إلى تعريف السياسة عند علماء المسلمين وجدناها تدور حول معنى "تدبير شؤون الأمة داخلا وخارجا منوطا بالمصلحة"، والمصالح المقصودة ليست على إطلاقها بل تستند لقواعد منضبطة بالنصوص والمقاصد الشرعية والقواعد الكلية للشريعة، فإذا أسقطناها على مسألة التطبيع مع الكيان الصهيوني وجدناها تخلو من أي مصلحة، بل هي مفسدة محضة لما في التطبيع من اغتصاب للأرض والعرض وتهويد أولى القبلتين وثالث الحرمين....

 



وهنا يضيف الدكتور فاتح ربيعي، كان الواجب على جميع المسلمين بذل النفس بالجهاد في سبيل الله لطرد الكيان الصهيوني وتحرير الأرض والمقدسات، ولا يمكن التذرع بالإكراهات للتخلي عن هذا  الواجب المقدس، ومن هنا فالمسؤولية جسيمة يتحملها الإسلاميون وغيرهم، وهي عربون انتمائهم وولائهم وثباتهم على المبادئ التي هي سر وجودهم.

ويعترف الدكتور فاتح ربيعي لـ "عربي21"، أنه لم يكن يتوقع من حزب ذي مرجعية إسلامية أن ينخرط في مسعى التطبيع مع الكيان الصهيوني، وأن "يقبل بتلك المقايضة.. وقد استمعت لرئيس الحكومة المنتمي لحزب العدالة والتنمية وهو يبرر ما لا يقبل التبرير، ولم يقدم أي دليل ولن يستطيع ولو أراد بالاستناد للمرجعية الإسلامية، كون القضية الفلسطينية هي قضية عقيدة ودين في المقام الأول قبل أن تكون قضية أرض مستباحة ودولة محتلة، فحرمة المسجد الأقصى من حرمة الكعبة المشرفة، ولذلك جاء الربط بينهما في سورة الإسراء "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله..."

ولذلك مُدحت تلك الطائفة التي ثبتت على هذا المبدأ قائمة بأمر الله مدافعة عن فلسطين مثلما أشار  الحديث الذي رواه البخاري ومسلم: "لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله، فقيل من هم يارسول الله قال هم في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس".. ومن هذا المبدأ والمنطلق هبّ أهل المغرب العربي لتحرير فلسطين من أيام صلاح الدين وعلى رأسهم سيدي بومدين الغوث مرورا بكل المعارك والحروب التي خاضها الفلسطينيون ضد الكيان الصهيوني المحتل.
 
وكون الجزائر قلعة الثورة على المحتل وصاحبة أعظم ثورة في التاريخ المعاصر، بحسب الدكتور فاتح ربيعي دائما، فإن شعبها هو الأقرب للشعب الفلسطيني لاشتراكهما في المعاناة من المحتل المستدمر، وبالتالي وجب على جميع أبناء الجزائر من مختلف التيارات أن يكونوا في طليعة مواجهة حملة التطبيع مع الكيان الصهيوني. 

وأضاف: "ومن وجهة نظري فإن أفضل ما نقدمه للقضية الفلسطينية في هذه المرحلة الحساسة تقوية الجبهة الداخلية على أساس الشرعية الشعبية والتوافق الوطني بعد أن صار الصهاينة على حدودنا الغربية".

جبهات ثلاث في وجه التطبيع

ويفصل الدكتور فاتح ربيعي في الختام أن رفض التطبيع يجب أن يخرج من دائرة الشعارات الجوفاء ومؤتمرات التنديد إلى العمل الميداني في ثلاث جبهات:

الجبهة الأولى: يتصدرها أهلنا في فلسطين، فعلى جميع الفصائل الفلسطينية أن توحد صفوفها، وتقدم ما يلزم من التنازلات لتقوية الجبهة الداخلية وتحصينها من كل الاختراقات العربصهيونية، وتأهيلها لتكون أكثر قدرة على مواجهة المحتل ومخططات ذيوله في المنطقة....

الجبهة الثانية: فتمثلها الدول الرافضة للتطبيع وفي مقدمتها الجزائر، وهنا يمكن أن تؤدي دورا محوريا، شريطة أن تستعيد مكانتها الإقليمية واحترامها الدولي، وتمتلك القدرة على طرد الذباب الذي يحوم حولها، ولايتحقق لها ذلك دون أن تصبح قوة اقتصادية وعسكرية، وبوابة ذلك بالتأكيد صلابة الجبهة الداخلية على أساس الشرعية الشعبية والتوافق الوطني.

وأما الجبهة الثالثة: فتتمثل في القوى الشعبية من مختلف الأقطار العربية والإسلامية دون استثناء، فالتطبيع اليوم مع الكيان الصهيوني هو تطبيع أنظمة فاقدة للشرعية والمشروعية، في ظل رفض شعبي واسع وناقم، وهنا يبرز دور الإسلاميين باعتبارهم قوة شعبية ضاربة في مختلف الأقطار، لكن عليهم في الجزائر أن يعيدوا ترتيب أوراقهم من الناحية الفكرية والبنيوية أولا.