صحافة دولية

صحيفة: طريق الحرير الحديدي بين تركيا والصين يثير مخاوف الغرب

حسب الصحيفة يشكل التقارب بين بكين وأنقرة مصدراً للقلق بالنسبة للولايات المتحدة- الأناضول

نشرت صحيفة "إزفيستيا" الروسية تقريرا سلطت فيه الضوء على طريق الحرير الحديدي الجديد الذي يربط بين تركيا والصين.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن أول رحلة على هذا الخط الحديدي انطلقت من إسطنبول في الرابع من كانون الأول/ديسمبر. وخلال أسبوعين من السفر عبر قارتين وبحرين وخمس دول، قطع القطار مسافة قدرت بـ8693 كيلومترا قبل الوصول إلى مدينة شيان شمال غربي الصين. ويبلغ طول القطار 754 مترا، وكان يحمل في هذه الرحلة تجهيزات كهرومنزلية. 

وقد اعتبر وزير النقل والبنية التحتية التركي عادل قره إسماعيل أوغلو هذه الخطوة نصًرا لتركيا، معتبرا أنها كانت رحلة فريدة من نوعها على طول طريق الحرير الحديدي. 

من جهتها، أكدت وزارة الخارجية التركية أن أنقرة ستواصل اتخاذ الخطوات اللازمة لتعزيز مكانتها في المنطقة وتمتين علاقاتها الخارجية من الشرق إلى الغرب.  

تعاون متبادل 

تقول الصحيفة إن مشروع السكك الحديدية الجديد لم يولد من فراغ، حيث تحتل تركيا مكانة مهمة ضمن الخطط الاستراتيجية الصينية منذ القرن التاسع عشر. وقد دعا الفيلسوف الصيني تان سيتون في كتابه "تعاليم الإنسانية" إلى إنشاء اتحاد آسيوي يمتد من تركيا إلى الصين.

ويقول الخبير في العلاقات الدولية أوليغ تيموفيف، إن تركيا احتلت مكانة مهمة خلال النصف الثاني من القرن العشرين ضمن نظرية "العوالم الثلاثة" لماو تسي تونغ، حيث شكلت جزءا من الحزام الأمني ضد الاتحاد السوفيتي الذي كان يمثل القوة العالمية الرئيسية آنذاك.

 

اقرأ أيضا: قطار التصدير التركي يصل إلى وجهته النهائية بالصين (شاهد)

وتضيف الصحيفة أن العلاقات بين أنقرة وبكين أصبحت أكثر تعقيدا في تسعينات القرن العشرين، بسبب دعم الحكومة التركية النزعة الانفصالية للأويغور. وقد انتقد الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان في أكثر من مناسبة الممارسات الصينية ضد الأقلية المسلمة، وهو ما أدى إلى تعميق الخلافات بين البلدين.

ورغم ذلك، يرى مدير المعهد الدولي لتطوير التعاون العلمي، عارف أسالي أوغلو، أن العلاقة بين البلدين شهدت تحسنا ملحوظا في السنوات العشر الأخيرة، حيث أصبحت أنقرة نافذة بكين على البحر الأبيض المتوسط.

كما أصبحت الصين ثاني أكبر شريك لتركيا تجاريا بعد روسيا. وخلال السنوات الثلاث الماضية، خصصت الصين ما يقارب 3 مليارات دولار أمريكي للاستثمارات المشتركة مع تركيا.

وفي 2018، إثر الأزمة التي شهدتها تركيا والتي تسببت في انهيار الليرة التركية بنسبة 40 بالمئة، قدمت بكين لأنقرة قرضا بقيمة 3.6 مليارات دولار. وتحصلت تركيا أيضا على 5 مليارات دولار من بكين لإنجاز مشروع طريق الحرير الجديد. وتمتلك الشركات الصينية ما يقارب 65 بالمئة من أسهم محطة حاويات "كومبورت" في إسطنبول، و51 بالمئة من جسر السلطان سليم الأول. 

ويضيف أسالي أوغلو أن الصين قدمت نحو 1.7 مليار دولار لإنشاء محطة هونوتلو للطاقة الحرارية في أضنة، والتي من المقرر أن توفر 3 بالمئة من احتياجات تركيا من الطاقة الكهربائية. وتتفاوض أنقرة مع المؤسسة الوطنية النووية الصينية لإمضاء اتفاقية بناء محطة طاقة نووية ثالثة بالبلاد. 

وقد ارتفعت حصة شركة "هواوي" في السوق التركية من 3 إلى 30 بالمئة بين 2017 و2019، كما استحوذت شركة التكنولوجيا الصينية "زد تي إي" على 48 بالمئة من أسهم شركة الاتصالات التركية في 2016. 

 

اقرأ أيضا: بومبيو: "هواوي" بتركيا تهدد التعاون العسكري مع أنقرة

وفي سنة 2017 تم إبرام اتفاقية بين البلدين تنص على تسليم المجرمين. وقد قامت تركيا بترحيل المئات من الأويغور سرًا إلى بكين قبل عام من إبرام الاتفاقية.

مخاوف واشنطن 

حسب الصحيفة، يشكل التقارب بين بكين وأنقرة مصدراً للقلق بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية. ويؤكد معهد الشرق الأوسط أن النفوذ الاقتصادي الذي تتمتع به الصين في تركيا قد ينمو بعد انتهاء وباء فيروس كورونا، وأن العلاقات بينهما قد تتطور لتشمل المجال العسكري، مثلما حدث بين أنقرة وموسكو.

في سنة 2013، وقعت تركيا عقداً بقيمة 4 مليارات دولار مع شركة أسلحة صينية، بهدف دعم خطط أنقرة في تطوير منظومة الدفاع الجوي، لكنها سرعان ما تراجعت عن هذا الاتفاق بسبب الضغوطات التي واجهتها من حلف شمال الأطلسي.

ويرى بعض المراقبين أن تطور العلاقات الثنائية بين تركيا والصين، جاء نتيجة توتر العلاقات بين أنقرة وعدد من الدول الغربية، لكن غونول تول مديرة "مركز الدراسات التركية" في معهد الشرق الأوسط تعتقد أن هذه العلاقات تقوم أساسا على أهداف اقتصادية مشتركة، ولا تدل على تقارب سياسي.