ملفات وتقارير

مراقبون يتوقعون تراجع تنسيق القاهرة والخرطوم بأزمة "النهضة"

أكد وزير خارجية السودان على رفض اقتراح الاتحاد الأفريقي بتمديد مفاوضات سد النهضة 10 أيام- جيتي

رجح عدد من المراقبين تراجع التنسيق بين القاهرة والخرطوم في معالجة أزمة سد النهضة، بعد تصريحات سودانية بعدم إمكانية الاستمرار في المفاوضات "إلى الأبد".

وكان وزير الخارجية السوداني قد صرح مؤخرا بالقول: "لا يمكن الاستمرار في التفاوض إلى الأبد"، وأكد على رفض اقتراح الاتحاد الأفريقي بتمديد مفاوضات سد النهضة 10 أيام، لافتا إلى أن الخرطوم ترفض التفاوض بنفس الأساليب القديمة التي تُصر عليها مصر وإثيوبيا؛ لأنها "غير مجدية".

تباين وارتباك

وتعليقا على ذلك، قال مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير، عبدالله الأشعل: "هناك تباين كبير بين الموقف المصري والسوداني"، مشيرا إلى أن السودان يعرف أهدافه ومطالبه، وهو يتحرك وفق رؤية واضحة.

 

وقال لـ"عربي21": "يدرك السودان أن سد النهضة سوف يعود عليه بالإيجاب من ناحية، وهو يحاول أن يحافظ على حصته في المياه من ناحية أخرى"، وذلك على عكس الموقف المصري الذي "لا يعرف ماذا يريد"، وفقا لما يراه الأشعل.

وحول استمرار التنسيق بين البلدين، قال الأشعل: "للأسف، الموقف السوداني غريب، وليس واضحا بالنسبة لمصر، بل يصل إلى حد التلاعب بها أحيانا، والأكثر من ذلك أنه ربما يكون متواطئا مع إثيوبيا لاكتمال بناء السد، لأن له مصلحة في ذلك".

 

اقرأ أيضا: السودان يغيب عن مفاوضات سد النهضة بعد تجاهل مقترحه
 

ويرى أن الطرح الأخير للسودان يؤكد ذلك بوضوح؛ لأن "معظم هؤلاء لهم مصلحة أيضا في بناء سد النهضة، باعتبارهم من دول حوض النيل، وهذا يعود بالضرر على مصر بالتأكيد" .

وحول مستقبل العلاقة بين القاهرة والخرطوم، أكد مساعد وزير الخارجية الأسبق على وجود "ارتباك" و"عدم استقرار" بهذه العلاقة تاريخيا، وذلك بسبب الحساسية بين البلدين ،خاصة من جانب السودان تجاه مصر، سواء بسبب وضعه السابق وتبعيته لمصر، أو ما استجد بين البلدين بشأن قضية حلايب وشلاتين.

"لعبة عض الأصابع" 

أما خبير السدود د.محمد حافظ، فيؤكد على اختلاف الرؤيا السودانية عن المصرية بشأن مصير مفاوضات سد النهضة، التي تعاظمت مؤخرا بعد فشل جولة المفاوضات الأخيرة، ما يوضح "الواقع المزرى" للمفاوضات.

ومنذ آذار/ مارس 2015 والدول الثلاث يجلسون معا للتفاوض من دون جدوى، ويقول حافظ: "كم من الجولات التي ضاعت هباء بحثا وجدالا حول اختيار المكاتب الاستشارية وانتهى الأمر بالفشل".

وأضاف: "من حق دولة السودان هنا أن تتوقف قليلا للتساؤل عن الهدف من تلك المفاوضات العبثية، التي لا تأتي بأي نتيجة عادلة لدولتي المصب، وينتهي أمرها دائما في تطبيق إثيوبيا لمنطق (الأمر الواقع)، لذلك فطلب السودان اليوم بضرورة تغيير منهجية مسار المفاوضات القديمة لمنهجية أكثر عملية تأتي بثمار عادلة للدول الثلاث ربما يكون مطلبا تسنده الكثير من العناصر المنطقية".

وقال خبير السدود لـ"عربي٢١": "اقترحت السودان في بداية هذا الشهر أن تسمح الدول الثلاث لدور أكبر للمراقبين الفنيين الأفارقة عن دورهم السابق، الذي كان محددا في كونهم مراقبين غير شركاء في الأحداث، حيث طلبت السودان أن تقوم لجنة من الخبراء الفنيين والقانونيين الأفارقة بكتابة بنود الاتفاقية الفنية والقانونية التي يجب على الدول الثلاثة مناقشاتها".

ويشير إلى أن الطرح السوداني يأتي بديلا عن الأسلوب السابق، حيث كان يختص الخبراء الفنيين والقانونيين لكل دولة بكتابة بنود الاتفاقيات المطلوب مناقشاتها بشكل منفرد، ثم يحاولون التوفيق بين مطالب كل دولة مع الأخرى، للوصول لاتفاقية موحدة تبدأ مناقشاتها من قبل الأطراف الثلاثة.

 

اقرأ أيضا: رفض سوداني لمواصلة مفاوضات سد النهضة بـ"النهج السابق"

وحول سبب رفض الدولة المصري للاقتراح السوداني، عدد الخبير سببين لذلك، أولهما: أن هذا الاقتراح جاء مباشرة بعد زيارة رئيس المجلس السيادي السوداني لإثيوبيا، ولقائه مع آبي أحمد؛ لمناقشة قضية سد النهضة، وأن هذا الأمر يجعل الدولة المصرية تتشكك في نية السودان، وترى من خلف السودان الشبح الإثيوبي، وهو يملي مطالبه على الخبراء الأفارقة.

والسبب الثاني أن الدولة المصرية لا تثق في الخبراء الأفارقة؛ لكونهم قادمون من دول حوض النيل، وأن كل دولة من دول هذا الحوض تنتظر لحظة انتصار إثيوبيا على مصر في قضية سد النهضة حتى تبدأ في بناء سد النهضة الخاص بها".

وحول اتجاه الأمور في الفترة المقبلة بين القاهرة والخرطوم، أكد حافظ على أن موقف الدولة المصرية المتشكك حول المطلب السوداني قد يكون به حق، فهم يعلمون الخلفية السياسية التي تمخض عنها هذا الموقف، بينما ظاهريا الموقف السوداني قد يبدو فيه منطقية أشد؛ لذلك فإنني أعتقد أن الأمور بين السودان ومصر اليوم مبنية على موقف بحاجة إلى "الصبر في لعبة عض الأصابع التي يمارسها الطرفان".

موقف كاشف

 

من جانبه، أكد خبير العلاقات الدولية سيد أبو الخير على وجود تباين بالفعل بين الموقف المصري والسودان، قائلا: "السودان يريد وضع حد وسقف زمني للتفاوض، بينما الموقف المصري أقرب إلى الموقف الإثيوبي، لأن مصر تأخذ المفاوضات هدفا في حد ذاتها".

وأضاف خبير العلاقات الدولية لـ"عربي٢١": "السودان ير يد الحفاظ على حصته وأمنه المائي، أما مصر فلا تريد ذلك، وهنا نشأ اختلاف الهدف من المفاوضات".

وتابع :"الموقف السوداني يكشف النظام المصري، ويبين حقيقته أنه غير جاد في المفاوضات بشأن سد النهضة ،ما يسبب له حرجا في الشارع المصري، لأن هدف المفاوضات مختلف بين كل من مصر والسودان"، مؤكدا على أنه ربما تتجه الأمور بين القاهرة والخرطوم إلى الافتراق ونهاية التوافق بينهما، رغم التدريبات العسكرية المشتركة بين البلدين.