ساهمت التطورات في قره باغ، والاتفاق الأخير بين أذربيجان وأرمينيا، في تعزيز نفوذ تركيا في منطقة القوقاز، واتصالها بـ"العالم التركي".
و"العالم التركي" أو "المجلس التركي" هو مجلس التعاون للدول الناطقة بالتركية (CCTS)؛ وهو منظمة دولية تضم الدول الناطقة باللغة التركية، أسس عام 2009، ويضم تركيا وأذربيجان وكازاخستان وقيرغيزستان وقبرص التركية وتركمانستان وأوزبكستان.
وفي اتفاق وقف إطلاق النار بين أذربيجان وأرمينيا كان البند التاسع ينص على فتح ممر من ناختشيفان إلى أذربيجان، والذي يفتح المجال لتركيا للوصول إلى جنوب القوقاز.
الروابط الاقتصادية وحركة النقل في المنطقة
وبحسب المادة التاسعة من الاتفاق، فستتم إزالة العوائق التي تعترض حركة النقل والروابط الاقتصادية في المنطقة، وسيتم بناء شبكات النقل والمواصلات بين جمهورية ناختشيفان ذات الحكم الذاتي (ضمن أذربيجان) مع المناطق الغربية لأذربيجان (البر الرئيسي).
ورأى الخبير التركي كورشات زورلو، أن عملية التنقل المحتملة بين تركيا وناختشيفان وأذربيجان، ومن هناك إلى بحر قزوين، تعطي زخما لأنقرة ليس فقط في جنوب القوقاز بل أيضا في أوراسيا، كما أنه قد يتأثر بهذا الزخم الحزام الاقتصادي لطريق الحرير من الصين إلى أوروبا، حيث يقع خط سكة حديد باكو- تبليسي- قارص على ذلك الخط.
وتابع في تقرير على صحيفة "خبر ترك" وترجمته "عربي21"، بأنه ينبغي إدارة المفاهيم وشبكة العلاقات بدقة بالواقع الجديد، فخلال حرب قره باغ، تشكل مقاربات الجمهوريات التركية الأعضاء في كل من المجلس التركي والاتحاد الاقتصادي الأوروبي الآسيوي، دليلا حول الاستراتيجية التي ينبغي اتباعها.
وأشار إلى أن وزير النقل التركي عادل قره إسماعيل أوغلو، قال إن تركيا تخطط عقب الاتفاق الأخير في قره باغ، لإنشاء خط سكة حديد إلى ناختشيفان، ما يوفر النقل المباشر من تركيا إلى أذربيجان عبر الإقليم.
وأضاف: "سنرفع السعة من 5 ملايين طن إلى 20 مليون طن على خط دفريي-قارص الذي يعتبر من الأوردة الرئيسية لسكة حديد باكو-تبليسي-قارص".
ولفت إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في شباط/ فبراير الماضي ذهب إلى أذربيجان وأبرم العديد من الاتفاقيات، وأعلن في مؤتمر صحفي مع إلهام علييف، أنه سيتم بناء خط سكة حديد تمتد من قارص (شرق الأناضول)-أغدير (شرق تركيا)-ناختشيفان، إلى جانب خط للغاز من قارص إلى ناختشيفان.
طريق الحرير الحديدي التركي
وذكر الخبير، أن إنشاء خط سكة حديد بين ناختشيفان وتركيا هو خطوة سياسية هامة، فضلا عن مرور خط أنانبيب الغاز على الحدود معها عبر إغدير (شرق تركيا) وتوفير إمداد الغاز على الحدود بطول 160 كيلومترا.
وأضاف أن خط ناختشيفان مشروع ظهر على جدول الأعمال عام 2008، عندما تم وضع حجر الأساس لخط سكة حديد باكو-تبليسي-قارص، والذي تمت دراسته لأول مرة خلال تولي بن علي يلدريم وزارة النقل، وعلى الرغم من وجود بعض المشاكل في جورجيا بذلك الوقت، فقد تم تطوير المشروع، والتوقيع على مذكرة التفاهم بعد عامين من طرحه.
وأوضح أن أحد أهداف وزارة النقل التركية عام 2023، إنشاء ممر سكة حديد يربط بين القارتين من خلال تنفيذ "طريق الحرير الحديدي"، والذي سيمتد من أقصى آسيا إلى أوروبا الغربية.
ولفت إلى أنه في الوقت الحالي، بات ممر السكة الحديد المذكور، عمليا فعالا من خلال سكة حديد باكو-تبليسي-قارص، ومرمراي، وعلى المدى الطويل سيتم دمج خط سيواس (تقع المدينة بين العاصمة أنقرة ومنطقة قارص).
الشرق الاقصى وآسيا الوسطى
وذكر أنه إذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، فإنه بحلول عام 2034، سيكون لخط باكو-تبليسي-قارص القدرة على حمل ثلاثة ملايين مسافر، و17 مليون طن من البضائع.
وأضاف أنه بهذه الطريقة، سيتم ربط التعاون القائم بين "تركيا وناختشيفان وأذربيجان" بالشرق الأقصى وآسيا الوسطى، ما يسهم في زيادة التصدير.
وأكد أن "المجلس التركي" سيصبح أحد الجهات الفاعلة الرئيسة في المنطقة، كما أن النقل بين موانئ باكو الأذرية، وأتيراو الكازخستانية، وتركمانباشي التركمانية في آسيا الوسطى، سيخلق لها مجالا تجاريا واسعا مع جميع البلدان المجاورة.
وفي المقابل، فإنه بموجب اتفاقية أبرمت في عام 2004، تزود أذربيجان الغاز الطبيعي لهذه المنطقة (ناختشيفان) من مدينة أستارا الإيرانية على الحدود، في حين تعطي إيران 85 بالمئة من الغاز الذي تتلقاه إلى ناختشيفان، وعليه فإن سحب تركيا خط أنابيب الغاز من تلك المنطقة يمثل بعدا استراتيجيا بالنسبة لإيران.
ولفت الكاتب إلى أن الصين حاولت مؤخرا زيادة نفوذها في جنوب القوقاز، وعلى الرغم من أنها لم تستطع تحقيق ما تريده من المنطقة (ناختشيفان) فقد أصبحت أكبر شريك على صعيد الاستيراد لأذربيجان بعد تركيا وروسيا.
وأشار إلى أن موقع ومسافة وطريقة استخدام الممر المحتمل في ناختشيفان، قد يغير بشكل جذري الواقع في جنوب القوقاز، لاسيما على صعيد التجارة الثنائية والمتعددة، ونقل البضائع والسياحة حتى أسعار التذاكر.
وأكد أن ممر ناختشيفان، سيكون مفتاح السلام الاقتصادي والتعاون بين دول المنطقة، وعلى سبيل المثال، فإن الممر الذي سيتم فتحه سيقلل المسافة بين باكو وناختشيفان من 581 إلى 403 كيلومترات، كما أنه سيخفض المسافة بين أذربيجان وتركيا.
وشدد على أن الممر سيخلق فرصا جديدة ليس فقط لصالح أذربيجان وتركيا فقط، بل لإيران وأرمينيا، وبصرف النظر عن كون ناختشيفان بوابة لتركيا نحو "الجمهوريات التركية الأخرى"، فإنها تعد موقعا جيدا لبسط السلام والاستقرار في منطقة القوقاز، والتي تتأجج فيها الصراعات العدائية ذات الأبعاد الاقتصادية.
أكار: القوات التركية استكملت استعداداتها للذهاب لأذربيجان
هل تتوصل موسكو وأنقرة لاتفاق بسوريا على غرار "قره باغ"؟
أردوغان يعلن تشكيل قوة سلام مشتركة مع روسيا بـ"قره باغ"