اقتصاد عربي

ما دلالة إقالة رئيس أكبر بنك خاص بمصر؟.. اقتصاديون يجيبون

البنك التجاري الدولي يشكل الوزن النسبي الأكبر بالمؤشر الرئيسي للبورصة المصرية- جيتي

استيقظت مصر، الخميس، على وقع أزمة اقتصادية ومالية ومصرفية، وحديث عن فساد مالي كبير بأحد أكبر البنوك الخاصة، وسط تساؤلات وتكهنات لم تجد إجابة حتى الآن من الجهات الرسمية المصرية.

وأعلن البنك المركزي المصري، إقالة رئيس مجلس إدارة البنك التجاري الدولي "CIB"، أكبر بنك خاص بالسوق المصرية، هشام عزالعرب على خلفية تقرير للتفتيش الميداني، أسفر حسب بيان رسمي عن "وقوع مخالفات جسيمة لأحكام قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والتعليمات الرقابية"، قدرتها بعض الجهات بعجز نحو 130 مليون دولار.

وفي الوقت الذي شغل فيه منصب الرئيس غير التنفيذي الجديد لـ"CIB"، شريف سامي؛ تمت إقالة رئيس لجنة إدارة كرة القدم المصرية عمرو الجنايني، من عضوية مجلس إدارة البنك وإحالته للرقابة الإدارية، على خلفية الأزمة نفسها، وفق ما نشره رئيس مركز "طيبة للدراسات السياسية والاستراتيجية"، الأكاديمي خالد رفعت، عبر صفحته بـ"فيسبوك".



Posted by Khaled Refat Saleh on Thursday, October 22, 2020

 


ومع الساعات الأولى من صباح الخميس، نشرت صحف مصرية الخبر ثم قامت بإزالته بعد وقت قصير، ومنها اليوم السابع الأهم من بين الصحف التي تدار بواسطة المخابرات المصرية، وبعدها تم نشر الخبر وتأكيده في العديد من الصحف.

وحسب الباحث الاقتصادي محمد نصر الحويطي، فإن مواقع "اليوم السابع"، و"الوطن"، وموقع "أسواق العربية"، التابع لموقع "العربية نت"، جميعها حذفت الخبر بعد نشره، ما تسبب في الكثير من التساؤلات والتكهنات.

ولكن نشطاء تحدثوا عن القصة من زاوية أخرى، مشيرين إلى تسريب تسجيل صوتي لعمرو الجنايني عضو مجلس إدارة البنك المقال، يكشف عن قوله قبل أيام بأن "السيسي لا يعرف كرة القدم شكلها إيه"، وأشاروا إلى أن إقالة الجنايني وأزمة البنك ترجع إلى حديثه عن السيسي، وتأتي وسط الصراع القائم بين الجنايني ورئيس نادي الزمالك مرتضى منصور.

لكن؛ ما أثار الاستغراب في أوساط الاقتصاديين، هو أن تلك الإقالة لرئيس "CIB"، تأتي بعد أيام من إعلان مجلة "جلوبال فاينانس الدولية" المتخصصة بتقييم أداء البنوك، ومنح البنك جائزة 2020، الأفضل بالأسواق الناشئة لعام الثالث على التوالي.

رسالة للبنوك الخاصة

وفي تعليقه، قال الخبير الاقتصادي علي عبدالعزيز: "من المؤكد أنه لا يخلو بنك من مخالفات مصرفية وائتمانية"، مشيرا إلى "أن عدم الإفصاح عن طبيعة المخالفة التي ارتكبها مسؤولو البنك التجاري الدولي، يأتي في ظل نظام عسكري لا يتخذ إلا القرارات التي تعزز سيطرته على الدولة واقتصادها".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد أن "الأقرب لتفسير قرار البنك المركزي بإعمال البند (ط) من المادة ١٤٤ لقانون البنك المركزي ١٩٤ لسنة ٢٠٢٠، بعزل رئيس مجلس إدارة البنك؛ هو مزيد من فرض السيطرة على البنك ورسالة تهديد لبنوك خاصة أخرى".

وأضاف: "وخصوصا أن البنك حائز على ٣ جوائز الأفضل بالأسواق الناشئة، ويمتلك قيمة سوقية تبلغ ٦ مليار دولار، وقد يكون الهدف دفع البنك للاندماج ببنك آخر، أو تحجيم العمل المصرفي الخاص لصالح بنوك الدولة التي يديرها النظام العسكري".

وأكد أنه "في ظل غياب الشفافية واستخدام السلطات الواسعة للبنك المركزي بعد القانون الجديد، سينعكس هذا القرار على الاقتصاد وعلى الاستثمار الخاص والخارجي".

ولفت إلى أن "أزمة النظام الحالية؛ فيما يتعلق بفجوة الدولار التي تتزايد بشكل مستمر، والتي قد تصل لما يقارب ٤٠ مليار دولار 2021، قد تكون دافعا لفرض السيطرة على أموال البنوك الخاصة، وهو ما لن يعلنه النظام".

تعامل حاد له تبعاته


وفي رؤيته، قال الخبير الاقتصادي، أحمد ذكر الله: "يضع مجلس الإدارة المعايير الواجب التزام البنوك بها في تصنيف ما تقدمه من تمويل وتسهيلات ائتمانية، وفي تصنيف غير المنتظم منها والأرصدة الناتجة عن هذا التصنيف".

الأكاديمي المصري، أضاف لـ"عربي21": "يحدد كل بنك الإجراءات التي يجب اتخاذها لمعالجة التمويل والتسهيلات الائتمانية غير المنتظمة، وعلى إدارة كل بنك الالتزام بها، ويلتزم مراقبو الحسابات بالتأكد من اتباع إدارة البنك لها، وتسجيل ذلك بتقريرهم السنوي الذي يعرض مع القوائم المالية للبنك على جمعيته العامة، وبالتقارير ربع السنوية".

وأوضح، أنه "إذا ثبت للبنك المركزي من التقارير الرقابية مخالفة إدارة البنك لتلك المعايير، وجب إنذارها لإزالة المخالفة خلال 30 يوما، وإلا كان للبنك المركزي اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها بالمادتين (144) و (147) من القانون".

وقال إن "CIB أكبر بنك خاص بمصر؛ ومن ثم، فمن المفروض وجود تفتيش مالي دوري على أعمال المصرف، وكان من المنطقي أن تصدر نتائج التفتيش والكشف عما إذا كانت هناك مخالفات".

وتابع: "لكن اللجوء للأمر الأعلى بإقالة رئيس مجلس الإدارة؛ هو وضع حساس للغاية ويشوبه مجموعة من علامات الاستفهام والأسئلة التي لا يوجد عنها إجابة حتى الآن"، معتقدا أن "الموضوع له خلفيات بخلاف ما قاله البنك المركزي عن المخالفات المالية".

ذكر الله، أكد أن "الرجل المقال من منصبه حصل على العديد من الجوائز المصرفية مؤخرا، بعلم البنك المركزي، ولم يصدر عنه حسبما نعلم أية تقارير مخالفة، وهذا لا يعني أننا ندافع عنه، ولكن هنا حتى القوانين التي أقرت مؤخرا تمت مخالفتها بهذا الأمر طبقا لحدود المعلومات المنشورة".

وقال: "ربما يكون في الأمر شبهات سياسية وأمور أخرى لا أحد يعلمها؛ ولو تم تحويل عمرو الجنايني وحده كعضو بمجلس الإدارة إلى الرقابة المالية دون غيره من الأعضاء؛ فأعتقد أن الأمر قد يكون له علاقة بالموقف المحتدم بين رئيس نادي الزمالك مرتضى منصور، والجنايني".

وأضاف: "ما أستطيع تأكيده، أن أكبر بنك خاص بمصر يشكل الوزن النسبي الأكبر بالمؤشر الرئيسي للبورصة المصرية؛ ولا يمكن التعامل معه بهذه الحدة وبدون تمهيد سابق، وأن هذا الإجراء عندما يتخذ بليل، فإنه لاشك سيكون له تبعاته وتداعيات كبيرة على سوق المال المصري والجهاز المصرفي".

وطالب ذكر الله، بأن "يتبع هذا الأمر مجموعة من الإجراءات وعلى رأسها أن يطمئن البنك المركزي جمهور المودعين بالبنك على ودائعه، وعدم قلقلة الثقة لهذه الودائع وبالبنك، لأن الجهاز المصرفي يعتمد بالأساس على سمعته".

من جانبه، قال الكاتب الصحفي مصطفى عبدالسلام: "إقالة أكفأ رئيس بنك بمصر قرار غريب وتوقيته أغرب، هشام يدير منذ سنوات طويلة وبكفاءة عالية أكبر بنك خاص بمصر، وحول البنك إلى بنك إقليمي معروف على مستوى المنطقة العربية وأفريقيا".

وأضاف: "لم يشهد البنك في عهده نهبا لأموال المودعين كما حدث لبنوك حكومية كبرى، ولم يشهد البنك خلال رئاسته له اختلاسات ضخمة أو حتى متوسطة الحجم، بل عمليات تعثر عادية تحدث بكل دول العالم، لم يتورط في منح قروض كان يتم منحها بالتليفون، وكان يطبق أعلى المعايير المصرفية بعمليات منح القروض والحوكمة وغيرها".

وتساءل عبدالسلام عبر صفحته بـ"فيسبوك": "ماذا حدث حتى يجعل البنك المركزي يصدر هذا القرار الملفت؟، هل السبب يرجع لأسباب مهنية وفنية ومصرفية، أم هناك أسباب أخرى، شخصية مثلا، وما هي؟".

 

Posted by ‎مصطفى عبد السلام‎ on Thursday, October 22, 2020