سياسة عربية

بعد تصدره برلمان 2015.. كيف انهار حزب "المصريين الأحرار"؟

حزب "المصريين الأحرار" خسر نوابه وقاطع انتخابات الشيوخ وتهاوى قبيل الانتخابات البرلمانية- مواقع التواصل

تستعد الأحزاب المصرية لخوض انتخابات مجلس النواب الثانية منذ الانقلاب العسكري في تموز/ يوليو 2013، وقد تغيرت خريطة الأحزاب السياسية بشكل كبير بعد هيمنة حزب "مستقبل وطن"، على المشهد السياسي على حساب حزب "المصريين الأحرار"، المتصدر في انتخابات 2015.

وحصد حزب "المصريين الأحرار" 65 مقعدا في برلمان 2015، ليصبح أكبر حزب تحت قبة البرلمان، متفوقا على "مستقبل وطن" (50 مقعدا)، و"الوفد" (45 مقعدا)، ولكن هذا العدد تراجع إلى بضعة نواب فقط بعد استقالة العشرات؛ بسبب الصراع بين مؤسس الحزب الملياردير القبطي نجيب ساويرس ورئيسه عصام خليل.

وبدأ نجم الحزب في الأفول مع بدء انفراط عقد النواب المكون من 65 نائبا في 2016، واحتدام الصراع بين مؤسس الحزب ورئيسه، انتهى بترك ساويرس "الجمل بما حمل"، وقاطع انتخابات مجلس الشيوخ؛ بسبب الخلاف مع حزب "مستقبل وطن".

 

 

 


ولكن يبدو أن الخلاف كان أكبر من مجرد صراع بين مؤسس الحزب ورئيسه، إذ أتبع ساويرس تغريدته بأخرى، قال فيها في نبرة اليائس: "الموضوع أكبر من حزب ومش محل هزار".

 

 

 

 

وأسس "ساويرس" الحزب في نيسان/ أبريل 2011، وخاض انتخابات برلمان 2011، ضمن تحالف "الكتلة المصرية"، الذي ضم حزبي "المصري الديمقراطي الاجتماعي" و"التجمع"، وحصل على 34 مقعدا من أصل 498 مقعدا (أي 7%).

"تلاشي المصريين الأحرار"

وما زاد الطين بلة، وفق أعضاء بحزب المصريين الأحرار، مفاوضات القائمة الوطنية الموحدة لخوض انتخابات البرلمان المقبلة لتعمق الخلافات بين "المصريين الأحرار"، و"مستقل وطن"، أدت بدورها إلى حدوث انشقاقات حادة داخل الحزب، واستقالة من تبقى منهم، وخوضهم الانتخابات كمستقلين أو عن حزب مستقبل وطن.

وتجرى انتخابات مجلس النواب على مرحلتين، الأولى على مدار يومي 24 و25 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، فيما تجرى انتخابات المرحلة الثانية يومي 7 و8 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، مع إعلان النتائج النهائية للانتخابات في موعد أقصاه 14 كانون الأول/ ديسمبر 2020.

كان آخر المستقيلين رئيس الهيئة البرلمانية للحزب، أيمن أبو العلا، والنائبين أحمد علي، عاطف مخاليف الذي قرر خوضه الانتخابات بدائرة المطرية كمستقل، وفق تصريحات لـ"عربي21"، الذي أكد فيها أن "الحزب مات إكلينيكيا"، بسبب سوء الإدارة والاستئثار بالسلطة.

 

اقرأ أيضا: "علي" يدعو المصريين لاحتجاجات مسائية.. وتظاهرات بالخارج

وأشار أبو العلا في بيان استقالته إلى أن "الحزب تحول من حزب المصريين الأحرار، إلى حزب عصام خليل ومن حوله، وإغلاق العديد من المقرات"، مشيرا إلى أن "ما يحدث الآن هو هدم للحزب بفعل فاعل، وهدم للكيان الذي مارسنا فيه عملا سياسيا نظيفا في الماضي".

"هكذا سقط المصريين الأحرار"

وكشف النائب عاطف مخاليف، أحد المساهمين في تأسيس الحزب، لـ"عربي21" عن خوضه الانتخابات كمستقل بعد استقالته من حزب المصريين الأحرار، قائلا: "شاركت في بناء الحزب، وسأخوض الانتخابات كمستقل ولن أقرع باب أي حزب".

واتهم المسؤولين عن الحزب بـ "تفكيك الحزب وقوقعة دوره في أمور صغيرة، وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير غيابنا عن انتخابات مجلس الشيوخ، والإخفاق في الوصول إلى تفاهمات بشأن خوض انتخابات البرلمان المقبل"، مشيرا إلى أن "الحزب جُمِدَ بطريقة أو بأخرى".

ونفى أن تكون هناك مؤامرات خارجية على الحزب، مؤكدا أن "الأزمة هي من داخل الحزب بسبب سوء الإدارة والتعنت من قبل المسؤول عن الحزب والقيادات السياسية بداخله"، لافتا إلى أن "بوادر الأزمة بدأت منذ ترك ساويرس الحزب من خلال مؤامرة واضحة ضد المؤسس، وهو العامود المالي للحزب، ومن بعدها هدم أعمدة سياسية أخرى داخل الحزب، حتى أصبح البعض يهرول للأحزاب المنافسة".

"غياب مفهوم الدولة الديمقراطية"

وفي معرض تعليقه؛ قال النائب السابق، نزار محمود غراب، إن "النظام السياسي المصري لا يعرف مفاهيم تداول السلطة أو المحاسبة والمسؤولية أو حرية تكوين الأحزاب أو الخضوع لرقابة برلمان أو سيادة قانون، النظام السياسي المصري يستوفي مجرد شكل زائف للدولة الديمقراطية للتسويق الدولي، وتحت قبضة الأمن وبمعرفته يتم إدارة الحياة السياسية في مصر".

وأوضح، في حديثه لـ"عربي21"، أن "ساويرس تحديدا وأمواله ومباشرته للنشاط السياسي موضوع آخر تماما له بواطنه تبعا لدوره الدولي والمصالح الإقليمية والمحلية، كما لا أنسى أنني في حقبة مبارك تقدمت بشكوى ضده بنيابة أمن الدولة لإثارته الفتنة الطائفية في برنامج على BBC ومطالبته إلغاء المادة الثانية من الدستور، تنص على (الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع)".

وأضاف: "استشعرت أن الموضوع ليس سيادة القانون، بل إدارة صراع بين الدولة وبين ساويرس عبر استخدام بلاغي ضده حيث طالبني المحامي العام لنيابة أمن الدولة بتقديم المنسوب لساويرس للنيابة فقلت له خاطبوا الـ BBC لتقديمه لكم فقال لي لا نريد أن نكون طرفا".

"تغيير خريطة الأحزاب"

بدوره، قال البرلماني المصري السابق، الدكتور محمد جابر، إن "الدولة المصرية شيء والنظام السياسي شيء آخر، فهم يسخّرون كل الأدوات لصالحهم ولا يضعون اعتبارا لأحد أو لشيء إلا مصلحتهم الخاصة، وهدفهم القضاء التام على أي صورة للحياة السياسية".

مضيفا لـ"عربي21": "النظام السياسي الحالي يريد كل شيء (النواب والشيوخ) من خلال رجاله الذين يصنعهم على عينه، وليس من خلال الموالين له فحسب، لذلك نجد الخريطة السياسية للأحزاب تبدلت وتغيرت لصالح حزب بعينه".