كشفت قوى سياسية في البرلمان العراقي عن محاولات لإقرار قانون التجنيد الإلزامي في الجيش، وذلك بعد 17 عاما من إلغائه بقرار من الحاكم الأمريكي المدني بول بريمر إبان احتلال العراق عام 2003.
وفي تصريحات صحفية أكد النائب العراقي بدر الزيادي، الاثنين الماضي، وجود جهود مكثفة لإقرار قانون الخدمة الإلزامية تمهيدا لتطبيقه فعليا مطلع العام المقبل، لافتا إلى وجود إجماع سياسي على تمريره.
تأييد حكومي
من جهته، قال النائب عبد الخالق العزاوي عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية لـ"عربي21" إن "القانون يجب أن يأتي من الحكومة إلى البرلمان حتى يناقش في اللجنة المعنية، وبعدها يقدم على جدول الأعمال لتشريعه".
وأوضح العزاوي أن "القانون اقترحته لجنة الأمن والدفاع البرلمانية على الحكومة السابقة برئاسة عادل عبد المهدي، لكنه لم يوافق على إعادة الخدمة الإلزامية".
ولفت إلى أن "رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي وافق على القانون وطالب منا دراسته وأبلغنا بأن الحكومة سترسل قانونا أيضا للبرلمان"، مؤكدا أن "لجنة الأمن والدفاع أعدّت القانون ودرسته، لكن من غير المعلوم حتى الآن ما إذا كان سيناقش في جلسة البرلمان المقبلة أم لا".
وبخصوص توافق الأحزاب السياسية على تمرير القانون، قال العزاوي إن "لجنة الأمن والدفاع هي منبثقة من أحزاب وقوى سياسية متشكل منها البرلمان، ونحن في اللجنة متفقون على القانون وحتما هؤلاء الأعضاء أبلغوا كتلهم السياسية".
وبخصوص إمكانية استيعاب الأعداد الكبيرة في ظل وجود أكثر من مليون رجل أمن في مختلف الأجهزة الأمنية بالعراق، قال العزاوي إن "قطعات في الجيش العراقي بحاجة إلى المزيد من الأفراد، وكذلك تزيد هذه الأعداد من قوة الجيش".
باب للفساد
ورأى العزاوي أن "من إيجابيات القانون، القضاء على الطائفية، وصقل شخصية الشاب العراقي من خلال التدريب المنضبط، وكذلك العمل على إنهاء سلبيات كثيرة في المجتمع"، مستبعدا أن "تكون أهدافا سياسية تقف وراء تحريك القانون في الوقت الحالي".
وفي السياق ذاته، قال الخبير الأمني والاستراتيجي، فاضل أبو رغيف في حديث لـ"عربي21" إن "من منافع القانون أنه يردم هوة الطائفية ويصهر كل الانتماءات العرقية والعقائدية والقومية في بوتقة الوطن، ويساوي بين أطياف المجتمع في قالب واحد وهو خدمة العلم العراقي".
لكن أبو رغيف أكد أن "القانون لا يخلو من السلبيات، وواحد منها فتح باب جديد من أبواب الفساد، بدءا من المصاريف التي ترافق عمليات التجنيد من ملابس وعقود إطعام وغيرها، وذلك يشكل عبئا ماليا جديدا".
خلافات سياسية
وحول إمكانية تمريره في البرلمان، قال أبو رغيف إن "كتل كثيرة لا ترغب بإقرار القانون، فالأكراد على سبيل المثال سيعارضون ذلك لأن المخاوف من تكرار تجربة النظام السابق في استخدام الجيش ضدهم لا تزال تراود أفكارهم، ولهم الحق في ذلك".
وأكد أبو رغيف "وجود مناكفات داخلية بين الكتل السياسية الشيعية وانقسام حول إقرار القانون، إذ يرغب البعض بإقراره لغرض تفريغ عسكرة المجتمع في الخدمة العسكرية، وآخرون يريدون بإقراره تقويض نفوذ دول خارجية مسيطرة على بعض المنافذ الحدودية والجماعات المتطرفة".
وجزم الخبير الأمني فاضل أبو رغيف بأن "قانون الخدمة الإلزامية لن يرى النور أبدا ولن يقره البرلمان العراقي، وحتى إذا أقره فلن يطبق بالصورة الصحيحة".
وكان المتحدث الإعلامي باسم حكومة الكاظمي، أحمد ملا طلال، قد أعلن في مؤتمره الصحفي، الاثنين الماضي، أنه "لا حديث داخل أروقة مجلس الوزراء بشأن قانون التجنيد الإلزامي".
سنّ الخدمة
وفي تفاصيل القانون المقترح، أكد عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية بدر الزيادي، أن "قانون الخدمة الالزامية قد تم إعداده منذ مدة ليست بالقصيرة وحصلت عليه بعض النقاشات داخل مجلس النواب للوصول إلى صيغة نهائية يمكن التوافق عليها".
ونقلت صحيفة "الصباح الجديد" العراقية عن الزيادي، قوله إن "المشروع أصبح حاليا في عهدة لجنتا، والسعي متواصل لوضع اللمسات الأخيرة، ولكي يكون جاهزا للتصويت".
وأشار إلى أن "لجنة الأمن والدفاع قد وضعت هذا القانون ضمن أولويات عملها ومن الممكن جدا أن يتم التصويت عليه في الجلسات الأولى للبرلمان المؤمل انعقادها خلال الشهر المقبل".
وبين الزيادي أن "الاتفاق هو أن يتم العمل بالقانون بعد التصويت عليه مطلع العام المقبل، والجميع ذاهب إلى هذا الاتجاه وليس هناك رجعة عنه تحت أي ضغط"، مؤكدا أن "التجنيد الالزامي وفق هذا القانون، سيكون للأعمار التي لم تخدم في العسكرية بعد 2003، فالجميع سيكون مشمولا بالقانون".
يشار إلى أن وزارة الدفاع العراقية سبق أن أعدت دراسة موسعة بغية إكمال كل الإجراءات اللازمة لتفعيل هذه الخطوة، خاصة ما يتعلق بالبنى التحتية من معسكرات تدريب، حين يتم استدعاء مواليد محددة.
وعلى إثر ذلك، أثير جدل حول الأعمار المشمولة بالخدمة الإلزامية فمنهم من يرى بتأدية كل من لم يؤدها قبل الاحتلال الأمريكي، في حين رأت جهات أخرى مؤيدة تحديد عمر المشمولين من 25 إلى 30 عاما، حسبما ذكرت مواقع محلية.
خبراء: اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا يضع السيسي بمأزق
لإعادة مليارات.. هل تعقد حكومة العراق "صفقة" مع الفاسدين؟
صراع مبكر بالعراق حول الجهة المعنية بتشكيل الحكومة المقبلة