ملفات وتقارير

هل يصلح بايدن ما أفسده ترامب في القضية الفلسطينية؟

بعثت 100 مجموعة رسالة إلى بايدن تطالبه فيها بتبني سياسات "عادلة" إزاء القضية الفلسطينية- جيتي

تعززت في الآونة الأخيرة آمال المرشح الديمقراطي لرئاسة الولايات المتحدة، جو بايدن، بالتمكن من انتزاع المنصب من الجمهوري دونالد ترامب، في الانتخابات المقرر إجراؤها في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، ما يطرح تساؤلات بشأن موقفه من القضية الفلسطينية حال تحقق له الفوز.

وكان بايدن قد تسبب بخيبة أمل عميقة للفلسطينيين وأنصار قضيتهم في الولايات المتحدة عندما تعهد أمام 250 متبرعا للحملات الانتخابية، نهاية نيسان/ أبريل الماضي، بالإبقاء على السفارة الأمريكية لدى إسرائيل في القدس المحتلة إذا تم انتخابه رئيسا، رغم رفض الديمقراطيين الشديد لقيام ترامب بنقلها من تل أبيب إلى المدينة الفلسطينية قبل عامين.

لكن بايدن تعهد في الوقت ذاته بالدفع نحو "إحياء حل الدولتين"، الذي يعتبر الفلسطينيون أن "صفقة القرن" قضت عليه نهائيا، وهي التي عمل فريق ترامب مع حكومة الاحتلال وأطراف إقليمية على بلورتها خلال العامين الماضيين، وتقضي بأن تنتزع إسرائيل مساحات واسعة من الضفة الغربية.

"لا أفق"

وطرح الكاتب "ألاين كاتزفليس" التساؤل عن ما إذا كان بايدن سيتمكن بالفعل من الدفع بذلك الاتجاه، رغم كون اتفاقية "أوسلو" التي أسست لحل الدولتين قد باتت بالفعل بحكم الميتة تماما.

واعتبر "كاتزفليس" في مقال نشره موقع "بايلاين تايمز"، وترجمته "عربي21"، أن "الفوضى في المنطقة" تعقد المشهد، مشيرا إلى أن حسابات إقليمية ودولية مهدت الطريق أمام إسرائيل خلال السنوات الماضية، لكنها غير مستقرة أو دائمة، وقد تسير في الاتجاه المعاكس.

 

اقرأ أيضا: هذه أكثر الشركات إنفاقا للتأثير على البيت الأبيض..من يحكم من؟

وأشار الكاتب إلى أن خطة ترامب كانت تهدف إلى "افتعال صدمة لدى الفلسطينيين تدفعهم إلى الشعور بأنهم محاصرون في الزاوية" وليس أمامهم سوى الرضوخ.

لكن "كاتزفليس" رأى أن ذلك لم يفلح في وضع حد لـ"المأساة الإنسانية والسياسية المستمرة منذ أكثر من قرن"، مشددا على غياب أي أفق لذلك بغض النظر عن هوية من سيكون في المكتب البيضاوي.

سياسة "اللا حل"

من جانب آخر، فإن الرئيس السابق، الديمقراطي باراك أوباما، لم يتمكن خلال سنوات حكمة الثمانية، من تحقيق إنجاز يذكر في "مسار السلام" بالشرق الأوسط وإنقاذ "أوسو"، الموقعة عام 1993، والتي كان عرابها الديمقراطي الآخر "بيل كلينتون".

وفي الواقع، فإن اختيار بايدن، الذي كان نائبا لأوباما، لخوض الانتخابات مرشحا للحزب الديمقراطي، عكس توجها في أروقة الحزب نحو "وسطية" بين يمينية القاعدة الشعبية التي تصوت لترامب وللحزب الجمهوري، من جهة، ويسارية التقدميين في الحزب الديمقراطي، ويمثلهم السيناتور "بيرني ساندرز"، الذي أعرب صراحة وفي مناسبات مختلفة عن دعمه لحقوق الشعب الفلسطيني ومعاداته للوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة.

لكن هذه المناورة التي تسعى لسحب بعض الأصوات، فضلا عن حسابات الدعم المالي والإعلامي من قبل المؤسسات الداعمة لإسرائيل، من يدي ترامب، والتقدم خطوة نحو الإطاحة به، يبدو أنها لن تقود إلى إدارة تفرض حلا "أكثر عدالة" بالنسبة للفلسطينيين، بل إلى مقاربة "لا حل" جديدة.

 

اقرأ أيضا: هل "تتآمر" مؤسسة الحزب الديمقراطي الأمريكي ضد ساندرز؟

"على يمين أوباما"

ورغم تأكيد بايدن رفض ضم إسرائيل لأجزاء من الضفة الغربية، منتصف حزيران/ يونيو الماضي، فإن مساعده للسياسة الخارجية، توني بلينكن، كان قد شدد قبلها بشهر على أن إدارة ديمقراطية للولايات المتحدة لن تخفض أو توقف دعمها الاحتلال حتى لو أقدم على الخطوة، بحسب تقرير لموقع "كودبنك".

وفي الواقع، أعرب 67 بالمئة من الأمريكيين، جلهم من الديمقراطيين، في استطلاع أجرته صحيفة "واشنطن بوست"، عن اعتقادهم بأنه من المتقبل أو الواجب على من يتولى الرئاسة أن يعيد تقييم العلاقة مع إسرائيل. كما بعثت 100 مجموعة رسالة إلى بايدن تطالبه فيها بتبني سياسات "عادلة" إزاء القضية الفلسطينية.

وأشار تقرير "كدوبنك" إلى قلق متزايد في أوساط ديمقراطية من اتخاذ بايدن سياسات "على يمين" تلك التي كان ينتهجها أوباما بشأن إسرائيل، موضحا أن الأخير كان على صدام مع الاحتلال بشأن المستوطنات على الأقل.

 

وبات مستقبل خطة "الضم" ضبابيا وسط أنباء عن تسبب تردد ترامب بعرقلتها، وسط ضغوط ضدها من المجتمع الدولي ومن جهات أمنية وعسكرية إسرائيلية أيضا. ورغم استبعاد أن يقوم بايدن بدفع الاحتلال نحو المضي بهذا المسار، إلا أنه لن يقوم بمعالجة أي من الأزمات التي خلقها للفلسطينيين على مدار السنوات الماضية، وسط "تنكر" لها، بحسب وصف التقرير.